في قلب الصحراء. حيث كانت المياه شحيحة والفرص محدودة. ترسم محافظة الوادي الجديد اليوم ملامح خريطة جديدة للأمن الغذائي بمصر. بعد أن تحوّل الاستزراع السمكي من فكرة تجريبية محدودة إلي منظومة متكاملة تواكب متطلبات التنمية المستدامة.
فمن خلال استغلال المياه في أكثر من دورة إنتاجية. وربط النشاط السمكي بالزراعي. استطاعت المحافظة أن تضع حجر أساس لمشروع قومي يفتح أبواب الرزق أمام المزارعين والشباب. ويضيف قيمة اقتصادية وبيئية غير مسبوقة للريف المصري.
ولم يكن هذا النجاح وليد الصدفة. بل ثمرة دعم مباشر من القيادة السياسية. وجهود مستمرة امن المحافظ للواء دكتور محمد سالمان الزملوط الذي جعل من تحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين الغذاء أولوية استراتيجية طوال السنوات الست الماضية. بدعم من أجهزة الدولة التنفيذية. وبشراكة حقيقية مع المجتمع المحلي.
أكد الزملوط أن مشروعات الاستزراع السمكي أصبحت ركيزة أساسية في خطة الأمن الغذائي بالمحافظة. ليس فقط لتوفير منتجات طازجة وآمنة بأسعار مناسبة للمواطنين. ولكن أيضًا لارتباطها الوثيق بالزراعة عبر إعادة استخدام المياه الغنية بالعناصر الغذائية في ري المحاصيل.
وأشار إلي أن التيسيرات الحكومية من تراخيص ودعم لوجيستي وتوفير منافذ بيع أسهمت في تحفيز المستثمرين وصغار المزارعين علي التوسع في هذه التجارب. حتي تحولت القري والنجوع إلي بؤر إنتاجية تدعم الاقتصاد المحلي وتوفر فرص عمل للشباب.
وأوضح الدكتور مجد المرسي. وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد. أن تجربة الاستزراع السمكي بالمحافظة تعد نموذجًا عالميًا في ترشيد استخدام المياه. إذ يتم تدوير مياه الأحواض لري المحاصيل. ما يوفر أكثر من 80% من الاستهلاك مقارنة بالطرق التقليدية.
وأكد أن هذه المياه ترفع خصوبة التربة وتزيد إنتاجية المحاصيل بنسبة كبيرة. الأمر الذي يحقق عائدًا مزدوجًا للمزارعين من الأسماك والزراعة معًا.
أوضح المهندس محمود أبوالسعود. مدير عام منطقة الثروة السمكية. أن ما تحقق خلال الأعوام الماضية يعد نقلة نوعية. حيث شهدت المحافظة تنفيذ مشروعات صغيرة ومتوسطة. كان أبرزها مشروع الموشية بمركز الداخلة الذي يضم 11 حوضًا بطاقة إنتاجية 25 طنًا للدورة الواحدة.
ولفت إلي أن الخطة المقبلة تستهدف زيادة المشروعات وتوسيع نطاقها ليشمل مختلف المراكز. بما يعزز الاكتفاء الذاتي ويدعم التنمية الاقتصادية.
كشفب مديرة إدارة التضامن الاجتماعي بالفرافرة أن تجربة بنك الطعام كمؤسسة أهلية أثبتت قدرة المجتمع المدني علي لعب دور فعال في هذا القطاع. بعد أن تمكنت من إنشاء أحواض سمكية ذات إنتاجية عالية بأسعار تنافسية. لتلبية احتياجات المواطنين وتعزيز المشاركة المجتمعية.
يقول محمد الخولي. صاحب مزرعة بقرية الموشية. إن المشروع وفر له دخلًا ثابتًا وفتح أمامه باب رزق مستدام. مؤكدًا أن الدعم الفني من المحافظة ساعده في تجاوز التحديات. بينما أشار علي محمد، أحد المزارعين، إلي أن نجاح التجربة شجّع المزارعين علي الاستثمار في الاستزراع السمكي كأحد أنجح المشروعات التنموية.
وأكد حسن سلام ،رئيس الوحدة المحلية بالموشية، أن المشروع لم يقتصر علي توفير فرص عمل مباشرة للشباب. بل خلق فرصًا غير مباشرة مرتبطة بالتسويق والنقل والتوزيع.
أعرب مواطنو الوادي الجديد عن تقديرهم للقيادة السياسية والمحافظ علي دعم هذه المشروعات التي وفرت لهم غذاءً صحيًا بأسعار مناسبة. وخلقت فرص عمل حقيقية لأبنائهم. وأكدوا أن التجربة تمثل نقلة نوعية في مسار التنمية بالمحافظة. وتجسد نموذجًا ناجحًا لاستغلال الموارد الطبيعية وتحويل الصحراء إلي واحة إنتاجية.
تجربة الاستزراع السمكي في الوادي الجديد لم تعد مجرد مشروع. بل أصبحت عنوانًا لمرحلة جديدة من التنمية المتكاملة التي تجمع بين الاقتصاد والبيئة والمجتمع. وتؤكد أن مصر قادرة علي تحويل أفكار مبتكرة إلي إنجازات واقعية تضعها علي خريطة الأمن الغذائي العالمي.
اترك تعليق