هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

علماء مسلمون غيروا وجه العالم 5-30

ابن زهر الأندلسي طبيب عربي مسلم أحد رواد المدرسة التجريبية في البحث الطبي
يذخر تاريخ الحضارة الإسلامية بأسماء المئات بل الألاف من العلماء الذين نجحوا في تغيير وجه الحياة بما قدموه للبشرية من اختراعات وابتكارات استفادت منها جميع العلوم والمعارف وبعضها لازال يستخدم حتى الآن. الجمهورية اونلاين ستستعرض طوال أيام شهر رمضان المبارك بعض الاختراعات والابتكارات التي قدمها علماء المسلمين فغيروا بها وجه الحياة على مر العصور.

 

إعداد وتحقيق/ محمد سعيد
 

أجرى العمليات الجراحية التجريبية على الحيوانات واستفاد منها في علاج البشر

ابتكر اسفنجة التخدير ووصف سرطان المريء والمعدة وعالج التهاب الاذن الوسطى

اكتشف الشعيرات الدموية ودرس الأمراض النفسية استخدم الموسيقى وخيال الظل في العلاج

 

 

ابن زهر ..  وزير دولة المرابطين ومفكرٌ وطبيبٌ عربي مسلم نجح في ان يضع اسمه بين أعظم الأطباء في العالم، حتى وصفه معاصريه بأنه أعظم طبيب منذ جالينوس ويرى بعض المؤرخين للعلوم أنه أعظم الأطباء المسلمين منذ الرازي، فهو أكبر طبيب في الدولة العربية الإسلامية التي قامت في الأندلس. إضافة إلى أنه من أعظم علماء الطفيليات. وقد انتشر تأثير ابن زهر على تطور العلوم الطبية لعدة قرون في جميع أنحاء العالم. واستحق بمؤلفاته العلمية التي لا تزال محفوظة في متاحف الدول الغربية الكبرى لقب الطبيب العالم

 

وعلى خلاف كل معاصريه وسابقيه من العلماء والأطباء المسلمين لم يعمل الطبيب المرموق والعالم النابغة ابن زهر أو ينشغل سوى بالطب فقط، واستخدام أساليب علمية متطورة في البحث والتجريب، حتى تحول إلى مدرسة علمية متكاملة ساهمت في تخريج العديد من الأطباء، منهم شقيقته وابنتها اللتين عملتا طبيبتين متخصصتين في أمراض النساء، وكان هذا قبل 700 سنة من أول طبيبات تخرجن في الولايات المتحدة.

 

نقترب أكثر من الطبيب العربي الاندلسي المسلم الذي نجح في تحقيق عدد من الإنجازات العلمية غير المسبوقة ونجح في استخدام العديد من الطرق العلاجية لمداواة الكثير من الأمراض التي كانت مستعصية في عصره، وكان لأعماله أثر كبير في تطور الطب في أوروبا فيما بعد. لنتعرف عليه

 

البطاقة الشخصية:

الاسم: أبو مروان عبد الملك بن أبي العلا ابن زهر

تاريخ الميلاد: 482 هجرية الموافق 1090 ميلادية

محل الميلاد: مدينة اشبيلية دولة الأندلس

المهنة: طبيب ومفكر ووزير في دولة الموحدين

الألقاب: طبيب التجربة والاختبار - أعظم طبيب منذ جالينوس - أعظم الأطباء المسلمين – أكبر طبيب في الأندلس - أعظم علماء الطفيليات - واسمه في المراجع الأوروبية هو «Avenzoar»

المؤلفات: كتاب الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد - كتاب الأغدية، عن الأغذية ونظام الصحة-  كتاب التيسير، كتابه العظيم وكتبه بناء على طلب زميله ابن رشد

 

 

محطات مهمة في حياة ابن زهر

وُلد ابن زهر في إشبيلية، ونشأ في عائلة بنو زهر، وهي عائلة عربية الأصل، أنجبت ستة أجيالٍ متتالية من الأطباء، كما خرج منها الفقهاء والشعراء والوزراء والحكام والقابلات، خدموا تحت حكم الأندلس. ودرس الطب مع والده، أبو العلا زهر عام 525 هجرية الموافق 1131 ميلادية في سن مبكرة.  تخرج في جامعة قرطبة العربية الطبية. سافر إلى القاهرة وبغداد واقام فيهما إقامة قصيرة، وعاد إلى الاندلس وعمل طبيبا. ثم التحق بخدمة الأمير صالح عبد المؤمن، كطبيب ووزير. وكرّس حياته المهنية في إشبيلية.

عاصر ابن زهر المرابطين والموحدين في الأندلس، وعايشهم مبقياً مسافة كافية بينه وبين سياسات كلتا الدولتين، فقد كان رفيع المكانة عند المرابطين هو وأبوه أبو العلاء حتى إنه ألف كتاب "الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد" ويسمى أيضاً "الزينة" بطلب من أمير مرابطي، ثم علا شأنه عند الموحدين بعدهم. وكان الملوك والامراء وقتها وإن اختلفت نظمهم ودولهم، يعلون شأن العلماء، حتى لو كانوا يعملون في خدمة الملوك السابقين.

وحتى الان لا يُعرف سبب خروج ابن زهر من اشبيلية اثناء فترة حكم الأمير المرابطي علي بن يوسف بن تاشفين ومحاولة الابتعاد عن البلاط الحاكم والذهاب إلى المغرب ليتخذ من مراكش منفي اختياري له وكان ذلك في سنة 534 هجرية الموافق 1140 ميلادية وبعد 7 سنوات عندما غزت قامت دولة الموحدين واستولت على إشبيلية، عاد وشغل نفسه للعمل الطبي.

 

فلسفة ابن زهر وطريقته في العمل

إن أهم ما يميز الطبيب ابن زهر أنه رجلٌ عمليٌ للغاية، فكان يكره التكهنات الطبية، واعتمد على التجريب والملاحظة وقام بإجراء الكثير من التجارب على الحيوانات، عرّف التجارب على الحيوانات كطريقةٍ تجريبية لاختبار العمليات الجراحية قبل تطبيقها على المرضى البشريين، وأثبتت تجربته الفريدة على القصبات الهوائية للماعز سلامة هذه العملية لدى البشر، وشكلت خطوةً كبيرة في تطوير المدرسة التجريبية التي بدأها الرازي في بغداد

وتضمنت تجاربه الفريدة إعطاء جرعاتٍ للقرود من الزئبق لاختباره كدواءٍ للاستخدام البشري. كما قام بتجارب ما بعد الموت على الأغنام، وفي سياق أبحاثه السريرية حول علاج الأمراض المتقرحة في الرئتين، أكد على أهمية المعرفة العملية والسليمة للتشريح للمتدربين على الجراحة.

وتوصل إلى نتائج دقيقة لا يمكن أن يتوصل إليها إلا من خلال دراسات وملاحظات سريرية. كما أصر على برنامج تدريبي جيد الإشراف والهيكلية لمن يود أن يكون جراحًا، قبل السماح له بالعمل بشكلٍ مستقل، كما رسم الخطوط الحمراء التي يجب أن يتوقف عندها الطبيب أثناء إدارته العامة لحالة جراحية، وكان ذلك خطوةً إلى الأمام في تطور الجراحة العامة باعتبارها تخصصًا مستقلاً، فهو يعتبر بحق طبيبا تجريبيا فتح آفاق البحث الطبي لمن جاء بعده، من كافة انحاء العالم.

 

قواعد عامة واسس اخلاقية

اعتمد مبدأ "المذكرة الطبية" التي يمكن للطبيب أو المتعلم الرجوع إليها عند الحاجة

اعتمد مبدأ "القواعد العامة" في الصحة والمرض ليحقق بذلك مبدأ الوقاية والعلاج معا كثقافة اجتماعية، بحيث يمكن للناس معرفة ما يضرهم وما ينفعهم وما هي الإسعافات الاولية وقت الضرورة الملحة حتى يحضر الطبيب

اعتمد مبدأ التاريخ المرضي للأشخاص يحدد اسم المرض وطبيعته ثم المريض اسمه ومهـنته وسنه وزمن إصابته بالمرض والعلاج ونتائج المعاينة الطبية، ثم اسم الطبيب المعالج وهو أحد اهم أسس الطب المعاصر

ضع قواعد عامة للتشخيص وهي “الدلائـل" و "العلامات" و "الأعراض" والتي تتوافق مع ما هو معروف في الطب الحديث بأطوار المرض

جعل من التجارب الذاتية مادة علمية تفيد الطبيب والمتعلم في تشخيص الحالات المرضية والتي استفاد منها في استنباط طريقة علاج جديدة أو معرفة نوع جديد من الأمراض.

كان يعتبر الطب مهنة شريفة مقدسة مهمتها حفظ حياة الإنسان قدر المستطاع

وضع قواعد أخلاقية مهنية للطبيب، مثل الصدق والأمانة وعدم صناعة السموم لمن يطلبها

حدد معالم إمكانية استحقاق لقب الطبيب للمتعلم من خلال قراءة الكتب المختصة وحضور حالات المعالجة والمعاينة مع طبيبه الأستاذ والتدرب بين يديه ثم مباشرة العمل لوحده رويدا رويدا بالإضافة إلى حضور المناظرات العلمية التي تعقد بين الأطباء المتمرسين للاستزادة والتحصيل.

 

 

إنجازات ابن زهر

نجح ابن زهر في تحقيق العديد من الإنجازات في العديد من فروع الطب

 

في علم التشريح

توصل إلى عدد من الحقائق التي أثبت الطب الحديث صحتها مثل:

تحديد عدد أعظم الجمجمة، والأغشية الخارجية والداخلية لعظام الجمجمة

تحديد عدد أغشية الدماغ بثلاثة أنواع المعروفة اليوم بــ "السحايا"

 معرفة الشبكة الوعائية

أول من اكتشف الغشاء الخاص بعظم القحف المعروف اليوم بالسمحاق.

نجح في التفريق بين العروق الضوارب (الشرايين) والعروق غير الضوارب (الأوردة)،

اكتشف ما يسمى اليوم بالأوردة الدقيقة

أول من أطلق اصطلاح "أوعية الدم" وهو يقصد بذلك الشرايين والأوردة والعروق

نجح في اكتشاف الشعيرات الدموية، وهو أول من وصفها بأنها رقيقة كالشعر ليسبق مالبيغي بـ 532 في وضع أول التصورات العلمية حول الشعيرات الدموية، قبل ابتكار المجهر

نجح في التفرقة بين أعصاب الحس وأعصاب الحركة وطبيعة كل منها وظيفتها وأماكن تواجدها في الجسم البشري وقارب في ذلك المفهوم التشريحي المعاصر للأعصاب.

أول من تحدث عن الخلية العصبية

أول من حدد ما يعرف اليوم بالزوائد الشجرية

اكتشف العصب الراجع في العنق والغدة الصنوبرية وقنطرة فارول ومركز التنفس في الدماغ. والنخاع المستطيل والبصلة السيسائية.

تحديد أجزاء العين وبينتها الداخلية وخاصة في موضوع الأعصاب المجوفة

أول من تحدث عن القناة الدمعية الأنفية أو ما يعرف حديثا بـ "المسيل". ليقارب الطب المعاصر

أول من تحدث عن وجود غشاء مخاطي في الأنف

 

في علم الأمراض

أول من قام بوصف سرطان المريء والمعدة، فضلاً عن الآفات الأخرى بشكل دقيق

أول من عرف الجرب، وقدم أدلةً على سوس الجرب، ما ساهم في التقدم العلمي لعلم الأحياء الدقيقة

أول من اعتنى بمسألة الاحتراق الداخلي للدم أو ما يسمى بالاحتراق البطيء الذي اكتشفه لافوازييه

 أول من تحدث عن التخمر والبكتريا قبل مجيء باستور

أول من فرق بين التنفس الخارجي للصدر والتنفس الداخلي للرئتين وأن سبب حركة التنفس هو الصدر

اعتنى بمسائل الفيروسات الممرضة والأمراض السرطانية.

اكشاف الغذاء الصناعي عن طريق أنبوب يمر إلى المعدة مباشرة، ووضع أول التصورات لما يعرف اليوم بالتغذية الصناعية

نجح في التشخيص المجهري الداخلي الذي لم تعرفه أوروبا إلا في الثلاثين سنة الأخيرة من هذا القرن.

أول من فتح القصبة الهوائية ووصف السل وعملية استخراج الحصى من الكلى

وصف التهاب الأذن الوسطى، وعالج خراريج فوق الرئة بشق الصدر وتطهيرها

طرق العلاج

ابتكر أسلوبا في علاج المرضى، إذ كان يوفر لهم وسائل الترفيه، ويسمعهم الموسيقى ويأتي بالقُصّاص والشعراء ويعرض عليهم «خيال الظل» لتسليتهم وتخفيف آلامهم

درس وابتكر في الأمراض النفسية، ونصح بحسن معاملة المرضى والرفق بهم والتعرف على أحوالهم والسماع لكلامهم وتهدئتهم، ومراقبة تأثير الدواء فيهم خلال ثلاثة أيام

نجح في علاج شلل البلعوم بثلاث طرق مختلفة

 

التخدير والعمليات الجراحية

كان يعقم آلات وأدوات الجراحة جيدا بالماء، أو بعسل النحل أو بالمزج بينهما، قبل إجراء الجراحة

ابتكر طريقة الإسفنج المنوم «أو المرقد أو المخدر» وهو قطعة من الإسفنج الطبيعي، تُغمر في مزيج من المواد المنومة والمخدرة مثل: الأفيون والمواد العطرية مثل ست الحسن والزؤان، ثم تُجفف في الشمس، وتُحفظ وقبل اجراء العملية الجراحية كان يبلل السفنجة بالماء ويضعها على أنف وفم المريض فتنبعث منها أبخرة المادة المخدرة «المورفين» ليقوم بإجراء الجراحة له

كان يخيط الجروح بعد الجراحة لمساعدتها على الالتئام

أجري عمليات جراحية في المخ والقلب والكبد والمعدة والصدر وكان له ولأبي القاسم الزهراوي، الفضل في تمهيد الطريق لظهور الجراحـة الحديثة

نصح باستعمال الخل والفلفل للوقاية من الحُميات العضوية، واتضح حديثا صدق ما قال طبقا لعلماء الميكروبيولوجي

 

 

قالوا عن ابن زهر

بذل عدد من العلماء الباحثين الأوروبيين أمثال: جابريال كولان، ورينو، وروزاكوني بربانت، جهودا كبيرا وجهود مضنية لمتابعة هذا الطبيب وابحاثه وما توصل إليه من نتائج في مجال البحث الطبي كانت فاتحة عهد جديد

أعجب الفيلسوف اليهودي الطبيب مايمونيدس بابن زهر، ووصفه بأنه "فريد في عصره وأحد الحكام العظيمين". وكثيرًا ما نقل عنه في نصوصه الطبية.

 

 

وفاته

توفي في مسقط رأسه بإشبيلية في عام 557 هجرية الموافق 1162 ميلادية





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق