هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

بعد قرار بايدن بخصوص المملكة العربية السعودية.. حصان طروادة الأمريكي.. للهيمنة علي العالم!!

هناك مقولة شهيرة. مؤداها أن الولايات المتحدة يحكمها حزب واحد. له جناحان. هما ¢الديمقراطي¢ و¢الجمهوري¢. يجسد هذه المقولة ما تناقلته وسائل الإعلام حول تراجع الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن ¢الديمقراطي¢ عن التهديدات التي أطلقها خلال حملته الانتخابية من انه سيتخذ إجراءات ضد السعودية علي خلفية واقعة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول وحرب اليمن وغير ذلك مما أثاره أثناء حملته الانتخابية.


دعم المعارضة ومنظمات المجتمع المدني.. لابتزاز الحكومات
التضحية بالحلفاء.. إذا تعارض وجودهم مع مصالح الولايات المتحدة!!
"حقوق الإنسان" و"الديمقراطية".. شعارات للمتاجرة وليست مبادئ 
 كيف تصطدم قرارات الدبلوماسية في واشنطن مع استقامة الأخلاق؟؟
"فيليب آجي" ضابط الـ "سي آي أيه".. فضح أدوات اختراق الدول المستهدفة

 

من غير شك. فإن هذا التراجع لا يعني شيئًا غير ما فعله الرئيس السابق دونالد ترامب ¢الجمهوري¢. عندما تجاهل القضية. حرصًا علي المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة المرتبطة بعلاقات واشنطن مع الرياض. 

كمرشح رئاسي. وعد جو بايدن بـ"عزل" المملكة العربية السعودية ولكن عندما حان الوقت لتنفيذ هذا الوعد فعليًا. تغلبت المصالح الاستراتيجية لأمريكا.

كان لا بد من التطرق لهذه الواقعة حديثة العهد. كمقدمة لما سيأتي ذكره حول علاقة الولايات المتحدة بمنظمات المجتمع المدني وغيرها من التنظيمات السياسية المعارضة. وكذلك الحكومات. التي تستند في وجودها علي الدعم الأمريكي. ظنًا - أو توهمًا - منها أن واشنطن ستحميها. وتغافلًا - أو تغفُّلًا - منها عن أنه سيتم التضحية بها أو التخلص منها متي ما تعارض وجودها مع المصالح الأمريكية!! 

والحقيقة أن المسئولين الأمريكيين يتحدثون كثيرًا عن حقوق المجتمع المدني في العالم العربي. وحقوق المرأة. وغير ذلك من لافتات يتاجر بها هؤلاء المسئولون داخليًا في حملاتهم الانتخابية وخارجيا لتأليب بعض الفئات ضد الحكام كوسيلة للضغط عليهم من أجل تحقيق المصالح الأمريكية. وها هو الواقع يتجسد امام الجميع بلا مواربة!

يقول تقرير لوكالة أسوشيتد برس إن القرار يلقي الضوء علي الكيفية التي تصطدم بها قرارات الدبلوماسية مع استقامة الأخلاق. ولا يوجد مكان يصبح فيه هذا اللغز أكثر وضوحًا منه في علاقة الولايات المتحدة المعقدة مع المملكة العربية السعودية -عملاق النفط في العالم. وعميل الأسلحة الأمريكي والثقل الموازن لإيران في الشرق الأوسط.

عند سؤال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس حول تراجع بايدن عن وعده بعزل السعوديين. أجاب بقوله: ¢لا يمكن إنكار أن المملكة العربية السعودية دولة ذات نفوذ كبير في العالم العربي¢.

نفاق مفضوح
مما يجسد الازدواجية الصريحة والنفاق المفضوح. في السياسة الأمريكية. ما قاله مارك وارنر. رئيس المخابرات بمجلس الشيوخ. وهو ديمقراطي عن ولاية فرجينيا. لوكالة أسوشيتد برس إنه ¢منفتح علي المزيد من العقوبات¢. لكن وارنر شدد. أيضًا. علي أن الولايات المتحدة "بحاجة إلي الحفاظ علي العلاقة مع المملكة العربية السعودية".

قال وارنر: "إنها منطقة شديدة الخطورة. والسعوديون حاسمون فيما يتعلق بمواصلة الضغط علي إيران".
كان تقرير. نشره موقع عربي بوست. مترجمًا عن موقع ميدل إيست آي البريطاني. قد ذكر إن البيانات والتصريحات العامة التي أدلي بها بايدن. خلال حملته الانتخابية. لا تكشف إلا عن أدلة قليلة علي الالتزام الأخلاقي بالديمقراطية. والواقع أن كل الأدلة تشير إلي الاتجاه المعاكس. وأفضل طريقة لتصور كيفية تعامل بايدن كرئيس مع الشرق الأوسط هي أن نتذكر أنه كان نائب رئيس باراك أوباما لمدة ثماني سنوات. وقد استشير بايدن حول جميع القرارات الرئيسية التي اتخذها أوباما.

