خلال سنوات عديدة ماضية اقتحمت المنشطات والهرمونات بشدة عالم كمال الأجسام، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من المكملات الرياضية التي يستخدمها لاعبو كمال الأجسام بشكل منتظم، بالإضافة لاستخدامها من قبل كثير من الشباب داخل صالات الجيم من أجل زيادة بنية العضلات والوصول إلي «فورمة» الجسم المثالي من وجهة نظرهم.
وجاءت وفاة البلوجر الشهير مصطفي حفناوي والذى كشف التقرير الطبي أسباب وفاته والتى جاءت إثر جلطة في المخ بسبب تعاطيه خمسة عقاقير هي الترامادول والكورتيزون وامينواسيد وتستوسيتيرون وسيلدينافيل, وهي أدوية يستخدمها الشباب المرتادون علي صالات الجيم من أجل زيادة بنية العضلات والوصول إلي "فورمة "الجسم المثالي.
ليس مصطفي وحده ضحية هرمونات الرياضة ,وانما كان من قبله الفنان الراحل هيثم أحمد زكي وغيرهم من الشباب ؛الذين يتعاطون تلك المنشطات كنوع من الإدمان نتيجة الهوس بأجساد لاعبي كمال الأجسام لكنها وبحسب المصادر الطبية لها مخاطر عديدة فتسبب الجلطات وتضخم عضلة القلب وتؤدي إلي الضعف الجنسي والعقم .
يفند خالد جمال مدرب اللياقة البدنية الاستخدامات والفروق بين المكملات الغذائية والمنشطات والاثار الجانبية لكل منهما؛ فالمكملات هي البروتين المجفف الذي يتناوله اللاعبون المعتادون علي حمل أوزان ثقيلة بمقدار 25 جرام كجرعة واحدة وهو مايعادل مثلا 100 جرام صدور دجاج أو 4 بيضات يوميا , وقد يحتاج الرياضي لأخذ 4 جرعات في اليوم الواحد وهو ما يصعب تحقيقه من خلال الطعام العادي , لكن لابد من الموازنة بين البروتين الحي والمجفف .
ويضيف خالد هناك مايسمي بالأحماض الأمينية مثل الكرياتين يلجأ إليها الرياضيون لتغذية العضلات وزيادة الطاقة وهي مادة موجودة في اللحوم النيئة , والكيلو الواحد منها به5 جرام , وعند التسوية ينقص إلي 3 فقط , ومن ثم فالحبة الواحدة تفي بالغرض حيث أنها تعطي نفس الجرعة المطلوبة ال5 جرام كرياتين يوميا.وهناك عقار آخر يسمي "الأرجنين " يساعد علي زيادة ضخ الدم في العروق وزيادة النشاط وموجود في الترمس ولكن ايضا لايستطيع المتدرب تناول الجرعة المطلوبة يوميا منه لأنها كبيرة جدا .
ويوضح أن هذه المكملات أو الأحماض الأمينية آمنة تماما طالما تم الالتزام بالجرعات المطلوبة فقط والتي تتحدد بحسب عددأيام التمرين أسبوعيا.
ويضيف أن الجانب الثاني وهو المنشطات عبارة عن هرمونات ذكورة تساعد علي تضخيم العضلات بشكل سريع وقوي بجانب الدايت والتمرين المنتظم فهي وحدها ليست سحرا فكل أبطال كمال الأجسام بلا استثناء يتعاطون الهرمونات كحقن , فضلا عن هرمون النمو GH وهو يساعد علي توسعة عظام الوجه والجسم ويعد أكثر أماناعن الأنواع الآخري .
ويشدد المدرب خالد جمال علي أن كل من يتعاطي هذه الهرمونات يعاني من أمراض عديدة لكنه لم يبح لأنها مصدر رزقه سواء كان مدربا أو مشارك دائم في المسابقات الرياضية , واذا كان سليما فحتما سيصاب فيما بعد بأمراض الفشل الكلوي والكبدي والعقم وضعف عضلة القلب , المشكلة أنه عندما يري اللاعب نتيجة المنشطات علي جسده لا يستطيع أن يستغني عنها وتتحول إلي إدمان.
ويطالب خالد المدربين بضرورة شرح تأثير العقاقير المحسنة للأداء الرياضي للاعبين قبل تعاطيها ويتركوا لهم القرار من أجل الأمانة واخلاء المسؤولية, فالبعض قد يقبلوا عليها علي الرغم من معرفتهم بأضرارها لأنها تعطيهم الفورمة التي يريدوها بشكل سريع وبالتالي يحصلوا علي إعجاب كل من يراهم لكن للأسف عند بلوغ سن ال 45 ستصبح هذه العضلات وهمية ويصيرون مرضي.
يقول د.باهر السعيد الطبيب الصيدلي إن هناك خلط بين المكملات الغذائية والمنشطات, موضحا أن المكمل هو دواء تعويضي عن الغذاء الواجب تناوله لمن يعتادون الذهاب إلي الجيم كالبروتين والكرياتين والكازين ولا يوجد به أي خطورة ولا يؤدي إلي الوفاة إلا اذا كان الشخص لديه مشكلات بالكلي .
ويحذر السعيد من خطورة استخدام الهرمونات داخل صالات الجيم ,ويصفها بالمرعبة كالكورتيزون والتستوسيترون (هرمون الذكورة ) أو الستيرويد بصفة عامة ؛ قائلا إنها علي الرغم من تحقيقها الهدف المنشود من نفخ العضلات في أسرع وقت إلا أنها تسبب الجلطات وضمورا في الخصية وبالتالي ضعفا في القدرة الجنسية والانجابية بالاضافة إلي تضخم في عضلة القلب مما يصبح الانسان مهيئا لحدوث الأزمات القلبية.
وينصح الشباب الذي يتعاطون الهرمونات بضرورة شرب المياه باستمرار تجنبا لتجلط الدم
الترامادول
ويضيف أن الترمادول من أسوء الخيارات وهو أحد أنواع المنشطات الغير شرعية التي تندرج تحت جدول المخدرات ويستخدم مع مرضي الكانسر وأصحاب الآلام الشديدة ولا يصرف إلا بروشتة طبية , ويساعد الرياضي في حمل أوزان ثقيلة أثناء التدريب وتمده بالطاقة لعمل تمارين عنيفة ولكنه يسبب الادمان ويؤدي إلي تدمير الخلايا العصبية والضعف الجنسي مع استخدامه لفترات طويلة فضلا عن تسببه في الرعشة والضبابية في الرؤية والاكتئاب , موضحا أنه قل استخدامه الفترات الماضية نظرا لجهود الدولة في التصدي لمنابع تهريبه .
ويذكر السعيد أن شباب الجيم يتعاطون ايضا حقن الأنسولين علي الرغم من عدم اصابتهم بمرض السكري من أجل إعلاء نسبة الحرق في الجسم وتغذية الخلايا بشكل أكبر وهذا من أخطر مايمكن حيث يؤدي إلي الموت المفاجيء.
ومن هذا المنطلق؛ يؤكد علي ضرورة وجود متخصصين داخل صالات التدريب وعدم السماع لتجارب الآخرين فالجسد أمانة سنحاسب عليها .
ويستنكر حرص الشباب علي تناول المكملات الغذائية علي الرغم من انها مسموحة اذا كان الهدف هو تحسين شكل الجسم فقط أما المشاركون في مسابقات الأوليمبياد هم فقط من بحاجة إليها.
ويشدد علي ضرورة عمل تحاليل طبية علي الكلي والكبد اذا اضطر الشخص لتناول الهرمونات بجانب المتابعة مع طبيب تغذية لتحديد الجرعة المناسبة بحسب الحالة الصحية والبدنية.
أنواع مضروبة
ومن جهة آخري يشير د.باهر إلي أن تكلفة بعض الهرمونات كهرموني النمو والذكورة لا تتعدي الـ12 جنيه ومتاحة بالصيدليات لأغراض علاجية علي عكس أسعار المكملات الغذائية المرتفعة , محذرا في نفس الوقت من الأنواع المغشوشة الغير مسجلة في وزارة الصحة .
من ناحيته , يتفق معه مدرب اللياقة البدنية فتحي الجندي ويحذر اللاعبين من المنشطات المضروبة خصوصا أن أسعارها رخيصة وفي متناول الجميع.
ويقول إن اللاعب يلجأ إلي المنشطات بدلا من التمرين الشاق والاعتماد علي نظام غذائي طبيعي ,لانها تغير من شكل الجسم في وقت قصير جدا كهرمون النمو الذي يفرزه الجسم بشكل طبيعي ولكن يتم أخذه صناعيا بجرعات أكبر لتضخيم العضلة .
ويضيف أن بعض الشباب لا يعرفون أضرارها ويريدون التقليد خصوصا مع انتشار صور الرياضين يستعرضون أجسامهم علي السوشيال ميديا .
ويؤكد فتحي الجندي علي ضرورة عمل التحاليل اللازمة قبل تناول كورس الهرمونات للتأكد من خلو الجسم من الأمراض وبعد انتهاء المدة المحددة والوصول إلي الفورمة المطلوبة ينتقل إلي المرحلة التالية وهي كورس التنظيف ويكون تحت إشراف الطبيب من أجل عودة هرمون النمو في الجسم إلي النسبة الطبيعية .
ويوضح أنه مهما انتظم اللاعب في التمرين واعتمد علي نظام غذائي معين وتناول البروتينات دون اللجوء إلي المنشطات فلا يمكن أن يصل إلي فورمة كمال الأجسام .
ويدعو كل شاب إلي سؤال نفسه ماهدفه من الرياضة , فالهدف ليس الاستعراض أو الدخول في بطولات وانما بناء جسد رياضي سليم وهذا يمكن أن يتحقق عن طريق الغذاء والتمرين فقط وفي مدة قصيرة والمتابعة مع مدرب داخل الجيم
فورمة صحية
وينصح المدرب فتحي الجندي اللاعبين المشاركين في البطولات الرياضية بالتحديدبضرورة الاستعانة بطبيب مختص بجانب المدرب لاستشارته في كورسات الأدوية المطلوبة أثناء المسابقات , ويهيب الجندي بالشباب العادي الذي يذهب إلي الجيم الابتعاد تماما عن العقاقير المنشطة , والاعتماد علي تمارين الكارديو والمقاومة مع الغذاء الصحي فاذا وصل إلي نسبة دهون تتراوح مابين 6 إلي 10 ففي خلال 3 أشهر سيحصل علي جسد مثالي وستظهر جميع عضلاته بشكل جيد جدا بعيدا عن الضخامة التي لن يحتاج إليها في حياته .
وبدوره , يستنكر د.تامر العمروسي استشاري الأمراض النفسية والعصبية وعلاج الإدمان تناول الشباب للأدوية المحسنة للأداء الرياضي دون وعي أو إشراف طبي , ويتحدث عن آثارها قائلا إنها تزيد من نشاط الجسم كهرمون التستوسيتيرون فهو يرفع من نسبة الحرق ويحول البروتين في الجسم إلي عضلات , أما الأمينو أسيد يؤدي إلي ارتفاع نسبة البروتين ممايسبب حملا علي الكلي.
ويضيف أن الكورتيزون يزيد من نسبة حدوث الجلطات ويرفع من ضغط الدم ويضعف المناعة , وكذلك الترمادول الذي يقلل الشعور بالألم مما ينشط الجسم وبالتالي عندما يبذل الانسان مجهودا أكبر من قدرته لن يشعر بالألم وهو أحد النعم الربانية التي تجعل الانسان يتوقف عند الشعور بأي تعب وهذا الألم يترجم إلي عدم قدرة العضلات علي تحمل المزيد ممايؤدي إلي مشكلات صحية عديدة لن يشعربها الانسان نظرا لعدم احساسه بالألم فعندما تعلو نسبة الاحتراق وتزداد سرعة ضربات القلب ويرتفع الضغط فحتما ستحدث الجلطات ومن الممكن أن تؤدي إلي انفجار في شرايين المخ.
ويوضح العمروسي أن هذه المخاطر تأتي عند تناول أكثر من عقار وبجرعات مبالغ فيها دون رقابة بالاضافة إلي عدم الوعي الكامل بالأضرار الناتجة عن تفاعلات الأدوية عند تناولها مع بعضها البعض , ومن ثم يهيب العمروسي بالمدربين وأصحاب صالات الجيم عدم وصف أي دواء لأي شخص دون الرجوع إلي الطبيب.
اترك تعليق