بقلم - سامى بوادى
محامى بالاستئناف العالى
الآباء هم المرآة التي نرى فيها مستقبل الأبناء، فالأبناء بلا آباءينزلقون إلى مصير مجهول من الجريمة والعنف والحياة البائسة. من هنا نفهم حرص الإسلام على توفير الرعاية والحنان لليتيم لتعويضه عن فقد الأب حتى جعل الرسول «ص» كافل اليتيم رفيقه في الجنة فقال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين»، وأشار إلى إصبعيه السبابة والوسطى. والحياة المعاصرة أضافت إلى الأيتام فئة جديدة لم يمت آباؤهم، إنهم أيتام رغم وجود الآباء هو الأبناء المحرمون من ابائهم عنوة ورغم عن ارادة ابائهم لوجودهم في سن الحضانة وتحت يد الحاضنة وحدها لانقطاع رابطة الزوجية بين الأب والأم وسفر الحاضنة بهم بعيدا عن والدهم
مع ان حنان الأب واهتمامه بأطفاله وجلوسه معهم لا يمثل فقط حاجة نفسية للأطفال، بل حاجة بيولوجية «طبيعية» أيضًا، لأنه لابد لكل طفل من أب يحبه حتى ينمو نموًا طبيعيًا، ويشير علماء النفس إلى أن الأبناء يبذلون جهدًا كبيرًا للتمسك بالاعتقاد أنهم محبوبون ومرغوبون من جانب آبائهم حتى لو اضطروا إلى تأليف حكايات من خيالهم لإثبات هذا الاعتقاد.
إن غياب الأب عن أبنائه يخلط الأدوار ويناقض الفطرة، فالأم في هذه الحالة عليها أن تقوم بدور الأب والأم معًا، وهي في الغالب لا تنجح في ذلك لا لتقصير منها ولكن لأنها لم تخلق لذلك.
وكثيرًا ما يتسبب غياب الأب في إصابة الأطفال بالأمراض حيث يشكون من أعراض عضوية يعجز الطبيب عن تحديد الخلل العضوي الذي يقف وراء هذه الشكوى.
فحضانة الأولاد بعد الطلاق من حق الأم، لكن أهل العلم اشترطوا لاستمرار حقها في الحضانة أن لا تسافر عن المحل الذي يقيم فيه الأب سفر انتقال.وأما لو كان سفرها لمجرد حاجة تقضيها وترجع فإن ذلك لا يسقط حقها في الحضانة.
وقد أقر القانون أنه لا يجوز للحاضنة السفر بالمحضون إلي بلد غير الذي يقيم به ولي المحضون إلا للضرورة كما أنه من حق الأب الاحتفاظ بجواز سفر الابن الصغير ومن ثم يحق له المنع من السفر
فقانون الأحوال الشخصية حدد أربع حالات يجوز فيها منع سفر الأطفال، أولهما حال سفر الأم بالمحضون أثناء قيام الزوجية، وثانيهما سفر الأم بالمحضون بعد انفصام الزوجية وانقضاء العدة، والثالثة سفر الحاضنة غير الأم بالمحضون، اما الرابعه فكانت سفر الأب بالمحضون دون إذن الحاضنة.
وبالتالي يجوز منع الطفل من السفر، حال وجود خلاف بين الأم والأب، بأن يستصدر الأب أمرا من قاضى الأمور الوقتية بمحكمة الأسرة بمنع الطفل من السفر خارج البلاد،
وعليه فانه لا يحق للحاضنة سواء كانت "الأم أو أم الأم" السفر خارج البلاد بالطفل الصغير إلا بموافقة كتابية من الأب، إلا انه في الغالب المنع من السفر يكون كيدًا ونكاية من صاحب الحق في التصريح من السفر للطرف الثاني الحاضن أو صاحب حق الحضانة،فيرفض الاب سفرهم فقط لمناكفتها وتصعيب أمورها"، حيث لا تستطيع السفر دون الأطفال وللأسف مشروع القانون المقترح لم يقدم حلًا نهائيًا لهذه المشكلة التي يتحمل أثرها الأطفال المحضونون رغم أن القاعدة أن الحضانة تدور وجودًا وعدمًا مع مصلحة الصغير. فآلية تنفيذ منع الصغير من السفر التي ينص عليها القانون الحالي، غير عادلة، ولابد من إعادة النظر في الأسباب الموضوعية التي تتعلق بمستقبل الصغير بـ"نيابة الأسرة أو قضاء الأسرة"، فليس كل من له الحق في منع الصغير من السفر منعه دون أسباب موضوعية.
لذلك نري ان يكون هناك قرار موضوعي بعد بحث كافة الأسباب بنيابة الأسرة للبت من منع الصغير أو عدم منعه، و ضرورة منح النيابة صلاحيات اكبر لدراسة الموقف لمنع الصغير من عدمه ففي حالة أن من مصلحة الصغير السفر أو منعه توافق النيابة على ذلك مع أخذ كافة الضمانات القانونية التي تضمن عودة الصغير بعد فترة حتى يتمكن والده من رؤيته.فمثلا يجوز ان نجعل تعديلا يعطي للقاضي أن يأذن للحاضن بالسفر بالمحضون بعد أن يتحقق من تأمين مصلحته وبيان مدة الزيارة وأخذ الضمانات الكافية لعودته بعد انتهاء الزيارة، على أن تتضمن تقديم كفالة يستعد فيها الكفيل بالحبس حتى إذعان الحاضن بعودة المحضون مع منع سفر الكفيل حتى عودة المحضون
وبذلك نري ان الامر يتطلب تشريعا يصبح بمقتضاه إذن سفر المحضون من المسائل المستعجلة التي تنظر إليها المحكمة، كما أنه لابد أن تراعى فيها مصلحة المحضون أولا، ثم مصلحة الحاضن بعد ذلك. فيكون للمرأة الحاضنة حق التقدم بطلب إذن سفر لأبنائها برفع دعوى طلب الإذن بالسفر بالأبناء إلى قاضي محكمة الأسرة، وأن ترفق في دعواها الحكم القضائي الذي يقضي لها بالحق في حضانة الأبناء، مع تقديم الكفالة اللازمة والضمانات الضرورية الموجبة لعودتها كما أن لها الحق برفع دعوى منع سفر لهم مع الأب بصفتها حاضنة للأبناء.اذا كان لهذا اسباب موضوعية
وفي الختام لا يجب أن يعتقد اي منا ان الأب غيابه عن البيت يعني إلغاء دوره في تربية أبنائه، فيجب ان يستمر دوره ورقابته وتظل وهيبته قائمة لدى أبنائه، فهو المثل والقدوة، وينبغي أن يعلم كل منا ان الآباء لا يفرضوا هيبتهم ووقارهم أمام أبنائهم بإلغاء هيبة الأم واحترامها لدى أبنائها بل بتوقيرها وتعظيم دورها
فليس بالنكاية والغل والندية ننتج وننشئ اطفال سوية.
اترك تعليق