لا يعلم أحد على وجه اليقين عدد المواطنين المصابين بمرض الجذام الخطير بالأقصر سوى قسم واحد بمديرية الصحة والتى تمنع أى طبيب من الحديث مهددة إياه بالعقاب معتبرة أن هذا المرض إجتماعى معيب يتعلق بالسمعة وما يتبعها من ظواهر إجتماعية وعادات وتقاليد يمكن أن يتسبب الإعلان عن تفاصيل المرض وأعداد المرضى وشخصياتهم فى هدم البناء الإجتماعى ودمار الأسر والعائلات .
وبسبب أوامر التعتيم رفضت المصادر ذكر أسمائها وأولها أحد الصيادلة مؤكدا أن مرض الجذام خطير ومخيف ليس لتأثيره على صحة الإنسان فقط ولكن لأنه يصيب الإنسان بالتشوهات الجلدية وموت الإحساس فى المناطق المصابة.
وأشار الصيدلى إلى تسجيل عدد من قرى ونجوع مركز إسنا جنوب الأقصر والمناطق الأخرى التى توجد بها إصابات بالنرض على مستوى الجمهورية ودول العالم كبؤر للإصابة تتعاون منظمة الصحة العالمية مع الدول صاحبة الشأن فى علاجه والحد من إنتشاره مؤكدا أن عدد المصابين بالمرض فى الأقصر يتراوح ما بين 2000 إلى 3000 حالة معظمهم بقرى مركز إسنا.
مصدر آخر يعمل كطبيب قال أن الجذام مرض جلدى معدى لا ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق التلامس ولكنه ينتقل عن طريق "الرذاذ" المحمل بنوع معين من البكتيريا والذى ينقله الهواء من فرد لآخر وقد تصل إلى مسافات بعيدة داخل الغرفة الواحدة من خلال تعامل وثيق وتلاصق مستمر بين الشخص المصاب والآخر الذى ينتقل له المرض بما يعنى إنتقاله وسط أفراد الأسرة الواحدة.
وأضاف أن المرض يصيب الجلد ويغير لونه ويدمر الأعصاب الطرفية مما يؤدى إلى فقدان الإحساس فى الأماكن المصابة بالجسم وأنه عدة أنواع كلها غير معدية ما عدا نوع واحد فقط بل إن هذا النوع المعدة يتحول إلى غير معدى خلال شهر واحد من تلقى العلاج .
وأشار المصدر إلى أن القسم الوقائى على مستوى الجمهورية وليس فى الأقصر فقط يقوم بدور عظيم فى علاج المصابين ومنع حدوث حالات إصابة جديدة وتتعاون الوزارة فى ذلك مع منظمة الصحة العالمية التى تقدم دعما طبيا وفنيا لمواجهة المرض مؤكدا أنه لا ضير من تسجيل المنظمة بؤر المرض فنى تفعل ذلك على مستوى العالم للتعاون مع الدول المعنية للقضاء على المرض.
وأكد المصدر أن معدل الإصابة العالمية هى إصابة واحدة لكل 10 آلاف شخص بينما تنخفض هذه النسبة فى مصر حيث تقل الإصابة لدينا عن تلك المعدلات بكثير.
وإنتقد المصدر حالة الرعب التى تصيب الناس عند الحديث عن المرض والإشاعات التى تحيط به وكذلك النفور من المصابين بما يؤثر عليهم نفسيا وإجتماعيا ويدمر الأسر والعائلات.
وأوضح المصدر أن مرض الجذام يعالج مثله مثل السل بالأدوية وأقراص دابسون وريماكتازايد ويمكن عزل مريض الجذام داخل منزله بشرط مراعاة تطبيق معايير مكافحة العدوى السليمة.
طبيب جلدية أشار إلى أن أنواع الجذام هى الجذام الدرنى (TT) وخط الحدود للجذام الدرنى (BT) والخط متوسط الحدود للجذام (BB) وخط الحدود للجذام الجذامينى (BL) والجذام الجذامينى (LL) مشيرا إلى أن فترة حضانة المرض من 2 إلى 5 سنوات للجذام الدرنى و8 إلى 12 سنة للجذام الجذامينى وأن من أسباب انتشاره سوء التغذية وتدنى الحالة الصحية الصحة العامة والمستوى المتدنى للمعيشة والحياة والإختلاط ومشاركة أشخاص مصابين بالمرض لفترات طويلة بالإضافة إلى البكتيريا الناقلة للمرض.
أحد العاملين بالمجال الأهلى ويقطن بقرية قريبة من تجمعات الإصابة بإسنا جنوب الأقصر أكد حالة النفور الإجتماعى من المرض والمرضى خوفا من الإصابة بمرض سيئ السمعة كما يقولون مؤكدا إرتفاع نسبة الإصابة فى إسنا مقارنة بأماكن اإصابات الأخرى خاصة فى قرى العضايمة وعزبة مرسال وغيرها.
وأشار إلى تعمد أجهزة الصحة إخفاء كافة البيانات عن المرض وأعداد المصابين وأماكن علاجهم كما يتوارى المصاب بالمرض عن الناس ويتوجه إلى العيادات الخاصة والمستشفيات تحت جنح الظلام لتلقى العلاج اللازم بسبب ما يلاقيه من معاملات سيئة تؤثر عليه نفسيا وإجتماعيا.
وأضاف طبيب آخر أنه لا يوجد مستشفى متخصص لعلاج المرض وهو كما أعتقد شخصيا قرار متعمد للوزارة للحفاظ على المرض وسمعة عائلاتهم ولكن هناك قسم لعلاج المرض بمستشفى إسنا تنقصه الإمكانيات الطبية والفنية اللازمة.
وقال المصدر أن أجهزة الدولة المختلفة وليس مديرية الصحة فقط تفرض حالة من التكتم الشديد وتمنع أى طبيب أو موظف التحدث من التحدث أو الإدلاء بأى معلومات لأى جهة كانت إلا بتصريح رسمى مكتوب .
وأكد المصدر أن الجمعيات الأهلية وأصدقاء مرض الجذام يقومون بجهود كبيرة لمحاصرة المرض وعلاج المصابين فى سرية تامة بما يحافظ على المرضى وأسرهم بل إن إحدى الجمعيات العاملة قدمت عرضا تم رفضه من جانب الدولة بإنشاء مستشفى خاص بعيدا عن التجمعات السكانية لعزل المرضى وعلاجهم ومنع انتشار المرض لكن العرض بحجة أن الأقصر محافظة سياحية لا يجب الكشف عن وجود أمراض كالجذام بها.
وأكد عبد المنعم عبد العظيم مدير مركز دراسات الصعيد بالأقصر أن المرض متواجد منذ قرون طويلة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديثه "فر من المجذوم فرارك من الأسد” فمريض الجذام مريض منبوذ فى المجتمع ووصمته أزلية تمثل عقبة تعترض سبيل الإبلاغ الذاتى والعلاج المبكّر لذا يتعيّن تغيير صورة مرض الجذام فى المجتمع.
وطالب عبد المنعم بتنظيم حملة للدفاع عن مرضى الجذام يتم فيها عمل إحصائيات عن المرض والكشف المبكر له وطرق الوقاية منه وتوفير العلاج اللازم للمرضى ومساعدتهم نفسيا وإجتماعيا وماديا.
وكان المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر قد قام بتكريم الأطباء وأطقم التمريض المتميزين العاملين بمستشفى الجلدية والجذام بمركز إسنا وعيادة الجلدية والجذام بمستشفى الأقصر العام وذلك على هامش القافلة الطبية التى نظمها فريق أصدقاء مرضى الجذام بمحافظة الأقصر لتقديم المساعدات لمرضى الجذام بنطاق المحافظة.
وضم أعضاء الفريق المتطوعين أحمد جلال وأحمد جابر بدر الدين وحمدى مسعود الفقى وهيثم سعد والإعلامية نيللى صادق وأمانى مرجان ووفاء مراد ورضا أحمد النجار وآيات مصطفى عمار حيث قاموا بتسليم محافظ الأقصر درعا مقدما من فريق أصدقاء مرضى الجذام للمحافظة تقديرا للمجهودات والإسهامات الفعالة فى دعم العمل الأهلى ومؤسسات المجتمع المدنى.
وقال أحمد جلال عضو فريق أصدقاء مرضى الجذام أن الهدف من إطلاق القافلة هو مساعدة مرضى الجذام وأسرهم فى مواجهة المرض وتحقيق رؤية الفريق فى عمل برنامج تنموى شامل للتوعية بالمرض والقضاء عليه وذلك بمشاركة جمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى التى تشمل مؤسسة مصر الخير التى تبنت دعم المرضى بمواد غذائية وتجهيزات طبية كبيرة ومؤسسة كلنا دليل الخير التى تبنت تجميع كافة الجمعيات والمؤسسات المهتمة بمرضى الجذام ودخولهم بالتنسيق مع أصدقاء مرضى الجذام للتعاون فى خدمة مرضى الجذام فى كل المجالات ومؤسسة الروفان التى تبنت ملف الإطعام لمرضى الجذام على مستوى الجمهورية وجمعية مجيب السائلين التى تبنت ملف عمليات العيون بالكامل لكل مرضى الجذام على مستوى الجمهورية وتجهيز القوافل بالمساعدات ومؤسسة مصر الحياة التى تبنت البرنامج الثقافى للتوعية ونقل الخبرات بين القائمين على ملف الجذام بالمحافظات وجمعية طلاب الجنة التى تبنت ملف المستلزمات الطبية وجمعية خطوات التى تبنت ملف العمليات الجراحية والقرح لمرضى الجذام على مستوى الجمهورية.
اترك تعليق