بات إعلان الولايات المتحدة الأمريكية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية مسألة وقت لا أكثر. فهناك تحركات قوية لاستصدار القرار من الكونجرس الأمريكي. يقابله محاولات مستميتة من أبناء حسن البنا مؤسس الجماعة لمنع اعتماد القرار الذي سيكون له تباعات وخيمة عليهم. ويهدد وجودهم في أمريكا وأوروبا أيضاً.
فقد كشف وزير الخارجية الأمريكي. ماركو روبيو. أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تجري مراجعة لبحث تصنيف "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية.
وفي مقابلة مع الصحفي سيد روزنبرج. الذي سأله: "لماذا لا تصنفون "الإخوان المسلمين" و"مجلس العلاقات الأمريكية - الإسلامية" "كير اختصاراً" منظمتين إرهابيتين". علماً أنهما يدعمان المرشح زهران ممداني في السباق الانتخابي لرئاسة بلدية نيويورك. أوضح روبيو أن "هذا قيد الإعداد". مشيراً إلي وجود فروع مختلفة لجماعة "الإخوان المسلمين". ما يستلزم "تصنيف كل فرع منها منظمة إرهابية".
وتحدث روبيو عن التحديات القانونية التي حالت حتي الآن دون فرض عقوبات علي "الإخوان المسلمين". متوقعاً أن يواجه هذا التصنيف طعناً قضائياً. لأن "أي جماعة يمكن أن تقول: حسناً. أنا لست إرهابية حقاً". وأضاف: "عليك إظهار أوراقك. عند مثولك أمام المحكمة".
وأشار وزير الخارجية إلي أن هناك عملية داخلية تشمل إجراء مراجعة. وتوثيقها. وتبريرها للتأكد من صحتها. لافتاً إلي أن الإدارة تواجه مئات الدعاوي القضائية من مختلف الأنواع. وأن قاضياً فيدرالياً واحداً قد يصدر أوامر علي مستوي البلاد لمحاولة إدارة الدولة من علي منصته. لذا علينا أن نكون حذرين للغاية. علي حد قوله
وأضاف: "نحن نراجع باستمرار الجماعات التي نحددها علي حقيقتها: داعمون للإرهاب. وربما إرهابيون أنفسهم. أياً كان. لم نفعل هذا منذ فترة طويلة. ولذا أمامنا الكثير لننجزه. وقد ذكرت بعض الأسماء. خصوصاً جماعة "الإخوان المسلمين". التي تثير قلقاً بالغاً.
وجاءت تصريحات روبيو بالتزامن مع دفع السيناتور الجمهوري تيد كروز بمشروع قانون جديد أمام الكونجرس بعنوان "قانون تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية لعام 2025¢. يمنح وزارة الخارجية صلاحيات موسعة لإدراج الفروع المرتبطة بالجماعة علي قوائم الإرهاب. ووفق وثائق وزّعها مكتبه. يتعين علي الوزارة إعداد قائمة شاملة بهذه الكيانات خلال 90 يوماً من إقرار القانون.
ويقترح المشروع ثلاث مسارات متوازية للتصنيف: إقرار من الكونجرس بموجب "قانون مكافحة الإرهاب" لعام 1987. يليه تصنيف رسمي من وزارة الخارجية كـ "منظمة إرهابية أجنبية". ثم إدراجها علي قائمة "الإرهاب العالمي". ما سيؤدي إلي تجميد أصول الجماعة في الولايات المتحدة وحظر أي تعاملات مالية أو خدمية معها من قبل المواطنين الأمريكيين. وهذا بالضبط ما يمكن أن يحدث للمنتمين للجماعة في أوروبا والولايات المتحدة إذا ما تم اعتماد القرار.
ويري مراقبون أن هذا التحرك في واشنطن قد يعيد فتح ملف العلاقة المعقدة بين الولايات المتحدة وحركات الإسلام السياسي. التي تراوحت بين الانفتاح في فترات سابقة. أبرزها عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما. والمواجهة المباشرة خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب. التي تتهم الجماعة بدعم فصائل مسلحة علي غرار "حماس".
ومن المقرر أن يقدم السيناتور الجمهوري تيد كروز. مشروع قانون أمريكيا يصنف الإخوان المسلمين رسميا منظمة إرهابية. وفقا لنسخة من المشروع حصلت عليها صحيفة "واشنطن فري بيكون".
ويتبني التشريع استراتيجية حديثة ترتكز علي استهداف الفروع التابعة للجماعة بدلا من التركيز علي بنيتها العالمية غير المحددة. ويحظي مشروع القانون بدعم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين. من بينهم جون بوزمان. وتوم كوتون. وديف ماكورميك. وآشلي مودي. وريك سكوت.
كما نال تأييد منظمات نافذة. مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC). ومسيحيون متحدون من أجل إسرائيل (CUFI). ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD Action).
وقالت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية في بيان. إن جماعة الإخوان "تدعم حماس وجماعات إرهابية أخري تستهدف حلفاء ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
كما أكدت مديرة العلاقات الحكومية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ألكسندريا باولوزي. أن "الولايات المتحدة يجب أن تقف مع شركائها في المنطقة لمحاسبة من يروجون للإرهاب والتطرف".
وقالت ساندرا هاجي باركر رئيسة صندوق العمل التابع لمنظمة مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل. أن "شبكة الإخوان المعقدة تتطلب نهجا قانونيا عصريا. وهو ما يوفره هذا القانون".
وبموجب هذه التصنيفات. سيمنع المواطنون الأمريكيون من إجراء أي معاملات مالية أو تقديم خدمات للجماعة. كما سيتم تجميد أصولها.
وفي هذا الصدد. بدأ يترسخ في الدول الغربية ان جماعة الاخوان الإرهابية تشكل تهديدا علي أوروبا والولايات المتحدة بقدر ما تشكله علي في الشرق الأوسط وافريقيا. فالآن أدرك الغرب انهم يغيرون اساليبهم حسب المنطقة التي يتواجدون فيها وبعد حظرهم من معظم الدول العربية لم يجدوا ملاذا إلا في نصف الكرة الأرضية الاخر لنشر فكرهم المتطرف.
وفقا لـ"ريبورتر أوروبا". جماعة الاخوان الإرهابية التي تأسست منذ اكثر من 100 عام علي يد حسن البنا. تمتلك فروعا عاملة في جميع انحاء العالم ومن أهدافها الرئيسية السيطرة علي العالم. في بعض الدول. تكون أساليبها علنية. وفي كتابها "الجهاز السري: صناعة الموت في جماعة الإخوان ". جادلت الكاتبة الامريكية سينثيا فرحات بأن الجماعة هي "حاضنة الإرهاب الحديث في العالم" و"أخطر جماعة متشددة في العالم".
وأشار تقرير "ريبورتر أوروبا" إلي ان الاخوان لديهم براعة مدهشة في تكييف تكتيكاتها مع البيئة المحلية. ففي فرنسا. أمضت الحكومة الفرنسية الصيف في وضع استراتيجيات للرد علي أسلوب الدخول الذي تتبعه الجماعة وأوضح تقرير حكومي فرنسي حديث أن جماعة الإخوان تسيطر علي 139 مكان عبادة. بينما تتبع 68 مكانًا آخر. كما تدير 280 جمعية رياضية وتعليمية وخيرية فرنسية. و21 مدرسة. بهدف واضح هو إنشاء أنظمة محلية لتنظيم حياة المسلمين "من الولادة إلي الممات". كما كشف وجود أدلة علي سياسة "التغلغل" التي تنتهجها جماعة الإخوان في الهيئات العامة مثل المدارس والهيئات الحكومية المحلية.
في الوقت نفسه. تتفق أجهزة الأمن في جميع أنحاء أوروبا علي أن جماعة الإخوان تدير شبكة سرية واسعة ومتطورة. علي الصعيدين الوطني والأوروبي كما تتفق أجهزة الاستخبارات علي أن الإخوان أنشأت "منظمات واجهة" تسمح لها بالعمل داخل المجتمع وتعزيز أجندتها دون أن يسهل التعرف عليها كجزء من الجماعة الارهابية.
وجماعة الإخوان المسلمين مُصنّفة بالفعل إرهابية في مصر والسعودية والإمارات وسوريا والبحرين. لكن الولايات المتحدة لم تتخذ الخطوة. علي الرغم من محاولات الكونجرس المتكررة في الماضي.
وخلال فترة ولاية ترامب الأولي. بدأ المسؤولون في كل من البيت الأبيض والكونجرس تمهيد الطريق لمعاقبة الفروع العالمية لجماعة الإخوان المسلمين. لكن الأمر لم يصل إلي إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية.
ومع عودة ترامب إلي منصبه وامتلاك الحزب الجمهوري أغلبية ضئيلة في الكونجرس. يقول مطلعون إن أي مسعي جديد لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين سيحظي علي الأرجح بدعم جمهوري واسع. كما يحظي هذا المسعي بدعم مهم من حلفاء عرب رئيسيين يعتبرون الإخوان بالفعل مصدرًا للتطرف العنيف. وقد ناقشوا هذه القضية خلال زيارة ترامب لدول الخليج.
وقال مصدر كبير في الكونجرس من الحزب الجمهوري. يعمل علي قضايا الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب. إن "هناك عدة طرق تستخدمها الولايات المتحدة لتصنيف الجماعات كإرهابية. وقد ينتقي الكونجرس من بينها الخيار الملائم. لكن الزخم يتزايد نحو الخطوة".
وأضاف المصدر: "زار الرئيس ترامب الشرق الأوسط وكانت رحلته ناجحة للغاية. حيث استمع إلي مخاوف حلفائنا. ومعظم هؤلاء الحلفاء يعتبرون الإخوان المسلمين منظمة إرهابية".
ووافق مسؤول عربي علي ذلك. قائلاً إن العديد من الدول العربية ترغب في أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات ضد جماعة الإخوان المسلمين".
وقال المسؤول لصحيفة "فري بيكون" إن "أي دولة في الشرق الأوسط صنفت جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية سترحب باتخاذ الولايات المتحدة إجراءات مماثلة".
وإحدي الطرق التي يمكن للولايات المتحدة اتباعها هي تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية
أجنبية. ما سيفرض عقوبات علي قادتها وتجميد أصولها. أما الخيار الثاني. فيتمثل في إضافتها إلي قائمة المنظمات الإرهابية العالمية المحددة خصيصًا. والتي تفرض عقوبات مالية مماثلة. وفقًا لمصادر مطلعة علي هذه الجهود.
اترك تعليق