الشرع الحكيم الأصل في العصمة بيد الزوج، إلا أنه أجاز للزوج أن يفوض العصمة لزوجته إذا اشترطت ذلك عند العقد وقَبِل به. وتثور هنا تساؤلات حول ما يترتب على هذا التفويض، خاصة في حالة الطلاق قبل الدخول، وما يترتب عليه من آثار.
رجل زوَّج بنته من آخر بشرطِ أن تكون العصمةُ بيدها، وقدم لها بعض مقدم الصداق، ثم أرادت الطلاق منه قبل الدخول، فهل لها أن تُطَلّق نفسها من غير مراجعة القاضي بناءً على الشرط، وإذا كان كذلك فهل لها نصف المهر؛ نظرًا لأن الطلاق قبل الدخول، أو يسقط حقها؛ لأنّ الفرقة من جهتها؟
جاءت الإجابة كالتالي: قال في "الدر المختار" (ص: 218، ط. دار الكتب العلمية) من آخر الأمر باليد ما نصه: [نكحها على أن أمرها بيدها صح] اهـ.
وفي حاشية "رد المحتار" (3/ 329، ط. دار الفكر): [(قوله: صح) مقيد بما إذا ابتدأت المرأة فقالت: زوجت نفسي منك على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد، أو على أني طالق. فقال الزوج: قبلت. أما لو بدأ الزوج لا تطلق ولا يصير الأمر بيدها كما في "البحر" عن "الخلاصة" و"البزازية"] اهـ.
ومن ذلك يعلم أنه: متى كانت المرأة في هذه الحادثة هي التي ابتدأت فقالت: زوجت نفسي منك على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد، أو على أني طالق. فقال الزوج: قبلت صح، ولها الاستقلال بطلاق نفسها من غير توقف على قضاء القاضي، بخلاف ما إذا كان الزوج هو الذي ابتدأ بما ذُكر فإنها لا تطلق ولا يصير الأمر بيدها.
ثم لو طلقت نفسها في الصورة الأولى وكان ذلك قبل الدخول بها، فإن المهر يتنصَّف وتستحق الزوجة بطلاقها قبل الدخول والخلوة الصحيحة نصفه، ولا يسقط المهر؛ لأن الفرقة في مثل هذا من قِبَل الزوج لا من قِبَلها؛ لأنها إنما طلقت نفسها بناء على أن الزوج هو الذي فوض إليها ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اترك تعليق