هنا يظهر السؤال التالي: كيف يمكن لبايدن كرئيس أن يتجاوب مع لحظة أخري مما يسمي ¢الربيع العربي¢؟

المؤكد أن بايدن أكثر ترديدًا من ترامب للزعم القائل بأن دعم الولايات المتحدة لحقوق الإنسان والديمقراطية قيم أساسية يجب دعمها عالمياً.

الانتظار والترقب
فيما يتعلق بالتظاهرات العامة في الدول التي تعد خصوماً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فمن المحتمل أن يكون هناك دعم فوري للمتظاهرين ودعم مفتوح للتغيير السياسي. بما في ذلك ¢التخلص من القادة الاستبداديين¢. لكن من المرجح أن يحدث العكس عندما يتعلق الأمر بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. مع تبني نهج الانتظار والترقب!!

يشير التقرير إلي أنه إذا اندلعت احتجاجات شعبية واسعة النطاق في بلد تدعمه واشنطن. فإن دعمها لهذا النظام سيقترن بمطالب أولية للإصلاح. مع الهدف النهائي المتمثل في الحفاظ علي الوضع القائم. ربما مع بعض التغييرات التجميلية. وسيُطلب ضبط النفس ووقف التصعيد من ¢جميع الأطراف¢.

إن مراسلات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون. التي تم تسريبها. والسياسات التي تمت خلال حكم إدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما. المرتكزة علي قضية نشر الديمقراطية. والتعويل علي حركات الإسلام السياسي» ومن بينها تنظيم الإخوان المسلمين. ربما تكشف كيف يمكن أن تكون سياسات بايدن تجاه منطقة الشرق الأوسط. خاصة في ظل التطورات التي شهدتها المنطقة خلال حكم دونالد ترامب. سواء تجاه السياسات العدائية التي اتخذتها إدارة ترامب ضد إيران. أو تجاه دول الخليج التي أصبحت تتخوف من سياسات إدارة بايدن. نتيجة الخط السياسي العام الذي ينتهجه الحزب الديمقراطي مما يسمي قضية نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرب في اليمن والصراع في منطقة الخليج. أو حتي تجاه القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

موت المثل العليا
في دراسة للباحث منصور أبوكريم نشرها موقع المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية. الاقتصادية والسياسية. يقول: لا شك في أن الشرق الأوسط هو المكان الذي ماتت فيه المثل العليا للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في حقبة ما بعد الحرب الباردة.
لا يري برنامج بايدن أن تتخلي الولايات المتحدة عن المنطقة ولا عن شركائها حيث لا تزال لديها مصالح دائمة فيها.

يوجه بايدن انتقادات إلي تركيا بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان. "هنا يثور التساؤل: وماذا عن عضوية أنقرة في حلف الناتو؟؟ هل يمكن لبايدن أن يتبني نهجًا يهدف لإخراج أنقرة من عضوية الحلف. عقابا لها علي هذه الانتهاكات؟؟". 

تقول الدراسة إن هناك شبه اجماع في أوساط المراقبين علي أن بايدن لن يولي منطقة الشرق الاوسط الاهتمام الذي كانت تحظي به من الادارات الأمريكية المتعاقبة بسبب تراجع اهمية النفط وموقف بايدن المؤيد للحد من تغيرات المناخ والتوجه الي مصادر طاقة نظيفة. وبسبب التحديات الأخري التي يري بايدن أنها تمثل مصدر تهديد مباشر لمصالح ومكانة وموقع الولايات المتحدة علي الصعيد العالمي. مثل شرق آسيا وغيرها.

الانسحاب التدريجي
يري البعض أنه من المنتظر ألا تنغمس الإدارة الديمقراطية في قضايا الشرق الأوسط. بل يمكن أن تعود الولايات المتحدة لفكرة القيادة من الخلف وعدم التدخل والانسحاب التدريجي. مع ممارسة بعض الضغوط علي دول المنطقة فيما يتعلق بما تسميه ¢قضايا حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي¢. وذلك بدون الدخول في صدامات مباشرة مع أنظمة المنطقة. مع إمكانية تحسين علاقاتها بإيران عبر العودة لطاولة المفاوضات الدولية من جديد. لكن بشروط مختلفة.

وفي رأي للكاتب الأردني عمر الرداد. علي موقع "حفريات". فلا أحد يستطيع أن يجادل أو يتجاوز حقيقة أنّ الكشف عن مراسلات هيلاري كلينتون. حينما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية. مع قيادات الإسلام السياسي في المنطقة. بشقيه "السنّي والشيعي". إنما جاءت في إطار حملات انتخابية "مسعورة" بين الجانبين.

