تحمل الدولة المصرية علي عاتقها حماية الفئات الأولي بالرعاية. وتحسين أوضاعهم والتخفيف من أوجاعهم.. واجب التزمت به الحكومة وتعمل علي تنفيذ تعليمات القيادة السياسية لتقديم كل أوجه العناية والدعم لهذه الفئات.. من هنا تعتزم وزارة التضامن الاجتماعي إطلاق منصة للمفقودين للتعرف عليهم. إلي جانب إطلاق مبادرة رئاسية للاسعاف الاجتماعي لتقديم الدعم الطارئ للأسر التي تواجه مشاكل تهدد حياتهم وأمنهم.
كما تعد الوزارة قاعدة بيانات موسعة للمعثور عليهم والموجودين في المؤسسات الاجتماعية ودور الرعاية التابعة لها والتي تشرف عليها والبالغ عددها نحو 2300 دار رعاية اجتماعية ومؤسسة للأطفال والكبار بلا مأوي تمهيدا لرفعها علي المنصة الإلكترونية لتسهيل تعرف الأسر علي ذويهم. من خلال استغلال التقنيات الحديثة المتمثلة في التعرف علي الوجه والأماكن الموجودين بها.
قسمت "التضامن" المفقودين الموجودين بالشارع إلي3 فئات تتمثل في أطفال وكبار بلا مأوي.. أما الفئة الثالثة فتتمثل في المصابين بأمراض نفسية.
مشاركة مجتمعية واسعة
أكد حسني يوسف. مدير برنامج أطفال وكبار بلا مأوي. بوزارة التضامن الاجتماعي. أن ظاهرة أطفال بلا مأوي تضم الاطفال في وضعية الشارع. سواء بلا مأوي أو أطفال يعملون في الشارع أو الموجودين مع أسرهم في الشارع موضحا أن البرنامج يستهدف اعادة تغيير الظروف التي دفعت بهم الي الشارع وتمكينهم من العيش في بيئة صحية وسليمة إلي حد ما. وإيوائهم إما في مؤسسات رعاية اجتماعية كفترة انتقالية. أو إعادة دمجهم مع أسرهم مرة أخري.
أوضح أن اطلاق المنصة الإلكترونية التي وجهت بها نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي. للتعرف علي المفقودين والموجودين داخل دور الرعاية أو في الشارع من شأنه القضاء علي ظاهرة أطفال الشوارع بشكل تدريجي والحفاظ علي التائهين بسبب أمراض الشيخوخة ممثلة في مرض "الزهايمر" بالنسبة لكبار السن أو الأطفال الذين ضلوا الطريق عن أسرهم أو تركوا بيوتهم نتيجة العنف الأسري.
أضاف يوسف ان التطبيقات الإلكترونية التي تعتزم الوزارة اطلاقها في هذا الشأن سوف تكون عنصرا مساعدا وقويا لبرنامج "أطفال وكبار بلا مأوي" كوحدات متنقلة وفرقها بالشارع أو مؤسسات رعاية. وكذلك فرق التدخل السريع بالوزارة حيث سيكون من السهولة التعرف علي الشخص من خلال إتاحة قاعدة بيانات كبيرة حول الموجودين في دور الرعاية والمعثور عليهم.
أشار إلي أن المنصة سوف تمثل مشاركة مجتمعية واسعة تشمل اطيافا كبيرة من الشعب المصري ممن يمتلكون حواسيب أو هواتف محمولة خاصة أن هذه المنصة الإلكترونية ستتيح لأي فرد مشاركة بيانات المفقودين وأطفال الشوارع ورفع صورهم وأماكن وجودهم.
كشف مدير البرنامج أن سرعة الوصول الي المفقودين ومساعدة الأجهزة التنفيذية وهيئات الحماية المدنية والاغاثية وجمع شمل الاسر وانقاذ الارواح ستكون أهم سمات هذه المنصة.
قال إن هذه المنصة وبدعم الوزيرة ستكون نموذجا مثاليا للقضاء أو الحد من جريمة خطف الأطفال أو استغلالهم في أعمال منافية مثل التسول والسرقة. أو الاتجار بهم. مع امكانية الضبط السريع للجناة ومرتكبي مثل هذه الجرائم.
أما فيما يخص مبادرة "الإسعاف الاجتماعي" وتطوير منظومته فهو يعود لعدم الوصول الي بعض الحالات الملحة والتي تستدعي التدخل الفوري والسريع. وضمان توفير الحماية والرعاية الاجتماعية اللازمة لهم خاصة من المواطنين الذين يعانون مشكلات تهدد حياتهم وأمنهم.
الأولي في المنطقة
قال د. حسن الخولي استاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة عين شمس إن الحكومة تنتهج نهجا ايجابيا من خلال اطلاق مثل هذه المنصات التي تحافظ علي استقرار المجتمع ووحدته وترابط منظومته الاجتماعية.
أضاف أن هذه الطريقة سوف تستهدف بطرق غير مباشرة الكشف عن ظواهر اجتماعية سلبية مع امكانية علاجها بشكل أسرع وفعال. مثل ظاهرة العنف الاسري التي تعد طاردة للاطفال خارج مأمنهم داخل البيت واتخاذ الشارع ملجأ بديلا عنه.
وبحسب "الخولي" فإن اطلاق مثل هذه المنصة للتعرف علي المفقودين علي اختلافهم في ظل انتشار التواصل الإلكتروني واستخدام التطبيقات الذكية. سوف يسلط الضوء علي مثل هذه الفئات المنسية ويلفت النظر الي الخطر الكامن في وجود أشخاص بلا هوية أو مأوي داخل الشوارع المصرية.
أشاد "الخولي" بمبادرة وزارة التضامن الاجتماعي التي تعتزم اطلاق منصة تعد الأولي في منطقة الشرق الأوسط مشيرا إلي أن اتخاذها الصفة الرسمية كونها مبادرة من قطاع حكومي سوف يكسبها الثقة والجدية للتعامل معها وتعطي انطباعا كبيرا باهتمام الدولة بمواطنيها بكل شرائحهم.
كما لفت استاذ علم الاجتماع إلي أن اطلاق المنصة سوف يجعل مصر في مصاف الدول التي تحارب الاتجار بالبشر كما يقلل معدل الفقد اللا إرادي أو ما يطلق عليه جريمة الخطف المتعمد للاطفال والاتجار بهم.
وفيما يتعلق بمبادرة الاسعاف الاجتماعي أكد الخولي انها تتسق مع السياسة العامة للدولة نحو توفير فرص الحياة الكريمة للأسر الأولي بالرعاية فضلا عن تكامل جهود الدولة المصرية بكياناتها المختلفة وسرعة التواصل من خلال الربط الشبكي والتحول الإلكتروني..
محاولة استباقية جادة
من جانبها تري د. هالة منصور. أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها. أن وجود اسعاف اجتماعي ومنصة للتعرف علي المفقودين يعد محاولة استباقية جادة لتوفير الحماية لهم ونقلة نوعية حضارية سوف تتميز بها مصر عن سائر دول المنطقة والعالم.
كشفت "منصور" الدور المحوري المتوقع أن يلعبه اطلاق مثل هذه المنصة المتفردة وانفاذ المبادرة الرئاسية للاسعاف الاجتماعي لأصحاب الأمراض المستعصية وتقديم الدعم الطارئ للاسر التي تواجه مشاكل تهدد حياتهم وأمنهم وفاقدي الرعاية. قائلة: من المتوقع ان تسهم مثل هذه الإجراءات في تعزيز وتوطين السلم المجتمعي ومعالجة المشاكل قبل وقوعها في الشارع المصري إلي جانب تحقيق العدالة الاجتماعية للفئات الفقيرة والمهمشة.
أضافت ان كثيرا من فاقدي الأهلية وأصحاب الامراض العقلية قد يمثلون خطورة علي أنفسهم إلي جانب استغلالهم وارتكاب الكثير من الانتهاكات في حقهم من جانب معدومي الضمير. وذلك تحت نظر وسمع الهيئات ومنظمات المجتمع المدني. الامر الذي استوجب علي الدولة والقيادة السياسية استحداث أفكار وإجراءات عاجلة وناجزة لحماية هذه الفئات.
أشارت إلي أن مبادرة "الإسعاف الاجتماعي" و "إطلاق منصة للمفقودين" هما وجهان لعملة واحدة ومحاولة جادة من قبل الدولة للحماية من خلال سرعة لم شمل المفقودين بأسرهم أو وضعهم داخل دور الرعاية أو مستشفي للعلاج إلي جانب رفع وعي المجتمع تجاه هذه الفئات وحقهم في الحياة الكريمة.
لم تكتف استاذة علم الاجتماع بالاشادة بإجراءات الدولة تجاه تلك الفئات. لكنها شددت علي ضرورة الاستثمار في العنصر البشري بدءا من معرفة اسباب التشرد والقضاء علي هذه الظواهر المتمثلة في العنف الأسري وتعاطي الابوين للمواد المخدرة. وانتهاء بتحويلهم لعناصر منتجة في المجتمع من خلال برامج تدريبية وتأهيلهم لسوق العمل.
تمنع الاستغلال.. وتمنح الشهرة
أكدت د. سهير عبدالمنعم. استاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية التابع لوزارة التضامن. ان اطلاق منصة للتعرف علي المفقودين سوف تساهم في تحقيق أمن المجتمع خاصة أنها سوف تقضي بشكل كبير علي ظاهرة التشرد بما يصحبها من استغلال جنسي وبدني الي جانب خطف الاطفال سواء بالإكراه أو بدون تحايل. والتي غلظ القانون عقوبتها الي السجن المشدد بحيث لا يقل عن 10 سنوات كحد أدني.
أشارت "عبدالمنعم" الي أن استخدام "منصة المفقودين" سوف يقضي علي الظواهر السلبية حيث انه فور مشاركة صور وبيانات المفقودين من الكبار وخاصة الاطفال علي نطاق واسع يجعلهم مشهورين ومن الصعب المتاجرة بهم أو استغلالهم.
أوضحت أن استخدام الوزارة للرقمنة والمنصات الالكترونية وخدمات الخط الساخن يرفع من قدر مصر بين الدول حيث إن هذه الآليات تسهم بشكل سريع وفعال في الوصول الي الفئات المستهدفة وتقديم الخدمات العاجلة بشكل أدق وأسرع.
اترك تعليق