قال الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق ورئيس مؤسسة شرف للتنمية المستدامة، قبل أربعين عاما ازاح الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ الستار عن حملة الإصلاح والانفتاح في الصين بكلماته الحكيمة: "تحرير العقل والبحث عن الحقيقة على أرض الواقع والاتحاد لمواجهة المستقبل"، ما أحدث تغيرات كبيرة منذ ذلك الحين ليس فقط على مستوى الصين بل على مستوى العالم أجمع، واليوم لا أرى ان الصين وحدها هي من ينبغي لها ان تحتفي بهذا النجاح باعتبار اننا الآن كلنا رابحون واصداء نجاح وبزوغ الصين تستشعرها كل شعوب العالم.
وأضاف شرف خلال كلمته بافتتاح المعرض الدولي للاحتفال بمرور 40 عاما على الإصلاح والافتتاح في الصين: إنجاز عظيم حققته الصين تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني والأجيال الخمسة من القيادات الجماعية للحزب بما فيها الجيل الحالي بقيادة شي جين بينغ، في عام 1978 الصين كان ناتجها المحلي الإجمالي يتبوأ المرتبة العاشرة في العالم، متخلفا ليس عن الولايات المتحدة فحسب، بل عن مجموعة من الدول الأخرى، بما فيها اليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا، وفي الواقع كان اقتصادها أصغر من اقتصاد ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وتابع رئيس مجلس الوزراء الأسبق: اليوم يتوقع أن الاقتصاد الصيني سيكون الاقتصاد الأكبر في العالم قبل 2030، كما سجلت الصين معدل نمو اجمال الناتج المحلي السنوي بنسبة حوالي 9.5 في المائة في المتوسط ودعمت اصحاب الدخول المتوسطة البالغ عددهم 400 مليون وانتشلت ما يزيد على 700 مليون صيني من الفقر وأسهمت الصين بما يزيد على 30 في المائة من النمو العالمي في السنوات القليلة الماضية.
واستطرد: إن سياسة الاصلاح والانفتاح حررت قوى الانتاج الصينية بشكل كبير وجعلت الصين تشارك بعمق في الاقتصاد الدولي، حيث رافق هذه الثورة تجديد فكر الصين حول العلاقة بينها وبين العالم، مما ساهم في كسب رضاء واحترام الشعب الصيني وشعوب العالم
وأشار: لخص الرئيس شي حكمة التطبيق في عملية الإصلاح والانفتاح الصيني في ان يكون المبدأ العام لها هو في النظر إلى العالم على أساس الظروف الوطنية مع الاستقلالية والاعتماد على الذات، وفي نفس الوقت الاهتمام بالانفتاح على الخارج وتحقيق تعاون المنفعة المتبادلة، وقد تجلى ذلك في المفهوم الاساسي لمبادرة الحزام والطريق وبناء رابطة المصير المشترك، والتمسك بالقاعدة الذهبية:"نفكر سويا ونعمل سويا ونجني الثمار سويا"، مما يؤكد على دعم الصين للسلام والتنمية.
وأكد: أود أن اؤكد ان الصين تتحمل الآن مسؤولية عالمية بشكل تدريجي، لا تقتصر على الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي، بل تتطلب تبادل الإصلاح والانفتاح بين الصين والعالم، حيث تحمي الصين بثبات أنظمة ومباديء منظمة التجارة العالمية والنظام التجاري متعدد الأطراف.. ففي عالم يطمح للسلام والتنمية تبدو عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية وقد عفى عليها الزمن، ولهذا بؤكد الرئيس شي أن الصين لن تهدد أي طرف آخر ولن تحاول قلب النظام الدولي الحالي او السعي الى توسيع نفوذها، بغض النظر عن حجم التقدم الذي حققته في التنمية.
واختتم: لاشك ان هناك عوامل كثيرة ساعدت في نجاح تجربة الاصلاح الصينية . ولكن يمكن القول بأن أهم هذه العوامل كانت التجريب المتدرج واللامركزية والحوافز ، حيث كان الإصلاح في قطاع معين "مالي مثلا"يطبق في صورة تجربة "وليس سياسة عامة" في مكان جغرافي محدد "إقليم أو مقاطعة مع توفير مستوى عالي من اللامركزية والحوافز"، فإذا كانت إيجابية يتم الاستمرار أو الغاء التجربة في حالة عدم تحقيق النتائج المرجوة، وبهذا يتم تجنب الموقف الذي تلغى فيه سياسة. ونعتقد ان هذا الأسلوب أضاف كم هائل من الثقة لدى الشعب وأيضا أضاف خبرة متراكمة لمتخذ القرار الصيني، ولهذا فإن مراجعة وتفهم تجربة الإصلاح الصينية والتعرف على الظروف التي اتخذت فيها هذه القرارات التاريخية والأثار التي ترتبت عليها، كفيل بأن يضيء الطريق لمتخذ القرار الصيني لتحديد خطوات الإصلاح المستقبلية. وأيضا لكثير من دول العالم التي تعتزم خوض تجربة الإصلاح في ضوء النموذج الصيني ونجاحه المتميز.
اترك تعليق