هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

المعيقلي في خطبة الجمعة : النية شأنها عظيم و أعدوا لهذه العشر عدتها

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي ، المسلمين بتقوى الله عز وجل وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام :


أمة الإسلام في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى شمال الجزيرة العربية ، فأمضى خمسين يوماً في مشقة وعسر ، ثلاثين يوماً في المسير ، وعشرين أقامها  في تبوك ، ثم عاد في شهر رمضان المبارك ، وكان عمره آنذاك قد جاوز الستين عاما ، إنها غزوة تبوك التي سماها القرآن الكريم بساعة العسرة ؛ لأن المشقة قد أحاطت بها من كل جانب ، قال جابر رضي الله عنه : اجتمع عليهم عسرة الظهر،  وعسرة الزاد ، وعسرة الماء . 

وفي صحيح ابن حبان ؛ قيل للفاروق رضي الله عنه حدثنا من شأن العسرة  قال : خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع حتى أن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ، ويجعل ما بقي على كبده ، فالطريق طويل والزاد والعتاد قليل ، والحر شديد والمدينة النبوية قد طابت ثمارها وظلالها وطابت نفوس أهلها بالبقاء فيها ، فلا يخرج في هذا الوقت إلا من قدم رضا الله على لذة الحياة الدنيا ، وآثر أن يفوت صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج مع رسول الله ثلاثون ألفا وقعد الذين عذرهم الله ورسوله فرفع الله الحرج عنهم ، وبلغهم بما علم من صدق نياتهم منازل العاملين وهم في دورهم آمنين مطمئنين .

و تابع بالقول : فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  رجع من غزوة تبوك ، فدنا من المدينة فقال : إن بالمدينة  أقواماً ما سرتم مسيرا ، ولا قطعتم واديا  إلا كانوا معكم ،  وفي رواية إلا شاركوكم في الأجر قالوا : يارسول الله ، وهم بالمدينة ؟  قال : وهم بالمدينة . رواه البخاري ومسلم .

و أضاف فضيلته : أخوة الإيمان إن النية شأنها عظيم ، فهي رأس الفضل ، وأساس العمل ، والعازم على الخير فاعل ، والقاصد للوصول واصل ؛ فلذا كان سلفنا الصالح يعظمون شأن النية حتى قال سفيان الثوري : كانوا يتعلمون النية للعمل كما تتعلمون العمل ، فالنية إن صفت صفا العمل ، وإن حسنت قُبل العمل ، ورُب عمل صغير يعظمه النية ، ورب عمل كبير تصغره النية ، وبالنية الصادقة يدخل الإنسان الجنة ولم يعمل بعمل أهلها بعد ، ففي صحيح مسلم أن رجلا من بني إسرائيل قتل مئة نفس ، ثم ذهب يبحث عن التوبة ، فخرج من قريته إلى قرية فيها قوم صالحون ، فلما كان في بعض الطريق أدركه الموت فقبل الله توبته ، وأثابه على حسن نيته ، ومن أصحاب رسول الله عليه وسلم عمرو بن ثابت رضي الله عنه فقد كان يأبى الإسلام ، فلما كان يوم أحد بدا له الإسلام فأسلم ، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس ، فقاتل حتى أثبتته الجراحة ؛ فمات رضي الله عنه وأرضاه فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه لمن أهل الجنة  رواه الإمام أحمد .

فبشهادة التوحيد ، والعزم الأكيد على الإيمان والعمل الصالح الرشيد ، أصبح من أهل الجنة فأدركه الموت قبل أن يسجد لله سجدة ، فإذا علم الله حسن نية العبد وطيب مقصده ونقاء سريرته ؛ سدد قوله وبارك عمله وشكر سعيه ، قال تعالى : ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا .

فإرادة عمل الخير تبلغ بصاحبها ما يقصر عنه عمله ؛ ليكتب الله أجره وثوابه ، ففي سنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كتب له ما نوى ، وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل . 

وفي القرآن الكريم : ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله .

معاشر المؤمنين : إن من بركة النية الطيبة أنها تنفع صاحبها ، ولو لم يقع العمل على وجهه الصحيح ، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم : ذكر رجل ممن كان قبلنا تصدق بصدقات فأخفاها حتى عن نفسه فوقعت الأولى في يد زانية ، والثانية على غني ، والثالثة على سارق فساءه ذلك ، فأوتي أي في المنام فقيل له : أما صدقتك فقد قبلت أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها ، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله ، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته .

قال ابن حجر رحمه الله : نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع ، وبالنية الصالحة يثاب المؤمن على أعماله الدنيوية ، وعلى سعيه لكسب معاشه فتتحول العادات إلى عبادات ، وهذا باب عظيم لكسب الحسنات يغفل عنه كثير من الناس .

وبين فضيلته بأن النية الصالحة خير ما يستفتح به المرء يومه ، ويختم به نهاره وهي خير ما يدخره عند ربه ، فحري بالمؤمن أن ينوي الخير في أقواله وأعماله حتى إذا حل الأجل وحيل بينه وبين العمل كتب الله له أجر العمل .

وقال فضيلة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي ، في الخطبة الثانية : الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك الله وسلم تسليما مزيدا .

 معاشر المؤمنين : لا شك أن الحج ركن عظيم من أركان الإسلام أوجبه الله تعالى على عباده بشرط الاستطاعة ، وبسبب هذه الجائحة كانت المصلحة قصر الحج على أعداد محدودة حفاظاً على أرواح الناس ، وإن من أعظم مقاصد الشريعة حفظ النفس وهي من جملة الضروريات الخمس التي أمر الإسلام بحفظها ، وعدم تعريضها للهلاك أو إلحاق الضرر بها فجزى الله خيرا خادم الحرمين الشريفين ، وولي عهده الأمين ؛ على عنايتهما ورعايتهما لأمر المسلمين ، وإن مما عوضه الله تعالى من لا يستطيعون الحج أن جعل لهم موسم عشر ذي الحجة ، فمن عجز عن أداء نسكه آجره الله تعالى بنيته وجعل له في هذه العشر أعمالا جليلة يقوم بها ، وهو في مكان إقامته فمن الأعمال المشروعة فيها صيامها وخاصة يوم عرفة فصيامه يكفر سنتين ، وفي سنن أبي داوود عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، والذكر في هذه العشر أفضل من الذكر في غيرها ، ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر،  فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد .

فيا أيها المؤمنون أعدوا لهذه العشر عدتها ، وعظموها كما عظمها الله - عز وجل -  وأكثروا فيها من الطاعات ، واستبقوا فيها الخيرات ف، هي أعظم اأام الدنيا ، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما العمل في أيام افضل منها في هذه يعني أيام العشر ، قالوا ولا الجهاد ؟  قال  : ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشئ 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق