تحل ذكرى فريد الأطرش السادسة والأربعون في مناخ مليء بالمآسى الإنسانية، حيث تجتاح العالم جائحة شديدة الفتك بالإنسان دون تفرقة بين غني وفقير أو بين أبيض وأسود ويعيش العالم فى تعاسة وخوف وجو يملؤه التشائم والعبوس..
ترددت كثيرًا فى الكتابة عن الفنان الموسيقار العظيم فريد الأطرش لكنني أرى أن حب الحياة مقدم على الخوف من الموت، وأن الإنسانية قادرة على طي هذه الصفحة بالعلم والمعرفة والحب والفن والحذر والوعى الذي تعدى الصحف المقروة ومحطات الإذاعة والقنوات التلفزيونية التي تبث تحذيراتها ليل نهار إلى الهواتف الذكية الذى تعتبر عدة قنوات واذاعات خاصة لكل شخص؛ وإيمانا منا بحق الإنسان في العيش والتمتع بالحياة وانحيازًا منا إلى كل ما هو قيم نحتفل بذكرى موسيقار العرب الفنان فريد الأطرش، حيث الريشة الذهبية التى تداعب بأصابعه آلة العود الوترية لتخرج من ذاك الصندوق أطيب الألحان واعذب النغمات لينعم الإنسان العربي، بما حاذته الإنسانية من سبل الحضارة إذ الحضارة لا تبنى إلا حينما يستتب الأمن ويجد الإنسان الوقت لبيدع وينتج منتجه الثقافي، فالفن هو مقياس تحضر الشعوب، ولأن العالم أصبح صغيرًا حد القرية البسيطة المكشوفة الأخبار والمعلومات، فإن على البشرية أن تفخر بما أنتجته وتستلهم منه الأفكار والعبر التي ستكون حافزًا لدحر هذا المرض الخطير ليصدح فريد "آدى الربيع هل هلاله"؛ ليبشرنا بقدوم ربيع الخير وبزوال الغمة موجها كلامه لحبيبته التى تركته منذ أيام بلا سبب" عش انت إنى مت بعدك" لتعود إليه بوجهه المنقوش نقشا سومريا ليفض الاشتباك بين المؤرخين ألا وهو هل آلة العود فرعونية ام سومارية.. لنقول لهم هي أخيرا شرقية بامتياز وفريد رغم تفرده وتربعه على عرش الموسيقى والغناء لأكثر من ربع قرن وليس تحيزا إذ هو مطربى الأول والمفضل فهو شرقي بدرجة امتياز وقد أهدى المكتبة العربية الحانا ستظل عبر التاريخ شاهدا على عظمة فنه وانتمائه اللامحدود للشرق.
وهو الموسيقار الذى تعدى العربية وأُخذت ألحانه إلى أوروبا لتعزف "أنا واللى بحبه" الذى قال عنه موسيقار الأجيال إنه أعظم لحن عربى.. وفريد الذى ولد بسوريا وعاش بمصر ومات بلبنان ليؤكد علي عروبته فهو "مكتوب على الراس وع العين" وهو "ابوضحكه جنان" و"حكاية غرامى".. ذاك الفنان الكبير والجميل ذو الصوت الشجي الذى يقطر حبا ورومانسية حتى سمى مطرب الحب والرومانسیة، والممثل خفيف الظل الذى ما سُئل عن مطرب إلا قال فيه قولا جميلا؛ لأن الفنان يرى أن الإسهام في الفن ليس مضمارا للسباق بقدر ما هو احترام لتنوع ذوق الملتقي..
رحم الله فريد الأطرش.
اترك تعليق