في تمام الساعة الثانية من صباح يوم الإثنين 6 أغسطس 1945 أقلعت ست قاذفات قنابل أمريكية من قاعدة تينيان البحرية في المحيط الهادي على بعد 2500 كيلوا مترا تقريبا جنوب اليابان.
كانت الأسماء التي أطلقها طيارو القاذفات الستة على طائراتهم هي: "التدفق الفوري", "البيت الكامل"، "جابيت 3"، "إينولا جاي"، "شر لابد منه"، "الفنان العظيم".
كانت المهمة هي قصف إحدى ثلاث مدن يابانية بالقنبلة الذرية. كانت هيروشيما هي الهدف الأساسي بينما كانت ناجازاكي هي البديل الثاني أذا ما حالت الظروف الجوية دون قصف هيروشيما وكانت مدينة كوكورا هي البديل الثالث.
أما مهام القاذفات الست فكانت محددة سلفا إذ كانت مهمة "التدفق الفوري" و"البيت الكامل" و "جابيت 3" هي استطلاع الطقس فوق كل من هيروشيما وناجازاكي و كوكورا على التوالي وإبلاغ قيادة العمليات في " تينيان" لاتخاذ القرار بتوجيه الطائرات الثلاثة الأخرى نحو المدينة المستهدفة.
كانت "إينولا جاي" محملة بقنبلة ذرية أطلق عليها اسم "الولد الصغير" أما "الفنان العظيم" فكانت مهمتها قياس قوة التفجير بينما كانت مهمة "شر لا بد منه" هي متابعة الغارة الجوية وتصويرها.
وكان الطيار الكولونيل "بول تيبتس" قد أطلق اسم أمه "إينولا جاي تيبتس" على طائرته التي دخلت الخدمة بعد أن سلمتها شركة بوينج لصناعة الطائرات للقوات الجوية الأمريكية في يوم 18 مايو 1945.
في الساعة 7:45 صباحا أعطت القيادة أمرا لإينولا جاي بتجهيز القنبلة ونفذ "روبرت لويس" مساعد الطيار مهمة إعداد القنبلة للانطلاق.
وفي الساعة 08:09 صباحا، سلم تيبتس السيطرة على القاذفة إلى الرائد توماس فيريبي وبدأ في إجراء الخطوات الأخيرة قبل التفجير.
استغرق الأمر نحو ست دقائق حتى أصبحت قاذفة القنابل الأمريكية "إينولا جاي" تحلق فوق الهدف مباشرة ففي تمام الساعة 8:15 صباحا تم إطلاق القنبلة الذرية التي كانت تحتوي على 64 كيلوجراما من اليورانيوم فوق جسر "آي آوي" من على ارتفاع 9400 مترا. استغرق هبوط القنبلة 44.4 ثانية ابتعدت خلالها "إينولا جاي" مسافة 18.5 كيلومترا عن نقطة إطلاق القنبلة قبل أن يشعر طياروها بموجات الصدمة التي نتجت عن شدة الانفجار.
وبسبب الرياح، انحرفت القنبلة عن الهدف بمسافة 240 مترا لتسقط فوق مستشفى "شيما" للجراحة.
اعتبرت قنبلة "الولد الصغير" سلاحا غير فعال إذ انشطر 1.7% فقط من المواد المشتعلة بها رغم الدمار الذي خلفته والذي أباد مساحة مستديرة من الأرض يبلغ قطرها نحو 3.4 كيلومترا.
تيبيس وآخران فقط هم من كانوا على علم بطبيعة القنبلة المستخدمة أما باقي طاقم "إينولا جاي" فلم يكونوا على علم بطبيعتها. طلب منهم فقط أن يرتدوا نظارات سوداء عند الهروب من موقع التفجير لأن الوميض سيكون ساطعا بعد التفجير!
لا يوجد إحصاء دقيق لعدد الضحايا الذين لقوا مصرعهم صبيحة يوم 6 أغسطس 1945 في هيروشيما لكن أقل التقديرات تشير إلى مقتل 140 ألف شخص من السكان - وهو ما يشكل نحو 40% من أجمالي سكان المدينة - من بينهم 20 ألفا من جنود الجيش الياباني وهو نصف عدد القوات الموجودة في قاعدة هيروشيما العسكرية والتي كانت تعد أهم المراكز العسكرية اليابانية.
إضافة إلى ذلك، تسبب التفجير في إصابة نحو 70 ألف ياباني بحروق شديدة وتدمير نحو 70% من مباني هيروشيما تدميرا تاما إضافة إلى إلحاق أضرار بنحو 7% من مباني المدينة.
ولم ينج من مباني المنطقة المستهدفة في هيروشيما سوي مبنى واحد فقط هو مقر قاعة الترويج الصناعي المعروفة الآن باسم قبة "جينباكو" والتي تقع على بعد 150 مترا من مركز الانفجار وهو مبني خرساني كان مصمما لتحمل أضرار الزلازل مما ساعد أساسات المبنى على تحمل الصدمة والتي جاءت عمودية عليه تماما فأطاحت بالحوائط وصمد الهيكل الخارجي للمبني.
احتفظت اليابان بالمبنى ليكون تذكارا لما حدث في هيروشيما وأطلقت عليه اسم "نصب هيروشيما التذكاري للسلام" وفي عام 1996 تم تحويل "قبة جينباكو" إلى أحد مواقع التراث العالمي التابع لليونيسكو رغم اعتراض الولايات المتحدة والصين على ذلك.
اترك تعليق