كراتيين .. كراتيين .. كراتين ... فى مشهد كوميدي ساخر يذكرنا بمشاهد اوبريت الليلة الكبيرة، تتزاحم كراتيين الاسماك المجمدة فى اغلب اسواق السمك بعروس المتوسط ... اصبحت الكراتين هى السمة المميزة لاغلب بائعي الاسماك، واختفى السمك البلدى الاسكندرانى، صاحب الشهرة والسمعة الطيبة، ذو المذاق العالى.
(الجمهورية اون لاين ) تفتح الملف ... تبحث عن اسباب اختفاء الاسماك البلدى، وغزو الاسواق بالاسماك الصينية والتايلندية والهندية وغيرها .
فى البداية اكد احمد محمود – بائع – اسماك انهم يضطرون لبيع الاسماك المجمدة نظرا لاختفاء السمك البلدى نهائيا، فهو نادر بدرجة شديدة، علاوة على الارتفاع الشديد فى سعره – ان وجد، الامر الذى يدفع تجار الاسماك لبيع الاسماك المجمدة، ويؤكد محمود رغم انى اعرضها على حقيقتها، الا ان بعض التجار يعرضها على كونها اسماك طازجة بكل اسف، فكيلو البلطى لا يتعدى 15 جنيه، بينما البلدى يصل الى 50 و 60 جنيه، وهو غالبا غير متوفر.
وتشير سيدة ابراهيم – ربة منزل – لانها تشترى الاسماك من المجمعات الاستهلاكية، او مولات البقالة الكبيرة، نظرا لرخص سعرها، فهى تعرض على حقيقتها كأسماك مجمدة، ولا يتم غشها وبيعها كأسماك طازجة.
عادل حراز – أديب وروائى – يؤكد اسكن بمنطقة ابو قير، وهى من اكبر مراكز الصيد بالثغر، ويوجد بها حلقة كبيرة للاسماك، وحتى اليوم يتم بيع الاسماك الطازجة البلدى، الا ان سعرها ارتفع بشدة، وقلة كمياتها بشدة ايضا، وهو الامر الذى يدفع ضعاف النفوس من الباعة لترويج الاسماك المجمدة على كونها اسماك طازجة، ويشدد حراز اهل الاسكندرية ممن يعشقون ترابها، يستطيعون تمييز اسماكها دون غيرها من الاسماك، فيصبح الزائرين وحدهم فريسة للباعة معدومى الضمير.
ماجد ابراهيم – بائع - يؤكد ان البلطى و الفيليه و الجمبري وسمك التونة والسبيط هي اكثر انواع الاسماك التي يتم استيرادها سواء من الصين او من فيتنام.
ان كان اكثر الانواع التي يتم استيرادها هو الجمبري والذي يأتي من اكثر من بلد ولكن الاكثر مبيعا لدينا من الهند، اندونسيا، الاكوادور، ماليزيا وفيتنام ويتراوح سعره حسب الحجم من 55 جنيها الي 100 جنيها.
ويوافقه الرأى محمد السيد - بائع – مشيرا لان الاسماك المجمدة قامت بحل الازمة المالية بشكل كبير فهي بالنسبة لمحدودي الدخل (طوق نجاة) فكيلو الفيليه لا يتجاوز 30 جنيها، وبذلك تكون وجبة غير مكلفة لأي ربة منزل، مشيرا الي ان سمك التونة بحوالى 40 جنيها والسبيط 50 جنيها وجميعها يتم استيرادها، ولكن للأسف 80 ٪ من الاسماك التي يتم استيرادها، اسماك مزارع، وهذا الذي يجعلنا نتساءل لماذا لا نقوم بتطبيق نفس العمل و يتم عمل مزارع للاستفادة من ثروتنا واسماكنا.
ويشدد السيد على ان طعم وجودة الاسماك المجمدة يختلف كثيرا عن الاسماك البلدى، بل ان فائدتها تختلف ايضا، ولكن عدم تنظيم الصيد وترك البحر لمن يريد وقتما يريد، هو السبب الرئيسي فى تفاقم هذه الازمة، فلو تم منع صيد الزريعة لمدد محددة، لوجدت الاسماك فى اغلب ايام السنة، ولكن الواقع هو تجريف البحر امام اعين كل المسئولين.
فاطمة عبد العزيز – ربة منزل – تقول اسكن بمنطقة بحري، حيث كنا نستمتع بالاسماك الطازجة طوال العام، اما اليوم فنادرا ما نجدها، وان وجدت فهى احجام صغيرة، لاسماك غير مميزة، ولعل وراء ذلك حرث الصيادين للبحر، بواسطة الشباك الضيقة، والتى يطلق عليها – الجرافة – حيث تقوم بتجريف البحر تماما، ولا تترك سمكة كبيرة او صغيرة، نظرا لضيق فتحاتها الشديد.
ويري ياسر صالح – تاجر – ان استمرار عمليات الصرف الصناعى والصحى على مياه البحر ، كان له اثر بالغ على تدمير الثروة السمكية بسواحل الاسكندرية، وربما بأغلب سواحل مصر، فالصرف فى بعض المناطق ادى لهجرة ونزوح الاسماك وكل الكائنات البحرية بعيدا عن سواحلنا، الامر الذى يدفع الصيادين للعمل فى اى مهنة أخري مربحة.
ويوافقه الرأى سيد حزين – صياد – مشيرا لان الصرف الصناعى افسد شاطىء المكس والسواحل المواجهة له، كما افسد بحيرة مريوط، وافسد منطقة ابو قير، فاصبح على من يريد الاستمرار فى مهنة الصيد ان يتحمل تكالف كثيرة ويجازف بأن تغطى رحلة الصيد تكاليفها او لا، وغالبا لا تغطى التكاليف، لهذا يترك الصياد مهنته الاصلية التى ورثها عن ابائه واجداده ويتجه لمهنة اخري، بحثا عن الرزق الحلال.
ويوافقه الرأى ياسر المهدى – صياد – مشيرا لان اهم اسباب انهيار الثروة السمكية هو الصيد الجائر للاسماك الصغيرة " الزريعة " والتي يتم بيعها للمزارع السمكية ويقبل عليها اصحاب المزارع، حيث يتم صيدها قبل اكتمال نموها مما يؤدي الي القضاء علي أمهات الأسماك مما يؤثر علي الثروة السمكية بصفة عامة.
اما دكتورة ايمان سلام بالمعهد القومى لعلوم البحار والمصايد، قسم الكيماء البحرية فأكدت تعتبر الثروة السمكية في مصر واحدة من أهم مصادر الدخل القومي، وكذلك تعتبر مصدر من مصادر البروتين الآمن والذي يوفر الاحتياجات الغذائية داخلياً وينمي صناعات أخرى بجانبه و لكن في السنوات الاخيرة انخفضت انتاجية الاسماك بصورة كبيرة يعد الصرف الصحي و الصناعي والتلوث بالعناصر الثقيلة منها الكادميوم والرصاص والزئبق و صرفها على مياه البحر وتفريغ بقايا زيوت ومخلفات السفن الكبيرة من اهم العوامل وراء اختفاء معظم انواع الاسماك التي كانت شواطئ البحر المتوسط بالاسكندرية تتمتع به. بالاضافة الي الصيد الجائر للاسماك طوال العام مع استخدام طرق صيد خاطئة كالصيد بالديناميت مما يؤدي الي موت الاسماك الصغيرة (الزريعة) و من ناحية اخري يعتبر البحر المتوسط من البحار المغلقة و بالتالي يعاني من ضعف الخصوبة (المواد الغذائية اللازمة لتغذية الاسماك)، تبلغ نسبة الخصوبة في البحر المتوسط نصف خصوبة المحيط و يمكن لدولة ان تتخذ بعض الاجراءات الهامة لحماية بيئة البحر المتوسط منها انشاء محميات طبيعية ، مراقبة عمليات الصيد و معدلها, تغليظ العقوبة علي كل من يخالف قوانين الصيد المعمول بها دوليا .
اترك تعليق