هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

المعيقلي في خطبة الجمعة : الحفاظ على أسرار الزوجية من حُسن العشرة
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام ، فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي ، المسلمين بتقوى الله عز وجل

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام ، فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي ، المسلمين بتقوى الله - عز وجل - ، وقال في خطبة الجمعة اليوم : أمة الإسلام إن الحديث عن الزواج ، ونحن في هذه الأيام التي تكثر فيها مناسباته لهو حديث ذو أهمية يستدعي الوصايا القرانية والسنة النبوية ، حيث أمر الله بالزواج وحث عليه وجعله من سنن الأنبياء والمرسلين ، فجاءت شريعة الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بتيسير الزواج وتسهيل طريقه ، ونهت عن كل ما يعوق تمامه ويعكر صفوه فخير متاع الدنيا المراة الصالحة ، التي إذا نظر إليها زوجها أسرته وإذا أمرها أطاعته ، وإذا غاب عنها حفظته ، والزواج ميثاق غليظ يبدأ في الحياة الدنيا ويستمر في الآخرة ، ولاشك معاشر المؤمنين أن السعادة الزوجية مطلب نفيس لكل زوجين ورجاء يرومه كل عروسين ، فبها تصلح حياتهم وفي حال من المحبة والوئام ينشأ أبناؤهم ولا يكون ذلك إلا بحسن العشرة وطيب المعاملة والرفق والرحمة ؛ استجابة لأمر ربنا سبحانه وتعالى إذ يقول ( وعاشروهن بالمعروف ) فالعشرة بالمعروف هي مخالطة بكل ماعرف من الشرع حسنه بحسب القدرة من طيب الأقوال وحسن الهيئات والافعال ، فمن حسن العشرة بين الزوجين التعامل فيما بينهما في القيام بأمر الدين والدنيا وهذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي مسند الإمام أحمد لماسئلت عائشة رضي الله عنها وأرضاها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته شيئا ؟ قالت : نعم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته  . 

فلا ينبغي لأحد الزوجين أن يستنكف عن خدمة شريكه ، ولا يتخلى عن مسؤوليته أو يمن أحدهما على صاحبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " رواه الترمذي

و أضاف المعيقلي : معاشر المؤمنين إن من مظاهر حسن العشرة مراعاة كل الزوجين لحال الآخر والعمل على إزالة أسباب الهم والغم والمبادرة بإدخال الفرح والسرور عليه ، وانظر الى فعل خديجة رضي الله عنها حين نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مرة فرجع رسول الله يرجف فؤاده وهو يقول زملوني زملوني ، فقامت رضي الله عنها بواجبها خير قيام فألقت الطمأنينة في نفسه وأشاعت الأمن في قلبه واستدعت من سيرته المباركة ما يؤنسه ويهون عليه ولم تكتفي بذلك بل انطلقت به إلى ورقة بن نوفل ، وقد كان ذا علم فقال هذا الناموس الذي نزل الله على موسى أي جبريل عليه السلام .

ومن العشرة بالمعروف ألا يضيق الزوج على زوجته في النفقة في حال السعة وأن يساويها بنفسه في المعيشة والسكنى ، وأولى الناس في الانفاق عليهم هم أهلك وخاصتك والنفقة عليهم ليست من المستهلكات الضائعة ، بل هي من الصدقات الباقية ، وقد عظم النبي أمرها وضاعف أجرها ، وفي المقابل لا يجوز للزوجة أن تكلف زوجها بما لا يستطيع من النفقة وخاصة إذا كانت المطالب من الكماليات وليست من الضروريات وقد قررت الشريعة حدود النفقة على قدر الاستطاعة فقال الله تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته ، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله ) 

وتابع بالقول : إن من علو النفس وكرامتها ألا يأخذ الزوج من مال زوجته شيئا إلا برضاها وطيب نفسها ، ولكن إذا كان الزوج ذا حاجة والله تعالى قد من على زوجته بفضل من مال فإن من العشرة بالمعروف أن تعين زوجها بما تفضل الله عليها .

