تسير الدولة المصرية بخطوات ثابتة نحو إنجاز مشروع تطوير القاهرة التاريخية من خلال آليات عمل ومنظومة متكاملة ترسم ملامح شابة لقاهرة المعز في خريطة مصر في السنوات القادمة لكي تعود درة تاج الحضارة والتاريخ في المنطقة العربية كما كانت وستظل.
قال د. محمد الرشيدي أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة إن مشروع القاهرة التاريخية، لا يتطرق لترميم الأثر وإنقاذه فقط، لكنه يمتد إلي استفادة المجتمع بأكمله المحيط بالأثر وتنميته وتطويره، مثل المحلات والمنشآت والعمارات السكانية في المنطقة المحيطة بالأثر، وذكر مثالاً علي ذلك شارع المعز لدين الله الفاطمي، الذي نفذت فيه التجربة في عام 2008 بعد إجراء بعض الدراسات واستطلاع رأي الأهالي والتجار وجمعيات المجتمع المدني بالمنطقة، بهدف الخروج بهذه التجربة كنموذج يحتذي به في التعامل مع الآثار.
أضاف أنه تم ترميم الآثار بشارع المعز وتحديث المرافق به من شبكة التليفونات وشبكة الصرف الصحي والمياه ودورات مياه، والتعامل مع واجهات المحلات والمباني المحيطة بالأثر، وأماكن الإنارة ورصف الشارع بالبازلت الأثري، مشيراً إلي أنه من هذه التجربة بدأ التوجه لباقي المنطقة التاريخية والتفكير في تدبير الاعتمادات المالية وتكليف أكبر جهة استشارية في مصر وهو مركز هندسة الآثار التابع لكلية الهندسة جامعة القاهرة، الذي تعاون معنا بمجموعة ممتازة من الخبراء والمستشارين في مختلف المجالات.
يري د.أحمد عوف رئيس قسم العمارة والتخطيط بكلية الهندسة جامعة القاهرة أن المباني التاريخية والأثرية كانت أقل ضررا من أي مباني أخري عقب زلزال 1992، وأن اليونسكو سجلت القاهرة التاريخية عام 1979 دون خريطة، وظهرت عام 2008 مجموعة من الخرائط المختلفة للقاهرة التاريخية، وعقب مشروع "اليونسكو" .. عام 2012 خرجت أول خريطة للقاهرة التاريخية إلي النور تشمل منطقة الحماية التي يجب الاهتمام بها بقوانين المباني والارتفاعات وعروض الشوارع.
وأشار عوف إلي أن المشروع تم تقديمه لوزارة الآثار عام 2016 التي وافقت عليه بعد مناقشته عام 2017، وطرح من خلاله فكرة السياحة وكيفية ربطها بالحرف وكيفية إعادة توظيف المباني التراثية، مضيفا أن المشروع يتضمن محاور و23 دراسة و23 خبيراً رئيسياً، وعدد الباحثين في أول مرحلة وثاني مرحلة يتعدي 150 باحثا، يهدف المشروع أيضا إلي أن تكون القاهرة التاريخية مستدامة اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، وأن تظل للأجيال القادمة، لافتا إلي أن الشاعر عماد عبد المحسن قدم أفكارا رائعة للمشروع للتعريف بثقافة الشارع، واستعرض عوف في عُجالة الدراسات التي اشتمل عليها المشروع.
أما د. محمود عبد الباسط الخبير الأثري فقال إن مشروع الحي العمراني الذي تستهدفه الدولة هو امتداد لمشروع الحي العمراني .. الذي اقامته اليونسكو في 2011 2015، واستكمال لعمل المنظمة العالمية في الارتقاء بالوجه الحضاري والمعماري لتاريخ مصر العريق والضارب في جذور التاريخ لأكثر من 7 آلاف عام، حيث تم بدء فرز مايقرب ما يقرب من 600 أثر بالمدينة التاريخية، للتعرف علي أي منها قادر علي التوظيف، وأيها جاهز بالفعل للتوظيف، مشيرا إلي أنه من خلال ملف التعليم تمكنوا من التعامل بمحيط المدارس الموجودة وعمل توعية أثرية لها، مؤكدا أن التعامل الناجح مع المدينة التاريخية بصفة عامة لا بد من تعاون جميع الجهات المعنية معا ليتم نقل أصحاب المحال والإشغالات بمنطقة وسط القاهرة لكي يتم استكمال مشروع التطوير العملاق لقاهرة المعز وتحويلها لمنطقة عصرية تجذب بعبق تاريخها وحضارتها أنظار العالم من خلال رؤية عصرية لمشروع سينقل مصر إلي مصاف الدول المتقدمة عمرانياً بشكل غير مسبوق.
أما د. سهير زكي حواس أستاذة العمارة والتصميم العمراني بهندسة القاهرة ونائب رئيس جهاز التنسيق الحضاري السابق فقد أكدت أنه منذ سنوات ونحن ننادي برؤية لعودة القاهرة لقلب التاريخ من خلال مشروع قومي تتبناه الدولة لإعادة رونق وجماليات قاهرة المعز الغائبة بحكم عوامل الزمن والعشوائية تارة وغياب الرؤية تارة أخري لذا هناك خارطة عمل تتماشي مع المنظمات والهيئات المعنية بإنقاذ ورعاية الآثار والحفاظ عليها وهو ما أيقنت معه الدولة المصرية بأن ضرورة التطوير للقاهرة أصبح أمراً حتمياً.
اترك تعليق