هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

المواقد الباردة .

مشاري الوسمي

لم تكن ليلة مختلفة عمّا قبلها، رغم صوت الريح الذي لا يهدأ، والليل الحالك، صوت مدفأة بعيدة تئن تحت سعير الحطب الملتهب، الهدوء يعم المكان، وكأنه بيت أشباح لا حياةَ فيه.


 

يخالجني ذاك الشعور بالحنين والفقد، مع عصرة ألم خفيفة داخل قلبي، ذكريات تراودني أن أبدأ بتصفحها داخل رأسي، تتملكني لذة اللقاء من خلال صفحات الذكريات، أغمض عينيَّ وأرحل بين الغمام، أتفقدها وأتحسس بداخلي أشيائها أو بقاياها.
سافرت روحي إليها، تبعها نبضي وحنيني وانهزامي، لم تكن رحلة عبر الزمن والعودة للزمن الجميل، بل كانت رحلة بحث عن نفسي من خلالها، كنت أعشق تفاصيلي معها، وكيف تبدو ملامحي من خلال نظراتها وملامسة أيدينا في ساعة صفاء، وفي ذروة العشق العذري.

ذاكرتي اليوم أبت الانصياع لعواطفي، و هزات الحنين التي تصاحبني حين استرجع ما تبقى لها في مخيلتي، أخذتني إلى مناطق مظلمة، باردة، خالية من الدفء الذي عشته معها، نظرت حولي أحاول بكل الطرق أن أتبين أين أنا، ولماذا أنا هنا ؟!.
جاءتني الإجابة على هيئة صوتٍ عالٍ ، وملامح غاضبة، انتقادات حادة، وسيل لا يتوقف من الكلمات الجارحة.
غار قلبي داخل أضلعي، جف حلقي، و يبست حروفي، كل ما أراه يصيبني بالأذى، يجعلني أتضاءل داخل نفسي، ويفقدني السعادة في حضورها.

تمر أمامي الذكريات سريعة، كئيبة و متداخلة، من صدٍ وهجرٍ وافتعالٍ لمواقف معقدة، لم يدركها عقلي في ذلك الوقت، اليوم أقف أمام ذكراها مبتسمًا رغم ما خلفه رحيلها من ألم، ومرارة الأيام وصعوبتها بدونها.
استيقظت بعد شعوري بلسعة برد حادة، كسوطٍ أيقظني من عتمتي، لنور حياتي وهدوئها، فتحت عينيَّ لأدرك انطفاء موقدي، و سريان رعشة البرد في منزلي ؛ أيقنت حينها أن المواقد الدافئة تصاحبها الذكريات المزدحمة، والشوق لعتبات الماضي بكل ما يحمله بين الرفوف.

لكن موقدي بارد، يدفعني للجنون، حتى أحتضن نفسي بنفسي، أُلملم شتاتها، أُسكن رجفتها، أحميها من الألم والخوف والبرد.
دمتم بِحُبّ، ودامَ الدفء في أرواحكم .





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق