لم يكن الفتي المدلل الذي ينحدر من عائلة ارستقراطية عريقة يتخيل أنه سيصير يوماً حلم نساء مصر وفتياتها.. وأنه سيكون أحد أساطير الرجال في أحلامهن حتي يومنا هذا..
فرغم وسامة الكثير من النجوم الرجال الذين ظهروا قبله وبعده.. فإن رشدي أباظة ظل متربعاً علي عرش أكثر النجوم المصريين وسامة.. واستحق لقب "دنجوان السينما المصرية".. فقد ولد الفتي الوسيم رشدي سعيد بغدادي أباظة الشهير بـ "رشدي أباظة" في 3 أغسطس 1926 وسط أسرة شديدة الثراء وكانت طفولته سعيدة جداً وساعدته والدته الايطالية علي تعلم 5 لغات هي الانجليزية والفرنسية والايطالية والألمانية والفرنسية.
كان لديه خطط وأحلام مختلفة تماماً تتعلق بمستقبله.. إذ أنه يعيش كبرنس حقيقي يدير أملاك عائلته ويباشر أعمالهم.. لكن تغير مستقبله ليصبح الرجل الذي عرفه الجمهور المصري والعربي.. فنظراً لأنه ينتمي لأسرة الأباظية المصرية المعروفة والشائع عنها أنها ذات أصول شركسية. كانت خططه أقرب لأن يكون رجل أعمال أو مسئولاً عن ميراث العائلة. ولم تكن خططه بها أي شيء له علاقة بالفن أو أهله. ولكنه ورث عن أمه ذات الأصل الايطالي حب السينما ومشاهدة الأفلام والرسومات والفن التشكيلي والرقص وكان يميل في ثقافته الحياتية لثقافة أمه أكثر من ثقافة عائلة أباظة.
لكن تقوده صدفة غير متوقعة نظراً لعلاقته بصديقي العمر أحمد رمزي وعمر الشريف ليشارك بدور صغير في أول أعماله وهو فيلم "المليونيرة الصغيرة" عام 1949 أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة. وتوالت بعض الأدوار الصغيرة ولم يكن له ظهور واضح رغم أنه كان أكثر جمالاً وهو صغير وقبل وجود الشارب الذي اشتهر به. ولكن لم تكن كاريزمته قد تشكلت بعد. كذلك هو لم يكن يبالي بشكل جاد بالتمثيل. فكان ينصرف بين كل عمل وآخر إلي أمور أخري. ثم يأتي له دور صغير في فيلم هنا وهناك مثل أفلام "دليلة. رد قلبي. موعد غرامي. جعلوني مجرما" وغيرها من الأعمال.
بدأ نجمه يلمع مع فيلم "امرأة علي الطريق" عام 1958 مع شكري سرحان وزكي رستم وهدي سلطان والذي أخرجه الراحل عزالدين ذو الفقار. ثم قدم بعد ذلك أفلاماً ذات قيمة عالية وكان متنوعاً وفريداً في قبوله للأدوار. فهو لم يكن يبالي بطول الدور أو ان يكون الأول رغم أنه أصبح بالفعل نجما كبيراً. ففي فيلم تجده يشارك مجموعة كبيرة من النجوم مثل فيلم "واإسلاماه" و"في بيتنا رجل" و"صراع في النيل" وفي أفلام أخري هو النجم الأول مثل "غروب وشروق" و"عروس النيل" و"الزوجة ال13" أو في فيلم "المجانين في نعيم" ليكون بطلاً لحكاية من حكايات البطل الرئيسي للفيلم وهو اسماعيل ياسين. ثم يتألق في الكوميدي مثلما يتألق في التراجيدي والأكشن. كان رشدي أباظة حالة فنية فريدة ورغم أصوله الغنية إلا أنه يعد في الفن بدأ من الصفر إذ إنه لم يتعجل البطولة وصعد لها بهدوء وتأن.
تزوج فتي الشاشة الأول لثلاثة أجيال متتالية في السينما المصرية خمس مرات ورغم قصة الحب الشهيرة التي جمعته في شبابه بفاتنة السينما التي ماتت مغدورة ولم يعرف حتي اليوم سر وقوع الطائرة التي كانت تقل "كاميليا" الذي كان سبباً في فراقه عنها هو تعلق الملك فاروق بها وشغفه بحبها إلي حد محاربة رشدي أباظة والوقوف أمامه ومنافسته فيها. فعلي حد وصف رشدي أباظة لعلاقة كاميليا والملك أنه هو من اعتدي علي علاقتهما. إذ أنهما كانا مرتبطين قبل تعلقه بكاميليا وكان الملك يعشقها بجنون ويغار عليها. ولكن كاميليا كانت كالفرسة الجامحة لا يوقفها شيء عن رغباتها وتعلقت به مثلما تعلق بها وكان الملك مثله مثل كل الشباب في العشرينيات من عمره يحب ويعشق ويعيش حياته.
تزوج من تحية كاريوكا عام 1952 رغم اعتراض والدته علي هذا الزواج ولكنه تزوجها واستمر زواجهما 3 سنوات فقط بسبب نزوة عابرة لم تمررها كاريوكا مرور الكرام ويبدو أنه كان المنافس الدائم للملك فاروق في مغامراته النسائية. فكما سبق وتسبب في فراقه عن كاميليا تحداه الملك فاروق أيضا من أجل شابة فرنسية اسمها "آني" لكنه تركها بإرادته للملك لأنه تعلق بتحية كاريوكا بشدة ولكن يشاء القدر أن يقابل الفتاة الفرنسية مرة أخري في لبنان وداخل أحد ملاهي شارع الحمراء وضبطته كاريوكا في وضع حميم معها وهنا قامت تحية بجرها من شعرها وضربتها بقسوة وطلبت من رشدي الطلاق في نفس الليلة. ورغم انفصالهما إلا أنهما ظلا صديق وصديقة. فقد كانت تحية من أرقي الفنانات خلقاً وإنسانية.
أما الزوجة الثالثة فكانت راقصة أيضا ولكن بأخلاق يعرفها الجميع عنها. حيث كانت سامية جمال أقرب لأن تكون سيدة منزل منها لراقصة. لم تكن تهوي السهرات أو المجاملات أو الاحتفالات وهادئة الطباع وناعمة في تصرفاتها جداً. مما جعل رشدي ينجذب لها. خاصة أنها كانت تتمتع بأمومة وحنان كبيرين ظهرا له في أثناء مشاركتها في فيلم "الرجل الثاني" الذي كان سبباً في زواجهما. وكانت أنجح زيجاته وأطولها عمراً فقد تزوجها عام 1962 واستمر زواجهما قرابة 18 عاما. وانفصلت عنه عام 1977 ورغم عشقه الشديد لسامية جمال إلا أنه لم يحرم نفسه من أن يتزوج من امرأة أعجبته ولم يفوت الفرصة لأن يتزوجها وهي الشحرورة صباح لتصبح زوجته الرابعة. فقد تزوجها عام 1967 في لبنان وهو يقوم ببطولة فيلم "نار الشوق" الذي عرض عام 1970 ولم توافق صباح علي الزواج منه إلا بعد أن اضطر للكذب عليها وقال لها إنه طلق سامية.
كانت أقصر زيجة لرشدي صباح حيث طلقها بعد أسبوعين وعاد إلي سامية جمال الذي سامحته علي نزوته واعتذرت لها صباح وحافظت علي علاقتها الطيبة بهما واستمرت سامية مع رشدي وساعدته في تربية ابنته وراعته حتي قام بتطليقها عام 1977.
وكانت الزيجة الخامسة هي آخر زيجاته من نبيلة أباظة ابنة عمه تزوجها عام 1979 قبل وفاته بعام. حيث توفي في يوم الأحد 27 يوليو عام 1980.
اترك تعليق