قبل عدة سنوات كانت قناة مساواة التي يديرها الفلسطينيون في اراضي 48 ويقع مقرها في الناصرة تقدم برنامجا باسم "ميعاد".. يعتمد البرنامج علي استضافة يهود مهاجرين من دول عربية واسلامية يبررون فيها هجرتهم من مسقط رأسهم الي ارض فلسطين ليقيموا فيها علي حساب صاحب الارض الفلسطيني.
وتعرض هذا البرنامج لهجوم عنيف من الوسط الفلسطيني بسبب مضمونه المشبوه وتم وقفه بالفعل.
وفي احدي الحلقات ظهر يهودي لبناني من اصل روسي يدعي "جاك يركا" كان يعمل مساعدا لاسحاق رابين ويستخدمه في الاتصال مع القيادات الفلسطينية لأنه يتحدث العربية بطلاقة.
في هذه الحلقة قال يركا ان رابين الذي وقع اتفاق غزة اريحا مع منظمة التحرير عام 1993 لم يكن ينوي اقامة دولة فلسطينية وكان ينوي فقط منحهم وضعا يفوق الحكم الذاتي ولايصل الي الدولة ويبدو أن السلطة الفلسطينية كانت هي الحل.
ولم تتوقف عمليات التهويد ومصادرة الارض حتي ان قوات الاحتلال صادرت 74 الف دونم في الضفة الغربية خلال العام الاول من توقيع الاتفاق .. وقتل رابين وتواصلت عمليات الاستيطان حتي ان عدد المستوطنين في الضفة زاد سبعة اضعاف منذ توقيع الاتفاق.
ويبدو ان اسرائيل لم تعد مقتنعة بالسيادة الفلسطينية المنقوصة من خلال سلطة محمود عباس وبدأت تبحث عن بديل اخر اكثر سوءا .. وكما يقول بعض المحللين فإن عملاءها من الفلسطينيين امثال الجعبري وأبو شباب باتوا مرشحين للقيام بهذا الدور.
ويشرح معلق الديلي تليجراف البريطانية ذلك فيقول ان اسرائيل تخشي أن يكون للفلسطينيين ممثل وحيد وشرعي .. لذا حاولت توفير وطرح وتمويل "بدائل" قادرة علي كسب ود الفلسطينيين تابع لها أو علي أقل تقدير لا تعاديها.
وهذا البديل لاتريد اسرائيل ان يكون منظمة التحرير الفلسطينية التي ظلت لسنوات اداة ناجحة استطاعت أن تصهر كل التناقضات الفكرية والأيديولوجية وكل التوجهات السياسية المتباينة والمتناقضة وأن تستوعب تحت عنوانها الكبير مختلف شرائح واتحادات ونقابات الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم كافة ثم تتقدم بكل هذا الخليط إلي العالم بتعريف واحد متفق عليه.
فهي لاتريد ان يكون للفلسطينيين ممثل له مطالب سياسية تخصهم كجماعة وتتجاوز فكرة تحسين أوضاعهم كلاجئين في الجوار العربي وهنا بدأت إسرائيل بمحاربة هذا الممثل بكل ما أوتيت من سبل.
محاولات
لم تكتفِ إسرائيل بمحاربة المنظمة وفصائلها عسكرياً بل بدأت بالبحث عن "بدائل" قادرة علي كسب ود الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزّة.
وكانت هناك محاولات عديدة منها تشكيل ما عرف بالجبهة الوطنية والمجمع الاسلامي فضلا عن محاولات عديدة لم يكتب لها النجاح مع تصدي الشعب الفلسطيني لها .. وهذا المجمع لايزال قائما حتي اليوم ويعلن بصراحة ان شهداء فلسطين في مواجهة اسرائيل ليسوا شهداء.
وفي محرقة غزة نشأت ظاهرة ياسر أبو شباب في غزة ويبدو أنه يتم دعمها لتتولي ربما مع تشكيلات أخري مسؤولية الإدارة في القطاع في مرحلة ما بعد الحرب وذلك بهدف منع أي سلطة تحمل مشروعاً سياسياً يطالب بحقوق قومية.
كما سعت الي تشكيل روابط في الضفة الغربية تشكل تهديدا لشعبية المنظمة لكن قوة المنظمة في الخارج وفي الأراضي المحتلة والتفاف النخب السياسية والنقابية والثقافية حولها أفشلا هذا المخطّط.
وليست هناك مشكلة وهو خلق تيار ينادي بإنهاء السلطة بحجة أنها تخلت عن حلم الفلسطينيين بإقامة دولتهم وهناك المطالبة بإنهائها لأنها لم تضع حدّاً نهائياً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي . ومنذ بداية محرقة غزة واعتداءات الضفة سعت اسرائيل فض سقف توقعات الفلسطينيين أينما كانوا وتيئيسهم من أي حل.
وهنا بالتحديد نشأت ظاهرة ياسر أبو شباب في غزة وتحاول اسرائيل تقديم الدعم لهذا التنظيم العميل ليتولي مسؤولية الإدارة في القطاع في مرحلة ما بعد المحرقة التي لايعلم احد متي ستنتهي .. و ظهرت بشكل مفاجئ حالة وديع الجعبري من الخليل والذي ينادي بإنهاء السلطة الفلسطينية لصالح الانضمام إلي الاتفاقيات الإبراهيمية والاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي علي حد تعبيره .
وقد تبرأت عائلة الجعبري من ابنها ومن مشروعه فضلاً عن مشايخ ووجهاء آخرين في الخليل ليتأكد فشل المحاولة الاسرائيلية.
وقد اتخذت اسرائيل بعد طوفان الاقصي عدة اجراءات ضد السلطة الفلسطينية لتعجيزها عن القيام بمهامها منها اقتطاع اكثر من ثلثي مستحقاتها من الجمارك وفرض قيود صارمة علي تحركات مسئوليها .
اترك تعليق