في خطوة تعكس صلابة الاقتصاد المصري وسط تحديات عالمية متصاعدة. أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى أعلي مستوي في تاريخه وهو ما اعتبره خبراء الاقتصاد "رسالة طمأنة" قوية للأسواق والمستثمرين، ومؤشراً عملياً على نجاح السياسات الاقتصادية التى انتهجتها الدولة خلال السنوات الأخيرة.
كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية للبلاد إلي 49.25مليار دولار بنهاية أغسطس 2025.
وبلغت الزيادة في احتياطي النقد الأجنبي لدي مصر نحو 214 مليون دولار في الشهر الماضي.
وبنهاية يوليو الماضي سجل صافي الاحتياطيات الأجنبية ارتفاعا إلي49.036 مليار دولار مقارنة بـ 48.7مليار دولار في يونيو 2025.
وتعزي الزيادة في صافي الاحتياطيات الدولية لمصر إلي زيادة مواردها من العملة الأجنبية عبر تحسن إيرادات الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج بجانب ارتفاع أسعار الذهب، وهو أحد المكونات الرئيسية في احتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي المصري.
قال عبد المنعم السيد الخبير الاقتصادي أن الاحتياطي النقدي المصري تجاوز لأول مرة 49 مليار دولار، وهو رقم يغطي احتياجات الدولة من 7 إلي 8 أشهر، ما يعكس مؤشرات ثقة إيجابية. مع التأكيد علي ضرورة زيادته أكثر.
وشدد علي أن التدفقات الدولارية والاستثمارية تحتاج إلي سياسات مالية وتيسيرات للمستثمرين لتشجيع دخول رؤوس الأموال، مشيرًا إلي أن جهود وزارة المالية في التيسيرات الضريبية جيدة، لكنها تحتاج لتفعيل أكبر في القطاع الخاص، موضحًا أن أكثر من 13% من المصانع المتعثرة وعددها تجاوز 13 ألف مصنع بدأت تعود للإنتاج، مؤكدًا أن الاستثمار وسيلة لزيادة التشغيل وتقليل البطالة. وزيادة الإنتاج، وتعزيز الصادرات المصرية. مع هدف الوصول لصادرات تتجاوز 100 مليار دولار.
وقفزت تحويلات المصريين في الخارج خلال الربع الأخير من السنة المالية 2024- 2025 "الفترة أبريل/يونيو 2025" بمعدل 34.2% علي أساس سنوي لتصل إلي نحو 10 مليارات دولار مقابل نحو 7.5مليار دولار خلال الفترة أبريل/يونيو 2024.
أظهرت بيانات سابقة صادرة عن البنك المركزي المصري، ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج 66.2% خلال السنة المالية 2024- 2025 لتسجل 36.5مليار دولار مقابل نحو 21.9مليار دولار خلال السنة المالية 2023- 2024.
علق الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، علي ارتفاع الاحتياطي الأجنبي قائلاً: "كل زيادة في الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي ولو بدولار واحد هو خبر إيجابي، ويؤكد أن الإدارة المصرية كانت حريصة علي أن زيادة الاحتياطي المصري بوتيرة مستمرة".
وأضاف وليد جاب الله.. أن زيادة الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي توجه تسير عليه الدولة المصرية، لتأكيد قدرتها علي سداد التزاماتها.
ولفت وليد جاب الله إلي أن مصر تجاوزت المعيار الدولي بكثير والذي يقول إنه لا يجوز للاحتياطي أن يقل عن 3 أشهر من قيمة احتياجات الدولة من السلع واحتياجاتها الأساسية، حيث أصبح الاحتياطي يغطي احتياجاتنا لمدة 7 أشهر، مؤكدا أن معظم المؤسسات الدولية تتوقع زيادة الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي بصورة متتالية قد يصل إلي 60 مليار دولار خلال سنوات قليلة.
علق الدكتور عبد الهادي مقبل، رئيس قسم الاقتصاد بكلية الحقوق جامعة طنطا، علي هذا الإنجاز. مؤكداً أن هذا الارتفاع الكبير في الاحتياطي النقدي هو علامة واضحة علي تحسن الأداء الاقتصادي واستعادة الثقة في السياسة النقدية للدولة، في وقت تشهد فيه العديد من الأسواق الناشئة ضغوطاً مالية متزايدة.
وأوضح أن نجاح الحكومة والبنك المركزي في إدارة ملف النقد الأجنبي، وسط الأزمات الإقليمية والتحديات الدولية المتراكمة، يُعد إنجازاً في حد ذاته، كما لفت إلي أن هذه الزيادة تعزز قدرة الدولة علي الوفاء بالتزاماتها الدولية، وتمنح العملة المحلية مزيداً من الثبات، مما يُطمئن المستثمرين المحليين والأجانب علي حد سواء.
انعكاسات إيجابية علي التصنيف الائتماني
وأشار مقبل إلي أن تحسّن الاحتياطي النقدي يفتح الباب أمام تحسين التصنيف الائتماني لمصر، ويُقلل من مخاطر الاعتماد علي التمويل الخارجي، خاصة مع استمرار الدولة في تنويع مصادر تمويلها، والتركيز علي تعظيم الموارد الذاتية دون الاعتماد المفرط علي القروض.
ثمار الإصلاحات الجريئة
واختتم الدكتور عبد الهادي تصريحه برسالة تفاؤل، قائلاً: "ما نشهده من مؤشرات اقتصادية إيجابية، وعلى رأسها نمو الاحتياطي النقدي. هو ثمرة مباشرة لسنوات من الإصلاحات الجريئة التي تبنتها الدولة رغم صعوبتها، ويمثل ذلك نقطة ارتكاز نحو بناء اقتصاد وطني مستدام".
خطوة للأمام في طريق الاستقرار
في وقت تتغير فيه قواعد الاقتصاد العالمي بسرعة، تأتي هذه القفزة في الاحتياطي النقدي كإشارة قوية علي أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح، فمع كل تقدم رقمي، هناك وراءه قرارات صعبة وإرادة سياسية واضحة لتحقيق الاستقرار والنمو، الاحتياطي النقدي ليس مجرد رقم في تقرير، بل هو مرآة لاقتصاد بدأ يستعيد عافيته بثقة وثبات.
قال المركز الإعلامي لمجلس الوزراء إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت قفزة قياسية، ما ساهم في تعزيز استقرار الاحتياطيات الدولية.
استقرار سعر الصرف
وأرجع المركز الارتفاع القياسي في تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلي السياسة النقدية الرشيدة للبنك المركزي المصري، التي أسهمت في استقرار سعر الصرف وتعزيز الثقة في الاقتصاد، وانعكست إيجابًا علي صافي الاحتياطيات الدولية وقدرة الدولة علي مواجهة التحديات الخارجية.
واستعرض المركز في إنفوجراف تطور تحويلات المصريين بالخارج، والتي ارتفعت إلي أكثر من الضعف خلال 10 سنوات، لتصل إلي 36.5مليار دولار عام 2024/2025، مقارنة بـ 17.1مليار دولار عام 2015/2016، بزيادة 19.4مليار دولار.
وأوضحت البيانات أن التحويلات سجلت نحو 3.8مليار دولار خلال يوليو 2025، وهو أعلي مستوي شهري يتم تسجيله.
قال الدكتور أشرف غراب، خبير اقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، إن ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلي 36.5مليار دولار عام 2024-2025، مقارنة بـ 17.1 مليار دولار عام 2015-2016، يرجع إلي السياسة النقدية الرشيدة للبنك المركزي المصري، والتي أسهمت في استقرار سعر الصرف وتعزيز الثقة في الاقتصاد، ما انعكس إيجابًا علي صافي الاحتياطيات الدولية.
سياسة نقديرة رشيدة
أوضح أن السياسة النقدية الرشيدة للبنك المركزي أسهمت في القضاء علي السوق الموازية للعملة بشكل نهائي خلال عام ونصف العام تقريبا حتي اليوم، نتيجة وجود سعر صرف مرن وموحد للعملة الصعبة، مشيرا إلي أن ذلك أسهم في زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج وزيادة ثقتهم في الاقتصاد الوطني.
أشار الخبير الاقتصادي، إلي أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج لها دور كبير في زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري والاستقرار الاقتصادي، وزيادتها أسهم في زيادة الاحتياطي النقدي إلي49.250 مليار دولار بنهاية أغسطس 2025.. مقارنة بـ 49.036مليار دولار بنهاية يوليو 2025.. حيث بلغت الزيادة في احتياطي النقد الأجنبي نحو 214 مليون دولار.
لفت الخبير الاقتصادي، إلي أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج تسهم في زيادة العملة الصعبة بالجهاز المصرفي المصري، وتسهم أيضا في زيادة قوة الجنيه المصري وتراجع الدولار، وتوفير المواد الخام للصناعة المصرية، وتؤدي إلي تراجع أسعار السلع بالأسواق وتراجع معدل التضخم.
ألمح الخبير الاقتصادي، إلي أن تسهيل التحويلات المالية للمصريين العاملين بالخارج عبر تطبيق "إنستا باي" في بعض الدول، إضافة إلي قرار البنك المركزي بإصدار التراخيص لعدد من البنوك المصرية لتفعيل خدمة استقبال الحوالات المالية من الخارج وإضافتها فورا إلي حسابات العملاء عبر شبكة المدفوعات اللحظية، أسهم في زيادة تحويلات العاملين بالخارج.
تحدث الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، عن العوامل التي تؤدي لزيادة حجم تحويلات المصريين بالخارج لدعم الاقتصاد الوطني. قائلا: "بلغ حجم التحويلات 22 مليار دولار، وهو المورد رقم 2 والأقل تكلفة علي الاقتصاد المصري، ولذا احتاج لتدعيم هذه التحويلات بشكل أكبر".
وأضاف أحمد شوقي.. أطلقت منصة "إنستا باي" في التعامل مع الدول المحيطة لتسهيل تحويلات العاملين بالخارج، لأن من الأشياء التي تؤثر علي التحويلات العمولة المرتفعة والتي تتجاوز الـ 5%، ومن ضمن أهداف التنمية المستدامة تقليل التكاليف عن 5% حيث وصلت لـ 3%.
منصة "بني"
ولفت إلي أنه من ضمن الأشياء التي ساعدت في تسهيل تحويلات العاملين بالخارج، أن البنك المركزي بدأ يعمل مع الدول المحيطة من خلال صندوق النقد العربي في منصة "بني" وهي المسئولة عن التحويلات الرقمية أو المالية علي مستوي الدول العربية، كما أصدرنا شهادات بمعدل عائد مرتفع وكان له دور في توفير شهادات دولارية، كما بدأن في تقليل مصاريف التحويلات مع البنوك الأخري والمؤسسات.
قال أستاذ الاقتصاد الدولي. عضو "الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع"، علي الإدريسي أن "الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية، كانت أهم الأسباب، وعلي رأسها تبني نظام سعر صرف مرن، وذلك جزء من اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، ما عزز الثقة في الاقتصاد المصري".
واتفقت الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي في مارس 2024 علي قرض ميسَّر لمصر بقيمة 8 مليارات دولار علي دفعات تنتهي في 2026، مقابل الالتزام ببعض الشروط الخاصة بمرونة أكثر في سعر صرف الجنيه، ورفع الدعم عن الكهرباء والمحروقات، والتوسع في دور القطاع الخاص داخل الأنشطة الاقتصادية في البلاد، وتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي للفئات الأكثر احتياجاً، وخفض الدين العام وخفض الأموال الممنوحة للدعم مع توجيهه إلي الفئات الأكثر استحقاقاً.
ويرى الإدريسى أن من أسباب زيادة تحويلات المصريين فى الخارج أيضا "رفع معدلات الفائدة على الودائع بالجنيه المصرى والدولار الأمريكى، ما شجع المصريين بالخارج على تحويل أموالهم للاستفادة من العوائد المرتفعة"، منوهاً بأن أحد الأسباب كذلك "زيادة عدد المصريين بالخارج مما عزز حجم التحويلات الواردة".
اترك تعليق