في خضم الحياة اليومية والانشغالات الكثيرة، قد يغيب عن بعض الآباء أن تواصلهم مع أبنائهم لا يُعد ترفًا، بل ضرورة أساسية لنموهم النفسي والاجتماعي السليم. فالكلمات الدافئة، والوقت الذي يُقضى مع الطفل، والقدرة على الإصغاء باهتمام، تُعدّ أدوات فعّالة في بناء علاقة متينة بين الأب وأطفاله، وتترك أثرًا طويل الأمد على صحتهم النفسية وسلوكهم المستقبلي.
عندما يشعر الطفل بأن والده يستمع له دون حكم أو سخرية، يتولد لديه شعور بالأمان والثقة. هذا الشعور هو اللبنة الأولى لتكوين شخصية مستقرة ومتزنة. فالأب الذي يخصص وقتًا للحديث مع أبنائه يمنحهم رسالة ضمنية تقول: "أنت مهم، أنا هنا من أجلك"، وهي رسالة تغرس في الطفل احترام الذات والشعور بالقيمة.
الأب الذي يتواصل مع أطفاله بشكل منتظم ويسمع لهم يُسهم في تقليل معدلات التوتر والقلق لديهم. الأطفال الذين يجدون من يستمع لهم ويحتويهم، يكونون أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم ومواجهة المشكلات، ما يقلل من احتمالية تطور مشاكل نفسية مثل الاكتئاب أو العزلة.
عبر التواصل، يعلّم الأب أبناءه مهارات الحوار، وحلّ المشكلات، وإدارة الانفعالات. فالأطفال يتعلمون من خلال الملاحظة، وعندما يرون والدهم ينصت ويتحدث بلغة الاحترام والهدوء، فإنهم يكتسبون هذه المهارات تلقائيًا ويطبقونها في علاقاتهم مع الآخرين.
التواصل اليومي البسيط، كالسؤال عن تفاصيل اليوم أو المشاركة في لعبة مفضلة، يقوي الروابط بين الأب وأطفاله. هذه اللحظات الصغيرة تخلق ذكريات جميلة وتُرسّخ العلاقة العاطفية، مما يجعل الطفل أكثر انفتاحًا على والده في مراحل لاحقة من حياته، خاصة عند المراهقة.
غياب التواصل يجعل الطفل يبحث عن بدائل خارج المنزل، والتي قد تكون ضارة أو مضللة. أما التواصل الجيد مع الأب، فيُشكّل خط دفاع قويًّا ضد الانحرافات السلوكية، إذ يميل الأطفال إلى تقليد الأب والعودة إليه في لحظات الشك أو القلق بدلاً من اللجوء لأشخاص غرباء.
- خصّص وقتًا يوميًا ولو قصيرًا للحديث مع طفلك.
- استمع دون مقاطعة، واظهر اهتمامك بلغة الجسد والنظرات.
- تجنب الأحكام السريعة أو السخرية من مشاعر الطفل.
- شارك طفلك اهتماماته وهواياته.
- عبّر عن حبك وتقديرك بالكلمات والتصرفات.
كن حاضرًا في اللحظات المهمة من حياة طفلك، ولا تغفل عن التفاصيل الصغيرة.
اترك تعليق