كتب - احمد مجاهد

بعد حرب يونيو 67 وجدت اسرائيل نفسها مجبرة علي استراتيجية الدفاع الثابت عن خط القناة من اي عبور مصري محتمل ونتيجة لعوامل أخري مثل قناة السويس ، وصلاحية معظم خط الجبهة للعبور المصري ومعركة رأس العش التي تكبدت إسرائيل فيها خسائر كبيرة أمرت في أعقابها القيـادة الإسرائيلية أن تقوم القوات بإنشاء مواقع ميدانية محصنة علي طول خط المواجهة، وبدأت بإنشاء حُفر يوضع حولها شكاير رمل، بغرض الوقاية الفردية أثناء الاشتباكات، وقد فشلت تلك التحصينات البسيطة في حماية الجندي الاسرائيلي من الاشتباكات المصرية القوية، فتم إنشاء ملاجئ ميدانية لوقاية نقط الملاحظة التي انتشرت علي المواجهة، وثبت فشلها ايضا مع تطور القوات المصريه في استخدام المدفعية، ثم قامت القوات الإسرائيلية بتعلية السواتر الترابية علي طول القناة لعدم كشف أعمال وتحركات قواتها علي الضفة الأخري، وقد نجح ذلك في اخفاء التحركات الاسرائيلية عن نقاط ملاحظه المدفعية المصرية مؤقتا الي ان اقترح الجنرال حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي إقامة تجهيزات حصينة لوقاية القوات الإسرائيلية علي طـول القناة، بالاستعانة بالعديد من الخبراء الألمان والبلجيكيين والأمريكيين للتخطيط لإقامة الخط الذي أطلق عليه  بعد ذلك خط بارليف نسبة إلي رئيس الأركان الإسرائيلي .

تحصيناته.. تجهيزات هندسية.. ومرابض للدبابات والمدفعية والمدرعات

بدأ إنشاء خط بارليف في 15 مارس 1968 واستغرق بناؤه عاماً كاملاً ويتكون الخط من 22 موقعا دفاعيا و 36 نقطة حصينة وتم تحصين مبانيها بالاسمنت المسلح والكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف، وكل نقطة تضم عدداً من دشم الرشاشات وعدداً من ملاجئ الافراد بالإضافة إلي مجموعة من الدشم الخاصة بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات وعدداً كبيراً من  نطاقات الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية معقدة وتتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ والدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب المدفعية الثقيلة حتي قنابل زنة 2000 رطل وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة، وكل نقطة مجهزة بما يمكنها من تحقيق الدفاع الدائري إذا ما سقط أي جزء من الأجزاء المجاورة، ويتصل كل موقع بالمواقع الأخري سلكيا ولاسلكيا بالإضافة إلي اتصاله بالقيادات المحلية مع ربط الخطوط التليفونية بشبكة الخطوط المدنية في إسرائيل ليستطيع الجندي الإسرائيلي في خط بارليف محادثة منزله في إسرائيل ، وقد بلغت تكاليف خط بارليف 248 مليون دولار.

موانع طبيعية

ويعتبر خط بارليف أقوي خط دفاعي في التاريخ لأنه استفاد من كل الأخطاء التي وقع فيها الألمان والفرنسيون في تنظيم خطوطهم الدفاعية السابقة فخط بارليف لا يمكن تطويق اجنابه لوقوعها ضمن موانع طبيعية مثل خليج السويس في الجنوب والبحر المتوسط في الشمال، ولم يكن لدي الجيش المصري الامكانيات لعمل انزال بحري من خليج السويس أو البحر المتوسط بقوة مدرعة لتطويق هذا الخط لذلك فهو أقوي من ماجينو وسيجفريد والذين كانت أجنابهم عرضة للتطويق وهو ما حدث فعلا، وطرأت عليه تحسينات خلال وقف إطلاق النار بعد خبرات حرب الاستنزاف لزيادة صلابة النقط الحصينة، فقد أنشئت النقط الأمامية علي حافة القناة مباشرة، وتم دفع الساتر الترابي علي طول الضفة الشرقية للقناة إلي حافة القناة مباشرة وتمت تعليته إلي ارتفاعات تتراوح ما بين 16 و22 مترا ليشكل في مجمله قناة مائية و ساتراً ترابياً وقلاعاً حصينة مما جعله اقوي من حائط الاطلنطي الذي لم يكن قد اكتمل بعد.