بأكثر من 12 مليون جنيه في 10 أيام عرض بشباك التذاكر، وأكثر من 45 مليون مستمع لأغنية الفيلم، استطاع "ولنا في الخيال .. حب" للمخرجة سارة رزيق ان يحقق المعادلة الصعبة، وهي الإشادة النقدية والجماهيرية في آن واحد، في تجربة مختلفة جمعت بين أبطاله الفنان أحمد السعدني والفنانة مايان السيد والفنان عمر رزيق، في عالم افتقدناه كثيراً بالأفلام السينمائية وهو عالم الرومانسية والاستعراضات.
تحاورت "الجمهورية أون لاين" مع فريق العمل الذين كشفوا تفاصيل التحضيرات، وخاصة ان البروفات الأولي تمت بمدينة الجونة وسط أجواء هادئة تتناسب مع نوعية الفيلم، كما تحدثوا عن الصعوبات التي مروا بها، بالإضافة لأبرز الكواليس التي جمعتهم طوال فترة التحضير التي استمرت لعامين ونصف.
بداية.. كيف وجدت تفاعل الجمهور مع الفيلم؟
الحمد لله فخور وسعيد بجميع التعليقات التي تصلني يومياً، وخاصة ان أحداها كانت تقول ان العمل يعيطها الأمل، فكان هذا التعليق داخل قلبي، و"لومسمعتش غير الجملة دي طول مشواري فأنا احمد ربنا"، لان بالأخير هذا سبب وجودنا في الحياة ان نساعد ونهون علي بعض.
ما الذي جذبك للعمل؟
"ولنا في الخيال .. حب" فيلم ملئ بالمشاعر "حب وفقد وحزن وفرح"، وجميعنا مررنا بحالات الفقد، وتأثرنا بها ومازلنا وسنظل متأثرين بها، مهما عدي الوقت ودوي الزمن جروحه، وهذا ما لمسني في شخصية "دكتور يوسف" الذي يعيش مع حبه المفقود والوهمي غير الموجود، رغم مرور الزمن واختلاف الأشياء حوله، ولكنه مازال يدفن نفسه داخل هذا العالم الوهمي ولا يخرج منه.
قدمت الشخصية بإحترافية وصدق كبير.. كيف استعديت "دكتور يوسف"؟
الحمد لله هذا فضل من ربنا، أكيد بذاكر كثيراً مع نفسي. وأظل منشغلاً بتفاصيل الدور داخل ذهني واكتب ملاحظات عديدة، واكون في نقاش دائم مع المخرج وفريق العمل، ولكن أبرز شيء في هذا الفيلم إنني استشرت طبيب نفسي قبل دخول التصوير، وخاصة ان الفيلم ملئ بمشاعر الفقد، الذي مررنا بها جميعاً، لذلك ساعدني هذا الدور لخروج جزء حي من المشاعر الموجودة بداخلي.
ألم تخش من دخول التجربة مع مخرجة شابة بفيلمها الأول؟
الفيلم بداية جاءني عن طريق المنتج صفي الدين محمود. وأنا أثق جداً في اختياراته وجودة الأعمال التي يقدمها، لذلك عندما قال لي ان هناك فيلم للمخرجة سارة رزيق بتجربتها الأولي الطويلة، وطلب مني ان نعقد جلسة عمل سوياً، ووافقت لثقي فيه، وبالفعل بمجرد ان جلست مع سارة وحكت لي عن الفيلم وافقت في 5 دقائق فقط، وهذا الأمر عكس طبيعتي بشكل كبير، لإنني شخص متردد جداً، وقرار العمل بالنسبة لي ليس سهل ع الإطلاق، ولكن مع الفيلم وافقت بدون أي تردد.
وكيف وجدت العمل مع سارة رزيق؟
سارة كانت فوق مستوي توقعاتي، جعلتنا نقوم ببروفات عديدة جداً قبل بدء التصوير، لدرجة إنني حفظت جميع مشاهد مايان وعمر بكلامهما، وهذا سهل علينا الأمر كثيراًأثناء التصوير، إذإنني مع أول يوم تصوير قولت لها أنا فخور بيكي، فالعمل معها كان ممتعاً جداً، فهي لديها شخصية قوية في اللوكيشين وتعرف ماذا تريد، اختلفنا وتشاكسنا كثيراً وحاولت ان اقنعها في مرات عديدة بوجهه نظري، ولكنها كانت هي تنتصر في أغلب الأحيان.
بما إنك تختار أدوار بعناية فائقة. ما هي معايير اختيارك للأدوار؟
الفترة الأخيرة أصبحت حريصاً ان اختار وفقاً للمخرج أولاً، حتي لو أقدم دوراً صغيراً، لانه بالفعل المخرج هو "عصب الشغلانة"، فمثلاً أتذكر أدوار بذل فيها مجهود كبيراً في التحضيرات، ولكنها ظُلمت بسبب مخرج او منتج، لذلك يكون المخرج هدفي الأول، كما إنني لا استطيع تقديم عملين في نفس الوقت، فأنا اختار عمل واحد اركز فيه واعطيه كل مجهودي أفضل.
وأخيراً ما هو المشهد الذي لا تنساه من الأحداث؟
مشهد المواجهه بين "يوسف ونوح"، هذا المشهد كان من المفترض ألا أبكي فيه، ولكن البكاء جاء بشكل غير مقصود، وكان به مساحة كبيرة للاحساس، وسارة تركتنا بهذه الحالة وأخذت المشهد بشكل سلس، وهذا هو المخرج الفاهم، الذي يقرأ الفنان الذي معه، لأن كل ممثل له طريقة إدارة مختلفة.
ما الذي حمسك لشخصية "وردة"؟
"وردة" أنقذتني علي المستوي المهني والشخصي معاً، فالدورجائني في فترة كنت تائهة جدا بحياتي، كنت اريد ان يراني أحد بعين مختلفة وبعيدة عن النمطية، لذلك عندما تحدثت مع سارة عن تفاصيل الفيلم. قولت لها "انا هعمل الدور دة"، لانه به تحدي كبير على جميع المستويات.
الشخصية صعبة ومليئة بالمراحل المختلفة والتركيبات النفسية.. كيف كانت استعدادك؟
نعم، الشخصية ليست سهلة علي، فكانت كل مراحلها تحدي لي، تعلمت من أجلها أشياء عدة، منها حصلت على كورس صوتي ليكون الصوت أعمق وكورسات بيانو ورقص واكروبات، وظللت اشتغل على الدور لسنتين ونصف، وكانت مدينة الجونة، مثل مكان المعكسر التي نتجمع فيه وونقيم البروفات.
ولكن التصوير لعامين ونصف صعب؟
بالتأكيد، ولكن التصوير لم يكن متواصلاً، فكنا نصور علي فترات، وكان هذا هو التحدي الأكبر لي ان أظل داخل حالة الشخصية، واتذكر جميع تفاصيلها.
حدثينا عن الكيمياء التي كانت بينكم أثناء الكواليس؟
صراحة استمتعت جداً بكافة التفاصيل، وكنا جميعنا حرصين ان يخرج الفيلم بأفضل صورة، فأنا أتذكر عمر رزيق كان يصطحبني معه لمعهد فنون مسرحية لأشاهد هذا العالم عن قرب، ويضاً لمعهد الكونسرفتوار وكل الأماكن التي صورنا داخلها، وسارة كانت تأخذنا للأوبرا ونعيش أجواء عروض الباليه والموسيقي، وايضاً أحمد السعدني الذي كنت التقطت منه الإحساس لأستطيع ان أدخل في الشخصية بسهولة.
ما هو أصعب مشهد؟
الفيلم بأكمله صعب وملئ بالتفاصيل، وفي كل مرة يشاهده الجمهور سيكتشف أشياء جديدة، ولكن مشهد "المواجهة" في نهاية الفيلم بين "وردة ودكتور يوسف" كان مرهقاً.
حدثينا عن بداية الفكرة لـ "ولنا في الخيال .. حب"؟
بدأت فكرة الفيلم في ذهني بعام 2015، حينما شاهدت باليه "كوبيليا" الذي استوحيت منه الفكرة، ولكن الأحداث اخذت وقتاً طويلاً لتتبلور، وخاصة إنني أؤمن جداً بالتخصصية، قمت بالمذاكر الجيدة حتي أواخر عام 2020، بدأت في كتابة السيناريو مثلما أحب بالأجواء التي أحبها.
ولكن من 2020 وحتي معاد طرح الفيلم 2025 وقتاً طويلاً؟
بدأنا تصوير الفيلم في شهر أكتوبر 2023 وانتهينا منه بعد عام بالظبط، وبالتاكيد هذه فترة طويلة، ولكننا دخلنا التصوير في البداية سريعاً لإنني كنت اريد ان أصور في معهد السينما قبل تطويره، فبالفعل صورنا مشاهد المعهد اولاً، ثم استكملنا باقي التحضيرات والتصوير علي فترات أخري، بالإضافة ان المدة تخللها وقفات عدة بسبب موسم رمضان وأعمال أخري خاصةبالأبطال.
ولكن كيف تسطيعي ان تجعلي الممثل يدخل أجواء الشخصية بعد كل توقف؟
بالتأكيد الأمر لم يكن سهلاً، ولكنني كنت استغل أي توقف من التصوير، واصطحبهم لعروض بالية أو أوركسترا، بحيث يمارسوا نفس هوايات الشخصبات التي يقومون بتجسيدها. حتي لا ينفصلوا عن هذا العالم، كما إننا كنا على تواصل دائم ونتحدث في كافة التفاصيل ليظلوا داخل الشخصية.
الفيلم به مشاهد مركبة ونفسية عديدة.. ما هو أصعب مشهد لك؟
صراحة كل المشاهد حقيقي صعبة، حتي البسيط منها كان ملئ بالتفاصيل، لذلك لا استطيع تحديد مشهد واحد، ولكن يمكنني ان أقول ان أسهل المشاهد التي لم تحتاج مني لأي توجيه، بسبب البروفات المكثفة التي قاموا بها الأبطال هي الاغنتيتين، الخاصة بعمر والسعدني، تصوير الاغنيتين كان سهل وتم تصويرهم في يومين فقط.
وبالنسبة لمشاهد البكاء التي أبكت صالة العرض والجمهور؟
وأبكتني أنا شخصياً أثناء التصوير. مشاهد البكاء الخاصة بالفنان أحمد السعدني لها قصة، فهو كان من المفترض ان يبكي في مشهد لقائه بصديقه القديم ليكون مؤثر مع الجمهور، ولكن ماحدث في مشهده مع الفنان عمر رزيق، بالمواجهة بينهما وهو يحكي له عن زوجته المتوفية في الأحداث، وبكائه بشكل صادق غير مفتعل وغير متوفق عليه.
حدثينا أكثر عن كواليس تحضير هذا المشهد؟
هذا المشهد الذي جمع بين احمد السعدني وعمر رزيق تم تصويره في "وان شوت"، وأثناء التحضير له طلب مني أحمد ان يرتجل في بعض الكلام بالمشهد، ووافقت لانني شعرت بإحساسه وانه سيكون مؤثر أحلي من المتفق عليه، وبالفعل ظهرت المشهد بهذا الصدق، ولم استطع ان اوقفه او اغير فيه.
أشعر ان شخصيات ¢نوح ووردة ود. يوسف¢ قابلتيها في الحقيقية؟
نعم بالتأكيد.. جميع شخصيات الفيلم تعاملت معها، فمثلا شخصية نوح التي يجسدها عمر رزيق، هو نفسه بكل تفاصيله، لدرجة إنني أثناء كتابة الفيلم كنت استوحي منه كلام الشخصية، ونفس الكلام د. يوسف فهو مثال لنا جميعاً، فنحن عندما نتعرض لصدمة نكون مثله ونغلق علي نفسنا بهذا الشكل، وأيضا هو مثال للرجل الذي أحب في الماضي ويعيش على الذكريات.
ألم تشعري ان اسم الفيلم طويل؟
أثناء عملي كمساعد مخرج، اشتغلت في أعمال عديدة لها اسم طويل مثل "في كل أيبوع يوم جمعة" و"لا تطفئ الشمس"، وكنا وقتها نقول انها ستكون أسماء مؤقتة وستتغير، ولكن نتفاجئ بها عند العرض، لذلك لم يكن لدي قلق تجاه الاسم، لانني عايشت وعاصرت تجارب هذا النوع، وعلي الجانب الاخر، انا أحببت ايضاً الاسم الذي طرحه المنتج صفي الدين "مرة واحد حب واحدة"، وقمنا بعمل استطلاع رأي بين الشباب والبنات، ووجدنا ان أغلب البنات يميلون لاختياري لـ "ولنا في الخيال .. حب"، والذكور يمليون لـ"مرة واحد حب واحدة"، بوما إنني اشعر ان جمهوري الأكثر من البنات، ورأي الفتيات مهم عندي باعتباره فيلماً رومانسياً قررنا ان يكون اسمه النهائي "ولنا في الخيال .. حب" وتحته "مرة واحد حب واحدة".
وبالنسبة لطول مدة الفيلم؟
لم أشعر إنه طويلاً، وخاصة انه لدي 3 شخصيات جميعهم أبطال، فهو لا ينتمي للتيمة الكلاسيكية ولد يحب بنت، او طيب وشرير أو بطل رئيسي واخرون يساندونه، بل لدي بالفيلم حبكة صعبة، وليس لها مرجعاً، وكان علي ان اجعل الجمهور يعيش الرحلة مع الـ 3 شخصيات بنفس الاهتمام، لانهم يكملون بعض، وانا أخدم الحدوتة نفسها. ومع ذلك احترم كل الآراء.
وأخيراً.. ما الجديد الذي تحضري له؟
أعمل على فيلم جديد مع عمر رزيق، وبالفعل أنجزت أول نسخة منه، ولكنى أوقفت العمل عليه حتى اطمئن على "ولنا فى الخيال .. حب" ومن بعدها سأبدا فى كتابة نسخة أخرى مطورة أكثر، وبالتأكيد سيكون فيلماً به مشاعر إنسانية مبهجة أيا كان نوعها رومانسى كوميدى درامى، لاننى لا أحب ان أترك المشاهد بشعور سئ ولا أحب الكأبة.
اترك تعليق