قد لا نمنح الكبد ما يستحقه من الاهتمام، رغم أنه أحد أكثر الأعضاء عملاً وصمتًا في الجسم. إنه يعمل دون توقف لتنقية الدم، وتفكيك السموم، وتنظيم عمليات الأيض، ومع ذلك يمكن أن تنهكه عاداتنا اليومية من دون أن نلاحظ. من تناول الطعام ليلًا إلى قلة النوم وحتى الإفراط في المكملات، كلها سلوكيات تؤثر تدريجيًا على كفاءته.

الطبيب سوراب سيثي، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي والمدرَّب في معاهد مرموقة مثل هارفارد وستانفورد وAIIMS، يشارك تسع حقائق أساسية عن الكبد وكيفية الحفاظ عليه في أفضل حالاته.

وفق "هندوستان تايمز" يقول الدكتور سوراب سيثي إن الكبد هو "المعمل الحيوي للجسم"، إذ يعمل بصمت على مدار الساعة لمعالجة كل ما نأكله أو نشربه، ويملك قدرة فريدة على تجديد خلاياه التالفة، لكنه ليس منيعًا كما يظن البعض.

في منشور له عبر إنستجرام، كشف الطبيب عن تسع حقائق جوهرية حول الكبد، مؤكدًا أن العادات اليومية مثل قلة النوم أو تناول الطعام في وقت متأخر من الليل أو التعرض للسموم قد تُجهده بمرور الوقت وتُضعف قدرته على العمل بكفاءة.

1. الكبد قادر على التجدد... لكن بحدود

يوضح الدكتور سيثي أن الكبد يمتلك قدرة مذهلة على إعادة بناء خلاياه التالفة، إلا أن التعرض المزمن للإجهاد أو السموم يؤدي إلى ندوب دائمة تُعرف بالتليف، لا يمكن إصلاحها. لذا فإن الوقاية والعناية المستمرة هما مفتاح الحفاظ على صحة الكبد.

2. القهوة دواء للكبد

على عكس الشائع، يؤكد الطبيب أن القهوة ليست مجرد منبه بل دواء فعّال للكبد. ويضيف:

"تناول ثلاثة أكواب أو أكثر من القهوة يوميًا يمكن أن يقلل خطر الإصابة بتليف الكبد وسرطان الكبد بنسبة 40%، بشرط تجنب السكر والقشدة".
ومع ذلك، ينبه إلى ضرورة مراعاة حساسية الجسم للكافيين لتفادي الأرق أو اضطرابات القلب.

3. الكبد الدهني أكثر شيوعًا مما نعتقد

يقول الدكتور سيثي:"يصيب الكبد الدهني واحدًا من كل ثلاثة بالغين، حتى غير المدخنين أو الممتنعين عن الكحول."
ويحذر من أن مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) أصبح من أسرع الأمراض انتشارًا، وغالبًا ما يظل صامتًا حتى يتفاقم.

4. كل ما يدخل جسمك يعالجه الكبد

يشير الطبيب إلى أن الكبد هو الخط الدفاعي الأول ضد السموم، بما في ذلك الأدوية. ويُحذر قائلاً:

"مسكنات الألم مثل الأسيتامينوفين قد تكون قاتلة عند تناولها بجرعات عالية دون إشراف طبي."
لذلك، يجب استشارة الطبيب دائمًا قبل تناول أي دواء أو مكمل.

5. النوم العميق ضروري لصحة الكبد

يُفسر سيثي أن الكبد يعتمد على الإيقاع البيولوجي اليومي لإتمام وظائفه. فقلة النوم تُعطل عملية الأيض وتُضعف قدرته على التخلص من السموم. وينصح بالحصول على 7 إلى 9 ساعات من النوم المتواصل يوميًا لدعم وظائف الكبد الطبيعية.

6. للكبد ساعة بيولوجية خاصة

بحسب الدكتور سيثي، يمتلك الكبد "ساعته الداخلية" التي تنظم توقيت عمليات التنقية. تناول الطعام في وقت متأخر من الليل يُربك هذه الدورة الطبيعية ويزيد من تراكم الدهون في خلاياه. لذلك، يُنصح بتناول آخر وجبة قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل.

7. السموم الخفية في حياتنا اليومية

يُنبّه الطبيب إلى أن العديد من المواد الكيميائية المنزلية مثل المنظفات والمبيدات وبعض مستحضرات التجميل تحتوي على سموم تُرهق الكبد أثناء محاولته التخلص منها. ويوصي باختيار منتجات طبيعية وآمنة لتقليل العبء على الكبد.

8. احذر من المكملات الغذائية

رغم انتشارها الواسع، يؤكد سيثي أن المكملات ليست دائمًا آمنة.

"بعض المكملات العشبية أو الفيتامينات عالية الجرعة قد تُسبب التهابًا أو تلفًا في الكبد."
لذلك، من الضروري استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل غذائي بشكل منتظم.

9. الماء سرّ صحة الكبد

يشدد الطبيب على أهمية الترطيب الجيد لدعم عملية إزالة السموم. ويقول:"يجب شرب ما لا يقل عن لترين إلى ثلاثة لترات من الماء يوميًا، لأن الماء يساعد الكبد على تنقية الدم وطرد الفضلات بكفاءة."

وفي ختام حديثه، يؤكد الدكتور سوراب سيثي أن فهم آلية عمل الكبد هو الخطوة الأولى لحمايته، قائلاً:"الكبد لا يشتكي بسهولة، لكنه حين يتعب، يُرسل إشارات متأخرة. العناية به تبدأ من نمط حياة متوازن ونوم منتظم وغذاء طبيعي خالٍ من السموم."