و أردف : معاشر الأزواج إن من أهم خصال حسن العشرة ثقة كل طرف بالآخر ولا بأس بالغيرة المعتدلة بل هي من كرائم المروءة  ودليل على المحبة ، وفي الحديث االصحيح ( إن الله يغار وإن المؤمن يغار ، ولكن البأس في الغيرة الزائدة المفرطة التي تؤدي إلى سوء الظن وتؤول كل كلمة بريئة أو حركة عابرة تأويلا سيئا يتعكر بها صفو العشرة وينهدم بها بيت الزوجية وقد قال علي رضي الله عنه وارضاه : لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالشر من أجلك .

وإن من حسن العشرة يا عباد الله الحفاظ على أسرار الزوجية ، فإن العلاقة بين الزوجين هي علاقة بين المرء ونفسه ، فالأسرار الزوجية تحوطها الشريعة بالكتمان وأما إذاعتها واشاعتها فهي خيانة عظيمة تجعل صاحبها في أشر المنازل يوم القيامة ، ففي صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أشر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها ".

ومن حسن العشرة الترفيه عن الزوجة بما يدخل عليها السرور والسعادة ، ومن نظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع ما كان يحمله من أعباء النبوة وجد في سيرته الكثير من مظاهر الترويح عن نسائه ، أيها الزوج المبارك إن الثناء على الزوجة في الزينة والمأكل والملبس مفتاح لقلبها وطريق لحبها وتذكر بأن من كرم أصله لان قلبه ، فكن لزوجتك كما تحب أن تكون هي لك فإنها تحب منك كما تحب أنت منها .

وإن من محاسن القول والعشرة أن يصرح كل من الزوجين عن حبه لصاحبه ، وأن يظهر التودد له بفعله مع قوله ، ففي الصحيحين لما سئل صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إليك قال عائشة .

و قال المعيقلي : اعلموا أيها الزوجان أنه مهما حرصتما على المعاشرة بالمعروف إلا أنه لابد من النقص والعثرات وحصول شيئ من الخلافات فليصفح كل من الزوجين عن صاحبه ، وحسن الخلق بين الزوجين من أمارة الإيمان فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، فعلى الزوجين أن يستحضر المقاصد السامية في الحياة الأسرية من التعاون على البر و التقوى ،  ولتذكر قوله تعالى : "ولا تنسوا الفضل بينكم " وعلى كل منهما ألا يستبسل مع شريكه في وقت الغضب وألا يحبس نفسه على الجانب الذي يسوؤه منه ، بل يجب أن يتذكر جوانب الخير الأخرى ، ولن يعدم ما تطيب به نفسه من حسن سيرته وطيب شمائله وسابق معروفه وذلك في حق الرجل أوجب .

والأصل أيها الأزواج أن الحياة الزوجية تبنى على تقوى الله عز وجل ، ولهذا لا يوجد في القرآن كله كما جاء في سورة الطلاق من حث على التقوى وترغيب لما هو أتقى في معاملة الزوج لزوجه ، فمن امتثل أمر الله  يكفر عنه سيئاته ، ويعظم له أجرا ، ويجعل له من أمره يسرا ، ويجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب .

وإذا صلحت النيات وسارعت النفوس إلى الخيرات ، عمت السعادة وحل التوفيق،  ومن لزم الدعاء وأخلص لله فلن يخيب الله أمله ، ومن شواهد ذلك في كتاب الله ما امتن به سبحانه على نبيه زكريا عليه السلام فقال سبحانه : ( فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين )

واختتم فضيلته حديثه إن السكن والطمأنينة في العلاقة الزوجية، نعمة عظيمة، لا يقدرها حق قدرها، إلا من حرم لذتها، وقد نوه القرآن الكريم، بجلال هذه النعمة فقال: ((وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا))، وهذا السكن يا عباد الله، هو الراحة والاستقرار والطمأنينة، والصحبة القائمة على المودة والرحمة، فتأنس الروح، ويرتاح الجسد، مع من يحبه الفؤاد، ويستريح معه، ويلتمس البشاشة والأنس بحديثه.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق