هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ماذا يدور في رأس نتنياهو..؟!
إبراهيم علي
إبراهيم علي

بقلم - إبراهيم علي

بعد أن قام نتنياهو بإصدار أوامره، ظهيرة يوم الثلاثاء الماضي بقصف مبنى سكني في العاصمة القطرية، الدوحة، وهو المبنى الذي كان يستضيف وفد كتائب المقاومة الفلسطينية، والذين كانوا بصدد عقد اجتماع للرد على مقترح وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى برعاية أمريكية، والذي أسفر بدوره عن مقتل خمسة أشخاص من "حماس" وضابط قطري، وذلك في انتهاكٍ غير مسبوق لسيادة دولة خليجية عربية، تُوصف بأنها راعية للمفاوضات بمباركة وشرعية أممية ودولية، كما تُوصف أيضًا بأنها حليفًا استراتيجيًا موثوقًا لأمريكا – من خارج حلف الناتو –.


السؤال السريع الذي يتبادر إلى الأذهان، هو كيف سيكون رد فعل قطر؟ وهل ستقوم بطرد السفير الإسرائيلي من أراضيها؟ وكيف سيكون رد فعل مجلس التعاون الخليجي؟ وجامعة الدول العربية؟ أسئلة مشروعة ومنطقية تسبقها وتلحق بها رجاءات وتمنيات بأن تكون ردة الفعل هذه المرة مختلفة عن كل ما سبقها، وما اعتاده الشارع العربي، من بيانات شجب واستنكار وإدانة.


بعد أن تتزاحم تلك الأسئلة، ويمتلئ العقل على آخره بالعشرات من علامات الاستفهام، وبعد مزيد من التفكير والتأمل، يقفز إلى الذهن سؤال أهم، يزيح كل تلك الأسئلة، ويحل محلها، ويصبح الأجدر بالبحث له عن إجابة، لذا سنترك الأيام تجيب على الأسئلة السابقة ونحاول معًا خلال السطور التالية الإجابة على هذا السؤال الأهم، وهو: ما الذي يدور في رأس نتنياهو؟!


بعد ما قام به نتنياهو – ولا زال – خلال العامين الماضيين، أصبحت الإجابة على هذا السؤال ضرورة مُلحّة. فما الذي يدور في رأس شيطان هذا الزمان؟! فيما يفكر؟! إلى أين يريد أن يذهب؟! هل حسب نتنياهو حساباته وقدّر تقديراته، ووجد أن خصومه في حالة ضعف ووهن خُطّط لها، وأن جميع من حوله باتوا أهدافًا سهلة المنال؟! وأن الوقت قد حان وأنه آن الأوان؟!


حتى نجيب جيدًا على تلك الأسئلة وغيرها، علينا أولًا أن نرصد ثلاثة مشاهد رئيسة في مسلسل العدوان والإجرام الذي يقوم فيه نتنياهو بدور البطولة مرتديًا ثوب الجلاد، والآخرون أدوار الضحايا، ونتوقف عند مجمل ما قام به نتنياهو، وحكومته بمستوييها السياسي والعسكري، خلال العامين الأخيرين ونرصد كذلك ردود الفعل العربية والدولية، الشعبية منها والرسمية، ونتوقف أيضًا عند رد فعل نتنياهو على ردود الأفعال، وذلك وفقًا لما يلي:

المشهد الأول: الضحايا والجلاد!!!
عقب اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في أعقاب 7 أكتوبر 2023، وضع نتنياهو يده على الزناد – ولا يزال – هاجم وقصف لبنان، اليمن، إيران، سوريا، العراق، وأخيرًا تونس وقطر. انتهك سيادة 7 دول دفعة واحدة بالتوازي والتتابع، وذلك في نفس الوقت الذي تتواصل فيه عمليات محو غزة وسرقة أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية.
نفذ نتنياهو وعصابته عمليات اغتيال طالت مئات الشخصيات البارزة السياسية والعسكرية... أغرق غزة بأنهار من الدماء، قتل أكثر من 66 ألف فلسطيني أعزل، معظمهم من النساء والأطفال، جوّع وعطّش وحاصر، ارتكب وعلى الهواء مباشرة وأمام أعين العالم وتحت سمعه جرائم إبادة وتطهير عرقي لم تشهدها البشرية في العصر الحديث.

المشهد الثاني: ردود الأفعال الرسمية والشعبية... الشارع غاضب.. وجهاد الميكروفونات!!!
أولًا: بينما يواصل نتنياهو "مسيره الدموي والعدائي"، خرجت ضده وضد حكومته أكثر من 70 ألف مظاهرة شعبية حاشدة، شارك فيها مئات الملايين حول العالم، معظمها انطلقت من عواصم ومدن أوروبية، أدان واستنكر خلالها المتظاهرون استمرار المجازر وسفك دماء الأطفال والنساء وعمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يتعرض له قطاع غزة، طالب فيها المشاركون بوقف العدوان وإدخال المساعدات ووضع حد للحصار وممارسات التجويع.
ثانيًا: تحولت إسرائيل إلى دولة منبوذة ومعزولة.
ثالثًا: آلاف من بيانات الشجب والاستنكار وعبارات الإدانة التي تدرجت حدتها خرجت من رجال الدبلوماسية ووزراء الخارجية لحكومات العالم، بل ومن رؤساء وملوك العديد من الدول، وامتدت في بعض الحالات لطرد السفراء الإسرائيليين من أراضيها، ووقف التعاون الاقتصادي، ومنع تصدير السلاح، وجميعها طالت ونالت من تل أبيب.
رابعًا: العديد من القضايا أقامتها دول ومؤسسات حقوقية ومدنية ضد إسرائيل، كان أبرزها الدعوى التي أقامتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتي جعلت من نتنياهو ووزير دفاعه مطلوبين للعدالة، وقلّصت من حرية حركتهما خارج إسرائيل.
خامسًا: اجتماعات عديدة لمجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة، عقدت بخصوص عدوان إسرائيل، وانتهت معظمها لإدانة ما تقوم به، مضافًا إليها صرخات وانتقادات وبيانات شديدة اللهجة صدرت عن منظمة "الأونروا" ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية العالمية، والمجلس الدولي لحقوق الإنسان، وجميعها أدانت وشجبت واستنكرت... إلخ.
سادسًا: زادت حالة الاحتقان والغضب في العقل الجمعي العالمي جراء الانتهاكات والعدوان والمجازر الإسرائيلية، وانقسم العالم إلى قسمين: القسم الأول يتمثل في حكومات وأنظمة تؤيد بشكل أو بآخر إسرائيل، والقسم الثاني هو شعوب العالم التي تؤيد بدورها فلسطين. وتباعدت الفجوة بين المواقف الشعبية والمواقف الرسمية، مما نال وخصم من رصيد شعبية كثير من الزعماء والرؤساء لكونهم أصبحوا من وجهة نظر شعوبهم تتناقض أقوالهم وتصريحاتهم مع أفعالهم ولم يبذلوا الجهد الكافي لردع إسرائيل وإيقاف همجيتها.

المشهد الثالث: ميزان نتنياهو يسجل صفرًا كبيرًا!!!
ماذا كان رد فعل نتنياهو، على ردود أفعال العالم شعوبًا وحكومات، منظمات رسمية وأممية ومؤسسات مدنية... جراء ما ترتكبه إسرائيل من مجازر وانتهاك لسيادة الدول وانتهاك مجالها الجوي وإلقاء القنابل والصواريخ والاعتداءات والقتل وسفك دماء الأبرياء؟
وفقًا للعقل والمنطق، لو أن شخصًا ارتكب أفعالًا نتج عنها كل تلك ردود الأفعال الغاضبة والرافضة، وأصبح يمثل تهديدًا للسلام والأمن العالمي، وأقيمت ضده دعاوى قضائية، وأصبح شعبه مكروهًا ومنبوذًا بهذه الدرجة، وتسبب في إحراج أنظمة وحكومات أمام شعوبها... إلخ، لو أن شخصًا قام بكل ذلك، وتساقط عليه الرفض والغضب من كل حدب وصوب، من الشرق والغرب والشمال والجنوب، بمنطق الأمور، لكان توقف على الفور. لكن هذا ما لم يفعله نتنياهو، لأنه وحتى كتابة هذه السطور ما زال يواصل اعتداءاته الوحشية والبربرية في جنوب لبنان وسوريا وغزة والضفة.
هذا يعيدنا لأصل السؤال، وهو: كيف يقيم نتنياهو الأمور؟ وفيما يفكر؟
بمنتهى البساطة، أمسك نتنياهو بميزان، ووضع فيه كل ردود الأفعال الغاضبة والصاخبة الشعبية منها والرسمية الإقليمية منها والدولية، ووجدها جميعًا تزن صفرًا كبيرًا، ولم يجد بينها أو فيها ما يردعه، أو يخيفه، أو حتى يجعله يلتقط الأنفاس ويعيد حساباته.


أما فيما يفكر؟ هو لديه هدف رئيسي، ومركّب، يتكون من جزئين متصلين بعضهما بالآخر: الجزء الأول هو استمراره على سدة الحكم، وأن يحقق غروره، ويخلّد اسمه في الدولة اليهودية. والجزء الثاني، الإيمان بفكرة إسرائيل الكبرى، وأرض الميعاد، وأبدية إسرائيل. وإن لم يكن صادقًا ومخلصًا للجزء الثاني، فإن مجرد المتاجرة به، يضمن له تحقيق الجزء الأول والأهم بالنسبة لكهل عجوز في الثمانينات من عمره!!!

وأخيرًا: لماذا لم تطرد قطر السفير الإسرائيلي لديها على اعتباره شخصًا غير مرغوب فيه بعد الاعتداء السافر الذي طال سيادتها ومواطنيها؟


قطر بالفعل سبق وأن أغلقت مكتب التمثيل الإسرائيلي بالدوحة وطردت البعثة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2009.
وأدرك يقينًا أنها كانت تتمنى لو كان ما زال موجودًا لتطرده مرة أخرى.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق