كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في هونغ كونغ عن أن ممارسة تاي تشي، وهي رياضة صينية تقليدية تعتمد على تناغم الحركة والتنفس، يمكن أن تُقدّم فاعلية قريبة من العلاج السلوكي المعرفي في تخفيف الأرق المزمن عند البالغين في منتصف العمر وكبار السن.
ويُعد الأرق المزمن من أكثر اضطرابات النوم انتشاراً بين هذه الفئات، ويرتبط بمخاطر صحية متعددة تشمل أمراض القلب، وتدهور القدرات الإدراكية، واضطرابات المزاج. ورغم أن العلاج السلوكي المعرفي يُعد الخيار العلاجي الأول لهذا الاضطراب، إلا أن الكثيرين لا يتمكنون من الحصول عليه بسبب تكلفته أو محدودية المتخصصين المؤهلين لتقديمه.
الباحثون في هونغ كونغ حاولوا تقديم بديل عملي ومتوافر، فقاموا بدراسة شملت 200 مشارك فوق سن الخمسين، تم توزيعهم عشوائياً بين مجموعتين: الأولى تلقت جلسات تاي تشي، والثانية تلقت العلاج السلوكي المعرفي الخاص بالأرق (CBT-I). واستمرت التدخلات لمدة 12 أسبوعاً، بمعدل جلستين أسبوعياً، مدة كل منهما ساعة.
اعتمدت الدراسة على "مؤشر شدة الأرق" (ISI) لقياس التحسّن بعد انتهاء التدخل، ثم تابعت المشاركين لمدة وصلت إلى 15 شهراً. وبعد الثلاثة أشهر الأولى، حقق المشاركون في مجموعة التاي تشي تحسناً واضحاً، وإن كان أقل نسبياً من مجموعة العلاج السلوكي المعرفي. لكن المفاجأة ظهرت في المتابعة طويلة المدى: تفوقت الاستمرارية على السرعة، إذ تقاربت نتائج المجموعتين بشكل كبير، مع تحسن متقارب في جودة النوم والصحة النفسية والنشاط البدني، ودون ظهور أي آثار جانبية تذكر.
ويرى الباحثون أن حفاظ المشاركين على ممارسة التاي تشي بعد انتهاء الجلسات الرسمية لعب دوراً محورياً في استمرار النتائج الإيجابية، مؤكدين أن هذه الرياضة يمكن أن تمثل خياراً علاجياً طويل الأمد وسهل التطبيق لإدارة الأرق المزمن لدى كبار السن.
ويُذكر أن تاي تشي هي ممارسة صينية قديمة تُركز على الحركات البطيئة والتنفس العميق والوعي بالجسد، وتُستخدم عالمياً اليوم كأحد تمارين العقل والجسد التي تعزز الهدوء وتحسّن النوم.
اترك تعليق