كشف الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار عن أنه تلقي تكليفًا رئاسيًا بضرورة الحفاظ علي العمالة في القطاع السياحي خلال أزمة كورونا، مشيرًا إلي أن هذا القطاع يحظي باهتمام رئاسي بالغ حتي تعود الحركة السياحية لسابق عهدها.. موضحًا أننا استقبلنا ما يزيد علي مليوني سائح في بداية العام الجاري، ونسعي لإطلاق حملة ترويجية جديدة في أبريل المقبل.. مؤكدًا أن مصر تعد أقل الدول تأثرًا بالأزمة السياحية الحالية، وقد تلقينا إشادات دولية بالإجراءات الاحترازية داخل المنشآت السياحية، وهو أمر ساعدنا كثيرًا في العودة بسرعة.

أجري الحوار

عبدالنبي الشحات

قال وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني في حوار شامل أدلي به  لـ"الجمهورية أون لاين" إنه يجري حاليًا إعداد مشروع قانون لتوحيد إجراءات التراخيص السياحية، والتيسير علي المستثمرين بعيدًا عن الروتين والبيروقراطية، وسوف يعرض هذا المشروع علي مجلس الوزراء قريبًا ثم يطرح علي البرلمان الجديد لإقراره. 

أشار إلي أن مشروع تطوير القاهرة التاريخية وتحويلها إلي متحف عالمي مفتوح يمثل نقلة نوعية جديدة في سياحة الآثار، لاسيما أن القاهرة التاريخية تعد واحدة من أكبر الأماكن الأثرية المسجلة لليونسكو.

 أعلن الدكتور خالد العناني أن مجلس الوزراء وافق علي إقامة معرض "رمسيس وذهب الفراعنة" في ثلاث دول أجنبية كبري قريبا.. وإلي نص الحوار: 

* تمثل القاهرة التاريخية إرثًا حضاريًا وثقافيًا بالغ الأهمية، فكيف تعاملت معها وزارة السياحة والآثار سعيًا إلي الحفاظ عليها وتطويرها؟ 
** الرئيس وجه الحكومة لتطوير القاهرة التاريخية والخديوية بوسط القاهرة، وهو مشروع يمس درة التاريخ الإسلامي في مصر، ومرآة حضارتها العظيمة، وعودة لإحياء رونق العاصمة الذي يفتقده المصريون، وفيما يخص دور الوزارة فهو يتمثل في ترميم المنشآت الأثرية الموجودة في المنطقة، وتم الانتهاء من جانب كبير منها وافتتاحه في العامين الجاري والماضي، ومنها: باب الوزير، وسور مجري العيون، وجار العمل بمشروع إنشاء مسار سياحي يربط القاهرة التاريخية ببعضها، ليتمكن السائح من معاينة معالم القاهرة الأثرية كاملة، ويولي الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء عناية بالغة للمشروع، ويتابعه لحظة بلحظة، بناء علي تعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يري أن القاهرة يجب أن تأخذ نصيبها العادل من التطوير والاهتمام ورفع كفاءة المباني، لنحافظ عليها وعلي تراثها للأجيال القادمة. 

* المؤكد أن هناك صعوبات واجهتكم في تنفيذ مشروع تطوير القاهرة التاريخية، فكيف تغلبتم عليها؟ 
** المشروع متشابك ومعقد، بسبب الكتل العمرانية الكثيرة والمتضررة، والتي تمثل في الوقت نفسه جزءًا من النسيج الحضاري للمنطقة الذي يجب الحفاظ عليه، رغم أن بعض المباني صارت متهالكة بفعل الصرف الصحي وتسرب المياه وغيره، وهنا يأتي دور خبراء وزارة الآثار في الحفاظ علي تلك المباني وترميمها دون المساس بها، علاوة علي دور الوزارة في فتح آفاق متطورة للعمل حتي تحافظ علي أصحاب الحرف المهنية واليدوية. 
   

* وزارة السياحة كانت تدعم مشروع تطوير القاهرة الخديوية.. فهل يستمر الدعم؟

** بالتأكيد ندعم المشروع ونعمل به بكامل طاقتنا، وقد بدأنا من ميدان التحرير وانتهي العمل به، ونعمل حاليًا علي جميع الميادين التي تربط ميدان التحرير بميدان العتبة، والأوبرا، وطلعت حرب.. وللعلم فإن منطقة القاهرة التاريخية تعد من أكبر الأماكن الأثرية العمرانية المسجلة بقائمة اليونسكو، وبمساحة نحو 30 كيلو مترًا مربعًا، وتمتد حتي شارع المعز ومنطقة الفسطاط وسور مجري العيون والإمام الشافعي. 

* وما العائد المباشر علي المواطن من هذا المشروع القومي ثقافيًا واقتصاديًا؟ 

** هناك أكثر من شق في هذا المشروع، منها الشق الأثري وهو المحافظة علي الآثار للأجيال القادمة، ومحو أي مصدر للتلوث البصري، ثم شق سياحي، يتمثل في متعة التنزه بأمان وسط معالم القاهرة التاريخية العريقة، والاستمتاع بالمشروعات الترفيهية الملحقة، ثم شق مجتمعي، يتمثل في توفير فرص عمل بالجملة للشباب خاصة في مجال السلع والعاديات السياحية، ولدينا هدف جمالي مثلما نشاهد الأسواق القديمة في جميع دول العالم التي تجذب السائحين. 

* مجلس الوزراء وافق علي إقامة معرض "رمسيس وذهب الفراعنة" في ثلاث دول أجنبية كبري.. ما الهدف من المعرض، وهل يسهم في جذب السياحة إلي مصر؟ 

** هدف المعارض الأثرية هو الترويج للسياحة والتاريخ والحضارة المصرية العظيمة، فنحن نسعي لأن نجعل كل طفل في أمريكا وأوروبا يتحدث عن الحضارة المصرية من خلال هذا المعرض الذي سيقام في خمس مدن عالمية في 3 دول أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وعلي مدي 3 سنوات تبدأ من نوفمبر 2021 وحتي يناير 2025، ونحذو فيه حذو معرض "الملك توت" الذي جذب في باريس في 181 يومًا مليونًا و423 ألف زائر، وهو أعلي عدد زائرين لمعرض أثري في تاريخ فرنسا، فيما سيقام المعرض الجديد في كل مدينة لمدة 6 أشهر، وله مردود مستهدف سواء ترويجيًا أو ماديًا، كما لن تعرض خلاله أي قطع تخص المتحف المصري الكبير، ليكون الأخير مكتملاً عند افتتاحه. 

* هل تقيم مصر معارض أثرية أخري بالخارج؟ 

** معرض "رمسيس وذهب الفراعنة" سوف يقام نهاية العام المقبل، فيما سنعقد معرضًا للآثار الإسلامية بالسعودية، وللعلم فإن عقد معرض خارجي للآثار المصرية يتطلب تأمينًا ذا طابع خاص، حيث ترافقه مجموعة مدربة من شرطة السياحة والآثار، وتدفع الدولة المستضيفة نحو 900 مليون دولار تأمينًا يرد بعد عودة جميع القطع، كما يتم النقل بالخطوط المصرية. 

*أزمة "كورونا" كانت لها تأثيرات علي القطاع السياحي في العالم كله.. كيف تعاملت الوزارة معها وهل تأثرت السياحة المصرية بالقدر نفسه؟ 

** قطاع السياحة هو الأكثر تأثرًا بأزمة الفيروس التاجي، وقد كنا في يناير وفبراير الماضيين الأوفر حظًا بين المقاصد المنافسة، واستقبلنا 2.4 مليون سائح بزيادة بلغت  8.1% علي الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعني أننا كنا في طريقنا لموسم غير مسبوق، ولكننا نظل من الدول القليلة التي مازالت تستقبل سائحين، ففي المدن السياحية هبط نحو 6 آلاف سائح الأسبوع الماضي، بخلاف الوافدين للقاهرة الكبري، وأرجع ذلك لتفوقنا في الإجراءات الاحترازية الصارمة التي أشادت بها المنظمات العالمية، ومنها منظمة السياحة العالمية، ومجلس السياحة والسفر الدولي، والسائحون الوافدون، وهنا أوجه التحية للمستثمرين والعاملين بالقطاع علي التزامهم الكامل بالإجراءات المعلن عنها. 

*علي ذكر العاملين وأصحاب العمل.. هل يستمر دعم الدولة لهم في هذه الظروف القاسية؟ 

** مجلس الوزراء اتخذ قرارًا بتمديد إرجاء الحجز الإداري علي المنشآت المطالبة بتجديد تراخيصها، حتي يتم توفير الميزانية لدعم المنشأة واستمرارها في العمل، وبالتالي تقديم الدعم المباشر للعامل، علاوة علي إرجاء تحصيل الضريبة العقارية لمدة 4 أشهر، وكذا تأجيل رسوم المراسي النيلية للفنادق والمطاعم العائمة 4 أشهر أيضًا، بجانب جدولة الديون السيادية علي المنشآت من تأمينات وكهرباء وخلافه علي 36 شهرًا، مع دفع نسبة فقط من الفواتير لمدة 4 أشهر. 

* ماذا عن دعم الرحلات السياحية أسوة بما تفعل المقاصد المنافسة؟ 

** الدولة ألغت رسوم التأشيرة للمدن السياحية حتي 30 أبريل المقبل، كما خفضنا رسوم خدمات المطارات، ووقود الطائرات، كما منحنا حق الحصول علي تأشيرة عند الوصول لمواطني دول "الشنجن" والولايات المتحدة وبريطانيا.  

