هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

حقل الألماس
يحكى أن مزارعًا عمل في مزرعته حتى صار عجوزًا, ثم سمع أن كثيرًا من الناس يبحثون عن الألماس ويجدونه فيحققون به الغنى, تحمس الرجل وباع حقله وأخذ يبحث عن الألماس دون جدوى, حتى نسيه الوقت, وتسلق التعب ساقه, وتغلغلت الآلام في عظامه

بقلم/ مدحت شنن

يحكى أن مزارعًا عمل في مزرعته حتى صار عجوزًا, ثم سمع أن كثيرًا من الناس يبحثون عن الألماس ويجدونه فيحققون به الغنى, تحمس الرجل وباع حقله وأخذ يبحث عن الألماس دون جدوى, حتى نسيه الوقت, وتسلق التعب ساقه, وتغلغلت الآلام في عظامه, وتملَّكه اليأس فألقى نفسه في البحر, غير أن المزارع الجديد الذي اشترى المزرعة من العجوز, وجد ألماسة تحتها ثم وجد ثانية فثالثة, حتى تبين أن المزرعة عبارة عن حقل قائم على منجم ألماس. المثير أن المزارع العجوز بحث عن الألماس في كل مكان إلا حقله, ولعله أبصر ألماسة لكنه لم يهتم بها لأنها بدت كقطعة فحم, وغاب عنه أنها فقط تحتاج إلى القطع والتشكيل والصقل لتحقق له الغنى المنشود.

وحالنا المعاصر كحال المزارع العجوز, التفوق تحت أقدامنا قريب منا ولا نبصره.

إن كل إنسان على الإطلاق, قادر على التميز في مجال ما, وتقبع بداخله منطقة للتفوق, كحقل ألماس يحتاج اكتشافه ليضع فيه كل طاقاته, لاسيما وأن ينابيع النفس متجددة لا تجف ما دامت تحويها الحياة, بشرط أن تتعافى من الجلطة النفسية التي يتوقف فيها الزمن حول نقطة معينة, فلا يتحرك صاحبها ويبقى جامدًا في حياة غير جامدة, تتطور وتتحرك كقطار لا يرحم ويفتت لحمه, ويكبله على القضبان هاجس المحافظة على توازنه الحاضر, فلا يميل إلى التطوير وكلما أحس بقدومه أصر على التوقف رافضًا وضعاَ جديدًا هو أرقى من حالته الحاضرة وأفضل من وضعه المعاصر.

إن من يفهم نفسه هو أكثر الناس ذكاء, ومن يملك زمامها أكثرهم قوة, ومن يوظف قدراتها أكثرهم عقلاً. والعقل قادر على أن يصنع من الجحيم نعيمًا ومن النعيم جحيمًا, وهذه أروع قدرة يمتلكها الإنسان حين يرسم هدفه في عقله بوضوح فيحققه, ولا يرضى إلا بالأفضل فيحصل عليه, مضاعفًا طالما كان جهده منظمًا, والذي يسعى نحو الإنجاز في المجال المناسب لميزاته, يتخطى إنجازه تلك الميزات, بل إن صحته النفسية وقدرته الإنتاجية ترتفع, وتحقق المستحيل, وبدون تقدير للذات, وبدون الوقوف على مكامن تفوقها تفقد قيمتها فتصير جثة وإن كانت غير هامدة, لذا لابد من أن نبحث عن مكامن الألماس في أعماق نفوسنا, ونصقلها حتى نتطلع للمستقبل بعيون ندية كلها ضوء, وبروح تتدفق منها الحياة فتمسح عن نفوسنا صدأ الاستسلام وتنفض عن وجوهنا رماد اليأس, بإيمان راسخ بإمكانياتنا يستند على صخر لا يتزعزع, ليعلم من أراد أن يقتل مستقبلنا, أن أحلامنا ستسحقه حين ينبثق من ثناياها الغد.

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق