هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ثمرة صحراوية قد تغيّر مستقبل علاج السكري

في أعماق صحارى الصين القاحلة، حيث لا يبدو للحياة أثر، تنمو شجيرة صغيرة بثمار حمراء تُخفي خلف مظهرها البسيط سرًا بيولوجيًا مدهشًا. لقرونٍ استخدمها الطب الشعبي لعلاج أمراض غامضة، لكن أحدًا لم يتخيل أنها قد تحمل مفتاحًا لإعادة التوازن إلى الجسم ومكافحة أحد أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم. واليوم، يكشف العلم الحديث عن حقيقة هذه "الثمرة الصحراوية" التي قد تفتح بابًا جديدًا أمام علاج داء السكري بطريقة طبيعية وشاملة.


في خطوة علمية لافتة، أعلن باحثون من جامعة تشينغهاي ومعهد شمال غرب بيولوجيا الهضبة عن اكتشاف مستخلص نباتي قوي من ثمرة صحراوية نادرة تُعرف باسم نيتراريا روبوروفسكي كوم (Nitraria roborowskii Kom)، أظهر نتائج مدهشة في خفض مقاومة الأنسولين واستعادة التوازن الأيضي لدى الفئران المصابة بالسكري.

وفقًا لتقرير نشره موقع ساينس ديلي، أظهر المستخلص المُركّز المعروف باسم NRK-C تأثيرات متعددة الجوانب، إذ لم يقتصر على خفض مستويات السكر في الدم، بل ساعد أيضًا في تحسين التمثيل الغذائي للدهون وتقليل الإجهاد التأكسدي، مما يجعله مرشحًا طبيعيًا واعدًا لعلاج المرض بطريقة أكثر أمانًا.

يُتوقّع أن يصل عدد المصابين بالسكري عالميًا إلى نحو 750 مليون شخص بحلول عام 2045، ومع استمرار اعتماد الأدوية التقليدية التي تُخفّف الأعراض دون معالجة الأسباب الأساسية، يبحث العلماء عن بدائل مستخلصة من الطبيعة. وهنا برزت ثمرة "كرز الصحراء"، التي استخدمتها المجتمعات المحلية في غرب الصين لقرون لعلاج أمراض مختلفة، لتتحول إلى محور أبحاث علمية دقيقة.

خلال سبعة أسابيع من التجارب، لاحظ العلماء أن مستخلص NRK-C خفّض مستويات سكر الدم الصائم بنسبة تراوحت بين 30 و40%، مع تحسّنٍ في حساسية الأنسولين بنحو 50%. كما تراجعت مؤشرات الإجهاد التأكسدي بنسبة 60%، وتوازن الكوليسترول بشكل واضح، وهو ما لم تحققه غالبية العلاجات التقليدية منفردة.

وتبيّن من التحليل المخبري أن الفاعلية العالية للمركّب ترتبط بتنشيط مسار إشارات PI3K/AKT، المسؤول عن تنظيم عمليات التمثيل الغذائي في الجسم، والذي غالبًا ما يتعطل لدى مرضى السكري. هذا التنشيط أعاد للخلايا قدرتها على معالجة الجلوكوز والدهون بكفاءة، وأظهر الفحص المجهري أن أنسجة الكبد والبنكرياس لدى الفئران المعالجة استعادت صحتها الطبيعية مقارنة بغير المعالجة.

وقال الدكتور يوي هويلان، الباحث الرئيسي في المشروع:"ما يميز هذا الاكتشاف أنه لا يقتصر على خفض السكر فحسب، بل يُعيد للجسم توازنه الأيضي الطبيعي. نحن نقترب من فهمٍ أعمق لكيفية استخدام الطبيعة في معالجة الأمراض المزمنة."

ويرى الباحثون أن هذا المستخلص النباتي قد يُمهّد لتطوير مكملات غذائية أو أغذية علاجية تستهدف تحسين الصحة الأيضية، وربما يُسهم في الوقاية من السكري لدى الفئات المعرضة للخطر. كما يعزز هذا الاكتشاف أهمية دراسة النباتات الطبية التقليدية التي قد تُخفي حلولًا لمشكلات العصر الصحية.

ففي زمنٍ تتزايد فيه الأمراض الأيضية وتحديات العلاج الكيميائي، يبدو أن الصحراء —بهدوئها القاسي— لا تزال تحتفظ بأسرار علاجية تنتظر من يكتشفها.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق