وكذلك القلاع التي تملئ جنبات أوروبا وتخص العصور الوسطي ، وفي القرن العشرين وتحديدًا خلال الحرب العالميه الأولي والثانيه وما بعدها ، كانت فكرة الحصون والقلاع الحصينه والخطوط الدفاعيه مسيطرة تماما علي الفكر العسكري في ذلك الوقت للدفاع عن الحدود الدوليه لتلك الدول فنشأت عده خطوط دفاعيه أهمها علي الإطلاق ثلاث وهم: "خط سيجفريد الألماني- خط ماجينوالفرنسي – حائط الأطلنطي الألماني المائي الملغم".
واحتفالا بالذكرى العاشر من رمضان انتصارات 6 أكتوبر /تشرين الأول 1973م الموافق 10 رمضان 1393هـ نسرد تفاصيل خط بارليف وهو تحصين عسكري إسرائيلي تم بناؤه على طول شرق قناة السويس بعد حرب يونيو 1967م وذلك لتأمين الضفة الشرقية لقناة السويس ومنع عبور أي قوات مصرية لإسترداد أرضنا وهو ليس خطَا بالمعني المعروف والحرفي لكنه عباره عن دشم متباعده وموضوعه بعنايه في أماكن مختارة تشكل فيما بينها خطَا دفاعيَا.
في صورته النهائيه تميز خط بارليف بساتر ترابي ذو ارتفاع كبير يتراوح من 20 إلى 22 مترا - وانحدار بزاوية 45 درجة على الجانب المواجه للقناة كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة تسمى "دشم" على مسافات تتراوح من 10 إلى 12 كم وفي كل نقطة حوالي 15 جندي تنحصر مسؤليتهم على الإبلاغ عن أي محاولة لعبور القناة وتوجيه المدفعية إلى مكان القوات المصرية التي تحاول العبور.
وعرقله الإسترداد المصري لحين وصول الدعم المدرع لهم كما كانت عليه مصاطب ثابتة للدبابات، بحيث تكون لها نقاط ثابتة للقصف في حالة استدعائها في حالات الطوارئ كما كان في قاعدته أنابيب تصب في قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم في حالة محاولة القوات المصرية العبور، والتي قامت القوات المصرية الخاصة بسدها تمهيدا للعبور.
اسرائيل كانت تروج طويلا لاستحالة عبور الخط
وقد روجت إسرائيل طويلا لهذا الخط على أنه مستحيل العبور وأنه يستطيع إبادة الجيش المصري إذا ما حاول عبور قناة السويس، كما ادعت أنه أقوى من خط ماجينو الذي بناه الفرنسيون في الحرب العالمية، وهو ما كان أقرب للحقيقه .
فقال موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي في ديسمبر1969:" لن تنال عمليات العبور المصرية - إن حدثت - من قبضة إسرائيل المحكمة على خط بارليف لأن الاستحكامات الإسرائيلية على الخط أشد منعة وأكثر تنظيمًا ويمكن القول إنه خط منيع يستحيل اختراقه، وإننا الأقوياء إلى حد نستطيع معه الاحتفاظ به إلى الأبد".
وفي 10 أغسطس1973تحدث ديان في كلية الأركان الإسرائيلية قائلاَ:" إن خطوطنا المنيعة أصبحت الصخرة التي سوف تتحطم عليها عظام المصريين، وإذا حاولت مصر عبور القناة فسوف تتم إبادة مابقي من قواتها".
وفي السياق ذاته ، قال رئيس الأركان دافيد بن إليعازر:"إن خط بارليف سيكون مقبرة للجيش المصري".
الاسرائيلون استفادوا من اخطاء الالماء والفرنسيين عند بناء الخط
السبب في القول بأن خط بارليف أقوى خط دفاعي في التاريخ أن هذا الخط قد استفاد من كل الأخطاء التي وقع فيها الألمان والفرنسيين في تنظيم خطوطهم الدفاعيه السابقه فخط بارليف لا يمكن تطويق أجنابه لوقوعها موانع طبيعيه مثل خليج السويس في الجنوب والبحر المتوسط في الشمال لذلك فهو أقوي من ماجينو وسيجفريد والذين كانت أجنابهم عرضه للتطويق ، وكذلك كان خط بارليف قد اكتمل بناءه في كل خط المواجهه بل وطرأت عليه تحسينات خلال وقف إطلاق النار بعد خبرات حرب الإستنزاف مما جعله أقوي من حائط الأطلنطي الذي لم يكن قد اكتمل بعد .
والأهم من هذا كله أن خط بارليف كان يقع بعد سلسله من الموانع التي تعد الأصعب في العالم منها قناه السويس ذلك المانع المائي متعدد الإتجاهات للتيار وسرعتها المختلفه التي تعيق أعمال العبور والتي اعتبرها خبراء العسكريه في العالم أقوي مانع مائي في العالم وخلف تلك القناه يقع ساتر ترابي ملغم بألغام أفراد وشراك خداعيه وبزاويه ميل كبيرة جدا تمنع عبوره بالعربات والمدرعات وخلف الساتر الترابي تربض حصون خط بارليف وسط نطاقات مختلفه من الأسلاك الشائكه والألغام.
تطور فكرة الدفاع الثابت
برعت إسرائيل في الدفاع والهجوم المتحرك في معارك الدبابات لكنها بعد انتهاء نكسة يونيو1967 واحتلالها للضفه الشرقيه من قناه السويس فقد وجدت نفسها مجبرة علي الدفاع الثابت عن خط القناه مما أجبرها علي اعتناق استراتيجيه الدفاع الثابت والتي عارضها الجنرال شارون والجنرال يسرائيل تال بقوه لكنها كانت الاستراتيجيه الوحيده الممكن لها الدفاع عن خط القناه من أي عبور مصري محتمل .
ومن هذه الإستراتيجية ونتيجة لعوامل أخرى كثيرة نبعت من مسرح العمليات نفسه مثل قناه السويس وطول المواجهه وصلاحيه معظم خط الجبهه لعبورالقوات المسلحة المصرية واسترداد الأراضي المصرية لتحرير سيناء المتوقع بدأ التحول الكبير في أسلوب الحياة العسكرية الإسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة من اللهو والعبث إلى الحياة داخل الخنادق والدشم وكانت البداية معركة "رأس العش" 1 يوليو 1967 وكانت أول هزيمة تتكبدها القوات الإسرائيلية أثناء وبعد يونيه 1967ثم اشتباكات يومي 14 و 15 يوليو 1967 وفي هذه الاشتباكات تكبدت إسرائيل خسائر كبيرة أمرت في أعقابها القيـادة الإسرائيلية أن تقوم القوات بإنشاء مواقع ميدانية محصنة على طول المواجهة تسلسلت عبر المراحل الزمنية القصيرة كالآتي:
بدأت بإنشاء حُفر يوضع حولها شكاير رمل، بغرض الوقاية الفردية أثناء الإشتباكات، وقد فشلت تلك التحصينات البسيطه في حمايه الجندي الإسرائيلي من الاشتباكات المصريه القويه فتم إنشاء ملاجئ ميدانيه لوقاية نقط الملاحظة التي انتشرت على المواجهه وثبت فشلها أيضَا مع تطور القوات المسلحة المصريه في استخدام المدفعيه .
ثم قامت القوات الإسرائيلية بتعلية السواتر الترابية على طول القناة لعدم كشف أعمال وتحركات قواتها على الضفة الأخري وقد نجح ذلك في إخفاء التحركات الإسرائيليه عن نقاط ملاحظه المدفعيه المصريه مؤقتا.
ومع بداية الشتاء في نهاية عام 1967 قرر الجنرال حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي وقتئذ إقامة تجهيزات حصينة لوقاية القوات الإسرائيلية على طـول القناة وكلف الجنرال أبراهام آدان الذي كان يعمل في رئاسة الأركان بالتنسيق مع الجنرال يشعياهو جافيتش قائد المنطقة الجنوبية والذي تم قتله لاحقا بواسطه إحدى كتائب الصاعقة المصرية بقيادة الرائد معتز الشرقاوي.
استعانوا بخبراء ألمان وبلجيك وامريكان للتخطيط لاقامة الخط
وبالإستعانة بالعديد من الخبراء الألمان والبلجيكيين والأمريكيين للتخطيط لإقامة الخط الذي أطلق عليه بعد ذلك خط بارليف نسبة إلى رئيس الأركان الإسرائيلي وحدد الجنرال بارليف إستراتيجية بناء الخط لتحقق عدداً من الأهداف التي تتمشى مع إستراتيجية البقاء الدائم في سيناء وكانت أهم هذه الأهداف هي:
* إنشاء خط حصين للدفاع عن سيناء ومنع القوات المسلحة المصرية من العبور شرقاً واسترداد أرضها، وتدميرها في المياه، قبل أن تصل إلى الشاطئ الشرقي.
* تأمين القوات الإسرائيلية على خط الجبهة في سيناء وتقليل تأثير النيران المصرية عليهم.
*اعتبار هذا الخط هو الذي تستند عليه الضربات الرئيسية الإسرائيلية بعد مرحلة التعبئة لتدمير القوات المسلحة المصرية التي تكون قد نجحت في العبور.
* تجهيز الخط بأسلوب علمي متقدم ليكون خط ملاحظة أمامي لمراقبه أوضاع القوات المسلحة المصرية.
وقد أثار التفكير في بناء الخط جدلاً شديداً بين القادة الإسرائيليين وتزعّم جبهة المعارضة وقتذاك الجنرال إيريل شارون رئيس سلاح التدريب والجنرال يسرائيل تال برئاسة الأركان، وكانت وجهة نظرهما تتحدد في الآتي:
* إن عقيدة القتال الرئيسـية للقوات الإسرائيلية هي المرونة والحركة بينما خط بارليف دفاع ثابت ومن ثم يتعارض مع الفكر الإسرائيلي العسكري.
* إن الدفاعات الثابتة ستكون أهدافا سهلة للنيران المصرية وبالتالي تزيد خسائر إسرائيل.
* إن الدفاعات الثابتة تحتاج لمن يحتلها ويدافع عنها بينما عقيدة إسرائيل تعتمد على قوات قليلة في الأوقات العادية والتعبئة الشاملة أثناء الحرب.
وتمت مناظرات ومباحثات وكل يتمسك برأيه إلى أن تغلب رأى رئيس الأركان "بارلي" معتمدًا على قوة الحجة والأقدمية والسلطة.
تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية أهم مكوناته
كان خط بارليف وهو أقوى خط دفاعي في التاريخ الحديث يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة وهو يتكون من خطين من الدشم المنفصله (يتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية إسرائيلية، بطول 170 كم على طول قناة السويس)، وكانت إسرائيل قد قامت بعد عام 1967 ببناء خط بارليف، والذي إقترحه حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي في الفترة ما بعد حرب 1967 من أجل تأمين الجيش الإسرائيلي المحتل لشبه جزيرة سيناء ولضمان عدم عبور المشاه المصريين لقناه السويس .
ضم خط بارليف 22 موقعَا دفاعيَا، 36 نقطة حصينة، وتم تحصين مبانيها بالأسمنت المسلح والكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف، كما كانت كل نقطة تضم عددا من دشم الرشاشات، وعدد من ملاجئ الأفراد بالإضافة إلى مجموعة من الدشم الخاصة بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات ، وعدد كبير من نطاقات الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية معقدة وتتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ والدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب المدفعية الثقيلة ، وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات، وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة، وكل نقطة مجهزة بما يمكنها من تحقيق الدفاع الدائري إذا ما سقط أي جزء من الأجزاء المجاورة، ويتصل كل موقع بالمواقع الأخرى سلكيا ولاسلكيا بالإضافة إلى اتصاله بالقيادات المحلية الإسرائيلية مع ربط الخطوط التليفونية بشبكة الخطوط المدنية في إسرائيل ليستطيع الجندي الإسرائيلي في خط بارليف محادثة منزله في إسرائيل وقد بلغت تكاليف خط بارليف خمسة مليارات من الدولارات.
*خط بارليف الإبتدائي
بدأ إنشاء خط بارليف بدءاً من 15 مارس1968 ولمدة عام كامل انتهي في 15مارس 1969 واستخدم كل الإمكانيات المحلية في إنشائه إذ اقُتلعت قضبان خط السكة الحديد القنطرة/ العريش والفلنكات والعوارض الخشبية الضخمة لتكون أسقفاً لحصون الخط وقام بإنشاء شركات مدنية إسرائيلية تكون الخط من 22 موقعاً حصيناً يحوى 36 نقطه قوية وكل نقطه تمثل قلعة منفصلة تتعاون مع القلاع الأخرى بالنيران وحُصِّنت بكتل حجريه ورمال تقيها من القنابل إذ أسقطت عليها مباشرة.
ولزيادة صلابة هذه النقط الحصينة فقد أنشأت النقط الأمامية على حافة القناة مباشرة، وتم دفع الساتر الترابى على طول الضفة الشرقية للقناة إلى حافة القناة مباشرة وتم تعليته إلى ارتفاعات تتراوح ما بين 16 ـ 22 مترا ليشكل في مجمله(قناة مائية + ساتر ترابي + قلاع حصين) مانعاً يحبط أمل أي قوات مصرية في مجرد التفكير في عبورها إلى الضفة الشرقية.
وقد قامت القوات الجويه المصريه بطلعات استطلاع يوميه لتصوير مراحل العمل في خط بارليف بطول خط القناه لدرجه أن الخبراء المصريين كانوا يعلمون من الصور الجويه فقط مكونات الخط من الداخل ومما تم بناءه.
وكان هذا هو خط بارليف الأول الذي تمكنت القوات المسلحة المصرية من تدمير جزء كبير منه أثناء حرب الإستنزاف من خلال الأعمال القتالية.
*تطوير خط بارليف
بعد إيقاف النيران في 8 أغسطس 1970 استغلت إسرائيل خبرات القتال وتلافت نقاط الضعف في خط بارليف الأول وقررت البقاء على فكرته وتطويره ليصبح نظاماً دفاعياً متكاملاً وأعيد بناء النقط الحصينة بأسلوب متقدم وبإستخدام كميات هائلة من الخرسانة المسـلحة فضلاً عن قضبان السكك الحديدية و "شباك الحجر" التي تمتص الصدمات الإنفجارية وألغيت فتحات المراقبة والتسديد "المزاغل" وتحولت إلى خنادق نيران مخفاة تماماً، وجُهِّز الساتر الترابي بنظام دفاعي متكامل، بإنشاء مرابض دبابات على طول الساتر160 كيلومترَا وتبعد كل حفرة عن الأخرى حوالي 100متر.
واطـمأنت إسرائيل لهذه التجهيزات، إلى الدرجة التي جعلت الجنرالين "موشي ديان وديفيد أليعازر" وهما قمة السلطة العسكرية في إسرائيل 5 أكتوبر 1973 بأن يردا على سؤال رئيسة الوزراء - وقتئذ - جولدا مائير عن إمكانية عبور قوات مصرية لقناة السويس بأن محاولة عبور مصريين للقناة مستحيلة ولو حاول المصريون النزول إلى قناة السويس فربما يتغير لونها من اللون الأزرق إلى اللون الأحمر لكثرة خسائرهم.
الخطه الدفاعيه الإسرائيليه
بعد تولي الجنرال شارون قياده المنطقه الجنوبيه في سيناء في أوئل السبعينيات تطورت الخطه الدفاعيه الإسرائيليه في تلك الفترة حيث قلص شارون نقاط خط بارليف العامله إلى 21 نقطه بدلا من 36 نقطه ودفع دوريات مستمرة للنقاط المهجورة وتم عمل صيانه دوريه لها حتي تكون جاهزة لآي موقف .
وكان تفكير شارون هو تقليل عدد الأفراد الموجودين في النقاط الحصينه الغير حيويه من وجهه نظره مع التركيز علي الإحتياطي التكتيكي القريب علي مسافه 10 كيلو متر من القناه والمقدر بـ 3 كتائب دبابات حوالي 100 دبابه، ومن خلفهم في المنطقه التعبويه للجبهه عدد 3 لواءات مدرعه عدا 3 كتائب دبابات وعددهم 270 دبابه تقريبًا .
وكانت نظريه شارون هي المزج بين الدفاع الثابت الذي أصبح أمرًا واقعًا مفروضًا عليه وبين الدفاع المتحرك بالمدرعات التي خصصت له في العمق القريب حتي وصول الإحتياطي الإستراتيجي وبتلك القوة يستطيع أن يوجه ضربات مدرعه محليه وتكتيكيه للقوات المسلحة المصريه التي تحاول العبور وتشتبك مع نقاط خط بارليف بعد أن يكون قد اكتشف اتجاه المجهود الرئيسي للقوات المسلحة المصريه .
وتطورت تلك الخطه إلى خطتين خطه دفاعيه وآخرى هجوميه منبثقه من الدفاعيه وسميت الخطه الدفاعيه شوفاح يونيم أي برج الحمام أما الخطه الهجوميه فسميت الغزاله وكلتا الخطتين تقومان علي أساس ثابت و واضح وهو قوة خط بارليف وإمكانيته الفائقه في صد الهجوم المصري علي خط الماء .
وبعد تولي الجنرال جونين مسئوليه القياده الجنوبيه خلفا لشارون ، فقد استمر في عمله بتلك الخطط مع الاستمرار في تخفيض حصون خط بارليف العامله والتركيز علي النقاط الرئيسيه في مواقع العبور المحتمله مع دفع دوريات لإحتلال النقاط المهجورة نهارا وتركها ليلا والعوده.
ومن خلال نشر مذكرات القاده الإسرائيليين بعد الحرب بفترة فإن آيا من القاده لم يساوره شك في لحظه ما أن خط بارليف يمكن أن يدمر أو يتم احتلاله لكن كان خطأ الإسرائيلين في الإستهانة بالجيش المصري مثل أن خط بارليف يحتاج قنابل ذريه تكتيكيه لكي يدمر وهو ما لم يكن قابلا للتفكير فيه كإحتمال، وأن عبور القناه وإقامه جسور وفتح ثغرات في الساتر الترابي تحتاج إلى سلاحي المهندسين الامريكي والسوفيتي معَا جنبَا إلى جنب حتي تبدأ أول دبابه في العبور بعد 18 ساعه من بدء الحرب .
رغم أن تلك التقديرات صحيحه عسكريَا 100% طبقا لمعايير هذا الوقت فإنه طبقَا لحديث الخبير والمؤرخ البريطاني أدجار أوبلانس في ندوه عن حرب أكتوبر بعد مرورعام في أكتوبر 1974 قائلاً:" يكمن سر نجاح العبور المصري في الحلول الغير نمطيه التي اتبعها الجيش المصري في التغلب علي مشاكل العبور، وهذا هو الشئ الذي لم تكن تتوقعه إسرائيل من القياده المصريه تمامًا وسقط الخط المنيع تحت أقدام الجيش المصري".
لحظات العبور والإرادة المصرية
لقد فوجئ العالم بالإعجاز المصري في العبور، وقد درس المصريين خط بارليف من اليوم الأول لإنشائه بثلاث وسائل مختلفه هم :"التصوير الجوي – الإستطلاع – المخابرات الحربية والعامة".
وقد نجحت جميع وحدات المشاه في العبور والوصول إلى مصاطب الدبابات قبل أن تتمكن آي دبابه إسرائيليه من الوصول إلى آي مصطبه ودمرت في أول ساعات العبور 60 دبابه إسرائيلية تقريبَا من الدبابات المائه، وقد امتلئت المراجع الإسرائيليه بوصف الجنود والضباط الإسرائيليين لعبور القوات المسلحة المصريه وتسلقها الساتر الترابي واستردادها سيناء بدون أن يستطيع الجنود الإسرائيلين منعهم أو وقفهم.
قالوا عن خط بارليف من 1967 إلى أكتوبر 1973
فى أعقاب يونية 1967 أرسل رئيس تحرير مجلة دير شبيجل الألمانية خطابَا إلى جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل قال فيه بكل إنبهار" إننى يا سيدتى أشعر بالأسف الشديد لأننى أصدرت ملحق المجلة الخاص بالإنتصار الإسرائيلى باللغة الألمانية إننى سأفرض على المحررين فى دور الصحف التى أملكها أن يتعلموا العبرية ... لغة جيش الدفاع الذى لا يقهر ".
وبعد أيام من حرب أكتوبر بالتحديد 22 نوفمبر 1973 تقول دير شبيجل الألمانية :"إن اجتياح المصريين خط بارليف جعل الأمة العربية بكاملها تنفض عن نفسها آثار المهانة التى تحملت آلامها منذ 1967 "وفق ما نشر من كتاب الطوفان للمراسل الحربي خلال حرب أكتوبر الأستاذ حمدي الكنيسي والذي وصف خط بارليف قائلَا:"هو أقوى خط دفاعى فى التاريخ الحديث كان يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء وكان يتكون من الخط الأول والرئيسى على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس وبعده على مسافة 3 - 5 كم كان هناك الخط الثانى ويتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية ثم يجىء بعد ذلك وعلى مسافة من 10 - 12 كم الخط الثالث الموازى للخطين الأول والثانى وكان به تجهيزات هندسية أخرى وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية وكل هذه الخطوط بطول 170 كم على طول قناة السويس".
ومما سبق لم يكن يخطر ببال إسرائيل أن المصريين يمكنهم تدمير هذا الخط الحصين بل إن بعض الخبراء العسكريين الغربيين بعد دراستهم لتحصينات خط بارليف والمانع المائي الذي أمامه وهو قناة السويس قالوا: "إنه لا يمكن تدميره إلا إذا استخدمت القنبلة الذرية".
إلا أنه بعد العبور وتحقيق انتصارات 6 أكتوبر /تشرين الأول 1973م الموافق 10 رمضان 1393هـ وقف قادة إسرائيل في ذهول بعد أن دمر هذا الخط الدفاعي خلال 6 ساعات وتبرأ موشى ديان منه قائلًا:" إن هذا الخط كان كقطعة الجبن الهشة ".
وقالت وكالة اليونايتد برس:"إن تخلى إسرائيل عن خط بارليف الحصين على الضفة الشرقية لقناة السويس يعتبر أسوا نكسة عسكرية أصيبت بها فى تاريخها وأضافت الوكالة أن الجنود الإسرائيليين الذين أقاموا وراء خط بارليف كانوا يقولون دائما أنهم يشعرون باطمئنان تام وأنهم آمنون وراء حصن لا يمكن إقتحامه والآن أصبح هذا الحصن فى أيدى المصريين".
كما علقت صحيفة "انا بيللا" الإيطالية على سقوط خط بارليف قائلة:" لقد فر الجنود الإسرائيليون من خط بارليف وهم يلتقطون أنفاسهم وقد علت القذارة أبدانهم وشحبت وجوههم فرت فلولهم من الجحيم الذي فتحه عليهم الهجوم المصري الكاسح ".
اترك تعليق