مشاري الوسمي،
منذ نعومة أظفارنا لم تفترق أرواحنا، حتى في رحلة الغربة والبحث عن الذات، تتعانق الأفكار، تلمع الأعين رغم جمود الملامح والمواقف العلنية، المتباينة حول فكرة أو مشكلة مشتركة .
هو الناصح الأمين، الذي يخشى حزني و يؤذيه جرحي، إن غادرته أسدل وراء ظهري ستارًا من فولاذ، يحميني ويبني بيني وبين أعدائي ألف سور و ألف قلعة تحصنني.
قد لا ألتقيه كل يوم، لكن نتشارك ردة أفعالنا وأفكارنا المجنونة، و تعابيرنا البهلوانية، رغم اختلاف المواقف وتباعد الأجساد.
هو السند حين يرحل الجميع، آتي إليه محملًا بهموم لا حصر لها، فالقيها في جعبته، أزيل عن وجهي أقنعة الرضا، والتأني والعقلانية الجوفاء، أصرخ كالطفل، أُفرغ ما علا صدري من أثقالٍ وما أمتلأ به عقلي من أفكار، عيناه تحتضنني فأجد فيها ضالتي ومطلبي، يربت على كتفي فيزيح عنه حملاً كالجبال، أغادره وكأنني ولدت من جديد، كيف لا ونحن تقاسمنا الأرواح والدماء.
ولأطفالنا من هذا الحُبِّ نصيب، تبادلنا الأسماء ومن فوقها الملامح والصفات، سيعرفون ذات يومٍ كم حجم ذلك الحُبّ الذي ربطني به، تغلغل حتى تملك أوصالي، أصبح موتي دونه شهادة، ولحياتي بقربه ألف معنى.
أعبر معه شواطئ الخوف وكهوف الظلم والظلمات، فهو شعلة النور التي تضيء الطرق المعتمة، وتفتح أبوابًا مغلقة، أتعلق به كغصن الفولاذ الذي لا يُكسر، أتجرد أمامه من شجاعتي، أخلع عباءة الكبرياء والتعالي، أَتَخَلَّى عن مساحة حريتي المقدسة، وشخصية الفارس الذي لا يهزم.
هذا التجرد والاستسلام والقبول بالمساواة، وتساوي الرؤوس، ضرب المهم في حائط اللا مبالاة، التغاضي عن الأهم، لا يكون إلا مع أخي.
دمتم بِحُبّ، و لإخوانكم السند والسد المنيع .
اترك تعليق