أكد د. أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة أن التغيرات السياسية والاقتصادية والأوضاع الأمنية المتفاقمة فى منطقة اليورومتوسطى والبحر الأحمر تستلزم نظرة متكاملة من الجانبين الأوروبى والعربى وكذلك الإفريقى. وأشار إلى أن المنطقة الجنوبية للأورومتوسطى والملاصقة لأوروبا تتراوح فيها نسبة الشباب الأقل من 25 سنة من 45% إلى 60% فى معظم بلاد المنطقة مع متوسط دخول لايلبى تطلعات شباب القرن الحادى والعشرين والعصر الذى نعيشه.
وقال منصور خلال كلمته الافتتاحية للملتقى العربى الألمانى الثامن للتعليم والتدريب المهنى الذى انطلقت أعماله مساء أمس الأول الثلاثاء بالعاصمة الألمانية برلين بحضور السفير بدر عبدالعاطى سفير مصر بألمانيا ، وبمشاركة أكثر من 200 من السياسين ورجال الأعمال من مختلف الدول العربية والأوربية والأفريقية ، إن هذه الحقائق تؤكد أن عدم الإستقرار السياسى فى المنطقة العربية واليورومتوسطية على المدى القصير جدا، سيؤثر تأثيرا سلبياً مباشراً على جميع دول الجوار ، فالشباب يحتاجون إلى فرص عمل ، ودخل مرضى، و حياة كريمة.
وقال منصور: "لقد ذكرت ذلك هنا في برلين منذ أربع سنوات في أعمال الملتقى السادس للتعليم والتدريب المهني في أبريل 2015 وقبل 5 أشهر فقط من استقبال ألمانيا للاجئين السوريين في سبتمبر 2015".
وأكد رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية أن عدم الإستقرار الإقتصادى حتى لدى الدول المستقرة سياسياً يؤدى إلى مشاكل حتى فى الدول الأوروبية المفترض أنها مستقرة وعلى سبيل المثال مشكلة اليونان ودول أخرى.
وأكد إن عالمنا اليوم لا يعرف الحدود بين الجيران و دول الجوار ،معربا عن تنمياته أن يبقى هذا الوضع على ما هو عليه: عالم متصل من خلال التكنولوجيا ، متصلاً من خلال وسائل النقل والتقنيات المتقدمة وقبل كل شيء متصلا من خلال البشر ، خاصة وأن اقتصاديات جميع الأمم متشابكة ، وبالتالي فإن مصير جميع البشر يتحدد الآن من خلال أفعال كل فرد موجود في جميع أنحاء العالم ، و في هذا التشبيه يكمن المبدأ الأساسي البسيط لـ "السبب والنتيجة".
وأشار إلى أن أوروبا هي المنطقة في العالم التي استوعبت هذا المفهوم وعملت على تحقيقه في العهود الماضية ، كما أعرب عن أماله ألا يأتي "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي". مشيرا إلى أن أوروبا تبنت سياسة خارجية نظرت فيها لكل الدول الأوروبية على انهم شركاء متكافئين و متساويين من حيث القدرات والإمكانات،و الآن تقوم أوروبا بتوسيع هذا المفهوم ليشمل البلدان المجاورة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا. تركز أوروبا في خطتها التنموية المستقبلية لأوروبا علي منطقة البحر الأبيض المتوسط ، التي حدودها مع الدول الأوروبية ، والتي يبلغ عمر 50 ٪ من سكانها 25عاما مع متوسط دخول الذي لا يلبي توقعات واحتياجات القرن الحادي والعشرين.
واوضح د. أشرف منصور أن المشكلة الرئيسية والموجودة لدى جميع حكومات العالم هى التحديات الإقتصادية وبالتالى البطالة ، والتى لها أسباب عديدة أهمها على الإطلاق عدم الكفاءة ومناسبة المهنة لسوق العمل سواء من ناحية الإحتياج أو المهارة ، وقال إنه وفقا للتقديرات فإن هذه المنطقة تحتاج الى رؤية إقتصادية لخلق أكثر من مائة مليون وظيفة خلال السنوات العشرة القادمة ، وإن النمو الإقتصادى وخلق فرص عمل يعتمد اساساً على البحث العلمى والتعليم العالى والفنى والتدريب المهنى.
واضاف منصور خلال كلمته الافتتاحية للملتقى الذى تنظمه غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية بالتعاون مع هيئة التعليم والتدريب المهنى الألمانية imove" "أن صانعى القرار السياسى فى البرلمانات يضعون نصب أعينهم ناخبيهم ولذا فإن نظرتهم محلية جداً لاتتعدى حدود المدينة أو المحافظة أو المقاطعة أو على حد اقصى حدود الوطن ،وذلك فى الوقت الذى يحتم عليهم الواقع أن تكون نظرتهم أعم وأشمل وتتخطى حدود الإقليم لتتسع إلى دول الجوار فى القارات المختلفة. وأكد أن هذه النظرة يجب الا تعتمد على دول مانحة ومتلقية أو دول غنية أو أقل غنى أو دول متقدمة اقتصادياً وصناعياً ودول أقل تقدماً ، فالحدود متقاربة والجوار لايتغير ولكنه يساعد على التقدم، يشجع علي التعاون ويصنع الإستقرار السياسى والأمنى ولكنه فى نفس الوقت ممكن أن يكون عكس ذلك تماماً.
ودعا منصور كلا الطرفين الاوروبى والعربى الى التعاون الاقتصادى والتعليمى بما يحقق خلق فرص عمل كافية وجيل جديد من العمالة الفنية المؤهلة للمحافظة على الإستقرار والتكامل الاقتصادى والأمنى من خلال تعاون يفيد الطرفين ويحقق المعادلة.
واشار إلى أنه بناء على هذه الحقائق فإنه من المتوقع الآن أن تلعب المؤسسات التعليمية دورًا متزايدًا في تنمية وتأهيل الكوادر لبشرية كركيزة أساسية ومحرك للاستقرار والتنمية والنمو الاقتصادي. خاصة وان القضية الأكثر إلحاحًا الآن من أي وقت مضى هى سد الفجوة بين مؤهلات معظم الشباب في جميع البلدان والمطالب الناشئة عن زيادة الاستثمارات سواء كانت محلية أو أجنبية.
وتابع منصور قائلا : "كما سمعتم في كلمتي لعام 2015 ، كان هذا ولا يزال اقتناعي الشخصي منذ سنوات ماضية بأهمية الارتقاء الجماعي ورفع مستوى المؤهلات لتلبية احتياجات سوق العمل بالإضافة إلى أهمية العمال في استقرار الاقتصاديات والبلدان".
وأشار إلى أن الجامعة الألمانية بالقاهرة بدأت منذ أكثر من عقد بمبادرة "المهمة الثالثة للجامعات" ، والتي بدأ ت تـأخذ مجراها في جامعات المانيا.
وتابع قائلا : "كممثلا عن الجامعة الألمانية و التي تمثل أكبر مؤسسة تعليمية ألمانية عابرة للحدود فى العالم أؤكد لكم اليوم: يوجد أمل . فنموذج الجامعة الألمانية وهو من أنجح النماذج قد ساعدنا كما ساعد شركاؤنا الألمان في قطاع الصناعة في فتح أسواق في مصر ، الشرق الأوسط و أفريقيا من خلال أوجه تعاون عدة تعتمد على تحقيق المصالح الاقتصادية و إيجاد التوازن في خلق الفائدة للشركات الألمانية و الجامعة الألمانية على حد سواء، و قد أتت هذه الشراكة بالنفع لدعم الدور التنموي الخيري للجامعة و الذي استطعنا من خلاله تحسين و رفع مستوى العمالة في مصر و أفريقيا من خلال برامج التأهيل المهني العملية في عدة مجالات: البناء – التصنيع – الميكنة- الطباعة و التعليم .... وغيرها.
وأوضح منصور أن عوامل النجاح الأساسية في تجربة الجامعة الألمانية الرائدة بنيت على أربع أعمدة :
المعايير العالمية: توافقت الجامعة الألمانية مع اعلى المعايير العالمية للجودة على مستوى صناعي يطابق الواقع من خلال المعامل و البنية التحتية الفائقة الموجودة داخل حرم الجامعة التي اسهمت في تدريب عمال على مستوى عالمي و في نفس الوقت يتقنون العمل على أبسط الأجهزة و الماكينات.
الإتاحة: " الإتاحة للجميع" من الخلفيات التعليمة المختلفة سواء أكاديمين أو عمال بغض النظر عن امكانياتهم المادية او الإجتماعية . كذلك قمنا بتدريب مجموعات من المراحل السنية المختلفة و كان ذلك في مصر العالم العربى وإفريقيا .
المنهج: يعتمد المحتوى التدريبي على التوازن ما بين العملي و النظري بالإعتماد على أساليب التدريس الفريدة للجامعة و المبنية على مبدأ الجامعة الألمانية بالقاهرة و هو مبدأ " من الأبسط إلى الأكثر تعقيداً" و الذي من خلاله يتاح للمتدرب استخدام من أبسط حتى أعقد الأجهزة التكنولوجية.
الإنتقاء : ويقصد بها استراتيجية التدريب المعتمدة على اختيار مجموعات عدة من مختلف مجالات للوصول لأكبر تأثير مجتمعي في أقل وقت ومثالا على ذلك : " تدريب المدربين" لتحسين أداء مراكز التدريب فبدلاً من التركيز على تأهيل طالب واحد نسعى لنرتقي بمؤهلات المعلم نفسه الذي بدوره سيقوم بتأهيل عدد أكبر من الطلاب .
واختتم منصور كلمته مؤكدا أن استقرار العالم و السلام العالمي يبدأ من مواطن سعيد يحظى بوظيفة مرضية،فالوظيفة المرضية بالتبعية تعني راتب جيد ،والراتب الجيد لا يتاح إلا لذوى المؤهلات المطلوبة لسوق العمل، وهو ما يعني أننا يجب أن نعمل سوياً بدءأ من الآن للإرتقاء بمؤهلات مواطنينا و السبيل الوحيد للوصول إلى ذلك هو من خلال التدريب المهني و التعليم المبني على أعلى المستويات العالمية ، المتاح للجميع ، و المنهج المبني على التوازن بين المحتوى العملي و النظري للمجموعات المختارة و المؤثرة على أكبر شريحة مجتمعية.
اترك تعليق