*كيف واجهت شبح البيروقراطية في دولاب العمل اليومي؟ 

** أهم إنجازات الوزارة في مطلع العام الجاري، كان تشكيل اللجنة الوزارية للسياحة برئاسة رئيس مجلس الوزراء التي نجحت في عرض الملفات المتعلقة بالقطاع علي طاولة واحدة تجمع جميع الوزارات، وبالتالي يتم حل المشكلات بسهولة، كما أنهينا مشروع قانون سيمثل نقلة في الاستثمار السياحي، وسوف يعرض علي مجلس الوزراء فور انتهاء التعديلات المقترحة من جانب اتحاد الغرف السياحية، وهو تعديل قانون 1973 الخاص بالمنشآت السياحية الذي يعد أول خطوة حقيقية في طريق نظام "الشباك الواحد"، حيث سيتعامل المستثمر مع وزارة السياحة والآثار فقط في طلب ترخيصه أو التجديد، بينما تتولي الوزارة التعامل مع 27 جهة تتعلق بمنح التراخيص، وتصدر موافقة مبدئية للمستثمر حال تأخر الرد. 

* كيف تشجع الوزارة حركة السياحة الداخلية في ظل تراجع "الأجنبية"؟ 

** عقدنا اجتماعًا مع وزير الطيران المدني لبحث تقديم تسهيلات للمواطنين للسفر الداخلي في ظل عدم وجود فرص للسفر الخارجي، وطرحنا مبادرة "شتي في مصر" للسياحة الداخلية، وقرر وزير الطيران أن يكون الحد الأقصي لأي تذكرة داخل مصر 2000 جنيه، بتخفيض نحو 50%، ولبعض الأماكن مثل الأقصر وأسوان ستكون التذكرة 1500 جنيه فقط، كما عقدنا اجتماعًا مع الغرف السياحية لبحث مشاركتها، وستعلن الفنادق الراغبة في المشاركة عن عروض إجازة نصف العام، حيث ستتراوح أسعار الغرفة بين 600 و1600 جنيه للمزدوجة، بحيث يناسب السعر الأسرة المصرية، فيما خفضنا من جانبنا جميع تذاكر زيارة الأماكن الأثرية. 

* ماذا عن خطة الحملة الترويجية الموسعة لمصر؟

** بدأنا عقد أول اجتماعات الحملة الترويجية الجديدة وحصلنا علي موافقة رئيس الوزراء، ولكن الخبراء نصحونا بعدم إطلاقها قبل أبريل المقبل، بعد معاينة مستجدات الوضع فيما يتعلق بالفيروس التاجي، ولدينا أسواق رئيسية مستهدفة مثل غرب وشرق أوروبا والدول العربية، وهي الأسواق التي تمثل نحو 80% من الحركة الوافدة لمصر، وذلك يأتي بعد أن أنتجنا فيلم "سائح في مصر" الترويجي الذي حصد جوائز عديدة. 

*السياحة الدينية والعاملون بها يواجهون أزمة كبيرة بسبب إيقاف رحلات الحج والعمرة.. كيف تعالجون أزمتها؟ 

** السياحة الدينية ليست قرار دولة ولا وزارة السياحة وحدها، فهي الآن قرار جماعي يتعلق بصحة وسلامة المصريين، كما أن الرحلات الدولية مازالت متوقفة حتي اللحظة، ونسعي من جانبنا لرفع العبء عن شركات السياحة الدينية التي عانت كثيرًا العام الحالي، وبالطبع أتمني كوزير سياحة أن تزول تلك الأزمة فورًا وتعود الشركات للعمل من أجل مصلحة الاقتصاد الوطني والعمالة. 

*ألغيت احتفالات رأس السنة علي عكس رغبة المطاعم والفنادق.. ألم يكن من الأجدي إقامتها وفق شروط وإجراءات احترازية؟ 
** لا بد أن نتحسس خطواتنا، فإن كنا مازلنا نستقبل سائحين فذلك يرجع لحفاظنا الصارم علي الإجراءات الاحترازية، أما إذا تركنا الأمر للظروف فإن صورة واحدة لتجمع في مكان مغلق سوف تعود بنا جميعًا للمربع صفر، وعندما نشرع في توقيع عقوبة علي المخالفين فإننا نراعي توجيهات رئيس الجمهورية بعدم المساس بالعمالة والحفاظ علي مصدر رزقها، وفي الوقت نفسه نراعي سمعة مصر السياحية بالخارج. 

*تم الإعلان أكثر من مرة عن موعد موكب المومياوات.. ما سبب تأخيره حتي الآن؟ 

** حددنا له تاريخ 27 نوفمبر، ثم تأجل حتي 4 ديسمبر، ثم اضطررنا لتأجيله مجددًا بسبب تفشي الموجة الثانية لوباء كورونا، خوفًا علي المواطنين من التجمع حوله، وننتظر حاليًا التوقيت المناسب لذلك.

*متي شعرت بأن أمامك كشفًا أثريًا مبهرًا؟ 

** كشف خبيئة العساسيف يعتبر من أهم الاكتشافات الأثرية في تاريخ مصر، وتلاه مقبرة "خوي"، ثم الكشفان لـ"التوابيت" بسقارة، وحظيت تلك الاكتشافات بمتابعة عالمية واهتمام إعلامي دولي كبير وكانت حديث العالم أجمع وهو ما أضاف لمصر كثيرًا من ناحية الصورة الذهنية والترويجية.