مع التسليم بما يقوله الرداد. يحق لنا التأكيد أن السياسة الأمريكية بالمنطقة -كما يتضح من موقف بايدن وقبله ترامب - حيال ما تتشدق به واشنطن حول حقوق الإنسان والمجتمع المدني. قد أسفرت عن وجهها لتؤكد أن المصالح تسحق الشعارات ولا نقول المبادئ!! 
يبقي أن نوايا الديمقراطيين بخصوص مشروعهم بالتحالف مع الإسلام السياسي والإخوان. قد اتضحت بعد ان تغيرت الظروف. استناداً لتصريحات للرئيس أوباما. أطلقها في آخر أيام رئاسته. وعبّر فيها عن خيبته من الإسلام السياسي وزعامته في المنطقة. وأنه لا بدّ لأمريكا من ترك الشرق الأوسط بمشاكله المعقدة. والذهاب شرقاً ¢جنوب شرق آسيا¢. حيث الفرص التاريخية في الاستثمار والتنمية!!

رأس حربة
غني عن القول إن منظمات المجتمع المدني أصبحت حصان طروادة الذي تمتطيه القوي الاستعمارية للتغلغل في أعماق المجتمع واستهدافه من الخارج. فتحت عنوان: أسرار الاختراق الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني في العالم العربي. يؤكد الكاتب التونسي. أحمد النظيف. في مقال له علي موقع عربي برس. إنه. يتم استخدام هذه المنظمات كرأس حربة في برامج تسويق المثال الأمريكي ومن أخطر الوسائل المعروفة لتحقيق ذلك. ضخ الأموال إليها بطريقة مباشرة أو عن طريق جماعات تنوب عنها. عادة ما تكون ملوثة سياسياً. وتتستر هذه الأموال تحت دعاوي إنسانية وديمقراطية في غالب الأحيان.

يشير إلي أن السنوات الأخيرة شهدت تنامياً كبيراً في حجم التمويل الخارجي لهذه المنظمات. سواء كانت مصادر التمويل ممنوحة من الحكومة الأمريكية. أو من مؤسسات غير حكومية أمريكية إلي أفراد أو مؤسسات غير حكومية لتحقيق أهداف ذات طبيعة سياسية. أو اجتماعية. أو ثقافية. وتزايد الجدل حول اتساع دور وحجم التمويل في الدول العربية بعد ثورات الربيع العربي. ولعل ما شهدته مصر من محاكمات النشطاء في المجتمع المدني والمتهمين بتمويل منظمات مدنية يلفت الانتباه إلي هذا الملف الخطير.

فيليب آجي وأشكال الاختراق
يعدد الباحث والمفكر د.خالد صقر أشكال الاختراق الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني في العالم في دراسة له حول كتاب ¢داخل الشركة: يوميات سي آي أيه¢ Inside the company: C.I.A. Diary للكاتب الأمريكي فيليب آجي Agee Philip الذي كان ضابطاً في المخابرات المركزية الأمريكية خلال الستينيات وهو كتاب خطير فيه الكثير من المعلومات بالغة الأهمية عن اختراق الاستخبارات الأمريكية للعديد من منظمات المجتمع المدني في عشرات الدول حول العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية مباشرة ومع تجسد الطموحات الامبراطورية الأمريكية. ويتخذ الاختراق الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني. كما يتضح من تأمل ودراسة كتاب فيليب. آجي وغيره. ثلاثة أشكال: 

الشكل الأول: التجنيد الاستخباراتي لعدد من رموز النخبة السياسية في الدولة المستهدفة وتمويلهم لاصطناع منظمات مدنية من الصفر تقوم بالتسويق للرؤي والسياسات الأمريكية في الداخل.

الشكل الثاني: تمويل المنظمات القائمة بالفعل مادياً لاتخاذ مواقف سياسية محددة سلفاً تفيد سياسات ومصالح الولايات المتحدة.

الشكل الثالث: الدعم السياسي والمعنوي لمنظمات حقوق الإنسان "وهي أحد أكثر منظمات المجتمع المدني فاعلية" عن طريق دعوة القائمين عليها لمؤتمرات دولية. وتوظيفهم كمستشارين وأكاديميين في هيئات أمريكية ودولية بهدف ترقيتهم سياسياً وإعلامياً في البلد المستهدف حتي يصبحوا مؤثرين في الرأي العام بشكل أو بآخر. 

في الشكل الأخير من أشكال الاختراق الاستخباراتي لمنظمات المجتمع المدني لا تعرف المنظمة المخترقة أنها توجه لصالح سياسات الولايات المتحدة علي وجه الحقيقة. بل تستغل الاستخبارات الأمريكية القناعات الشخصية. لدي القائمين علي تلك المنظمات.

بالسياسات الأمريكية لكي تدفعهم دفعاً لدعم سياساتها المستقبلية والنظر إلي خطط التنمية والتطوير في بلادهم من خلال عدسات أمريكية.

بالطبع فإن هذا الاختراق لمنظمات المجتمع المدني كما هو واضح من خلال الامثلة والنماذج ظاهره الخير وباطنه الهيمنة.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق