الوصايا الموجزة التي تأمنوا بها على أنفسكم ومعروفكم من الضياع بإذن الله تعالى :
أولها : اقصد بعملك وجهَ الله تعالى واتبع فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يصلح العمل إلا بهذين الشرطين؛ " فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " [الكهف] .
ثانيها : لا تتأخر في الاستجابة لنداء المعروف بل سارع فيه بنفس طيبة راضية سعيدة فإن ذلك من التقوى؛ فإن اللهَ يقول : " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " [آل عمران] .
واستمع إلى نادرةٍ من نوادر المعروف وهي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يصلي نفلا وكان مولاه نافع جالسا بقربه ينتظر منه أي أمر يحتاج إليه ليؤديه ولا يخفى أن نافعًا كان من كبار العلماء وأنه من رواة موطأ الإمام مالك رحمه الله وقد أحبه عبد الله بن عمر حبا شديدا لِمَا وجد من صفات عالية وفي أثناء قراءة عبد الله بن عمر في صلاته وصل إلى قوله سبحانه وتعالى : " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " [آل عمران] فأشار عبد الله بن عمر رضي الله عنه بيده فلم يفهم نافع؛ لم يشر مع شديد حرصه على تنفيذ ذلك فبقي ينتظر تسليمه ليسأله : إلى ماذا يشير ؟ فقال عبد الله - رضي الله عنه : تأملت فيما أملك فما وجدت أعزّ لي منك، فأحببت أن أشير إليك بالعتق وأنا في الصلاة خوفا أن تغلبني نفسي فأعدل عن ذلك بعد الصلاة، فلذلك أشرت فبادر نافع – رحمه الله – وقال: إذًا الصحبة. فقال ابن عمر : لك ذلك .
ثالثُها : إذا وفقك الله لصنع المعروف فأحسن فيه واجتهد فإن الله يقول : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [يونس]
وضع نفسك في حال أخيك الذي احتاج إليك، وتذكَّر قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»
رابعها : لا تذكر نفسك بمعروف، ولا تمنَّ به على من تكرمت به عليه، ولا تحدَّث به أحدًا من الناس إلا إذا رأيت مصلحة في ذلك؛ فإن الله يقول : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة ]
واعلم يقينًا أنه قد وضع في ميزانك عند الله الكريم ولو أنكره أهله .
خامسها : كافئ من صنع لك معروفًا ولو بكلمة طيبة فإن ذلك يساعدك بعد الله على صنع المعروف؛ فإن الله يقول : " وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ".
الشيخ احمد جاد
مدير عام المتابعة بأوقاف القليوبية
اترك تعليق