ما بين الاعتراض والترحيب، هكذا استقبل صناع السينما قرار منصة "يانجو بلاي" عرضها الحصري لفيلم "ريستارت" للنجم تامر حسني، وذلك بعدما عرضت الشهر الماضي أيضاً فيلم "سيكو سيكو" حصرياً، بالرغم إنه كان مازال يحقق إيرادات في شباك التذاكر.
وصلت إيرادات "ريستارت" في مصر فقط لـ 92 مليون جنيهاً خلال 8 أسابيع عرض، بينما في مصر ودول الخليج محققاً ما يقرب من 700 مليون جنيهاً.
رصدت "الجمهورية أون لاين" أراء صناع السينما والنقاد حول تأثير ظاهرة بدء عرض الأفلام على المنصات قبل ان تستكمل دورتها السينمائية كاملة في شباك التذاكر، وخاصة ان الفيلمين التي تم ذكرهما كانا قد حققا أرقام كبيرة، وأيضاً هل سيكون هذا الأمر سبباً في عزوف الجمهور عن مشاهدة الأفلام في دور العرض؟، واقتصار مشاهدتها على المنصة، باعتبار ان الأفلام بعد شهرين من العرض السينمائي يتم عرضها فوراً على المنصة، وكيفية حماية هذه الأفلام من القرصنة، وخاصة انها ستكون متاحة للسرقة بجودة عالية .
الفرصة الكاملة
أكد المنتج رامي السكري أن هذه الأمور تكون بإتفاقيات مسبقة وحصرية للمنصة، ولكنها لن تستمر كثيراً، لان الجمهور لن يتخلى عن السينما، فـ" خروجة السينما" بالنسبة للجمهور هي حالة متكاملة بدءً من النزول من المنزل وشراء الفيشار ومشاهدة الفيلم ، لذلك من يقول ان السينما ستنتهي "كلام فارغ"، السينما ستتطور أكثر وأكثر.
أضاف:" لا اعتقد انها فكرة ناجحة ان يتم العرض على المنصة دون ان يأخذ الفيلم فرصته كاملة في شباك التذاكر، وبالأخير كل هذه التفاصيل نسبة وتناسب مختلفة بين الأفلام، وخاصة ان هناك أفلام تقابلها مشاكل في الميزانية وصناعها يريدون ان يخرج الفيلم للنور، فيأتي عرض من منصة، ويكون هذا هو الحل الوحيد لخروج الفيلم، والبديل ان يظل حبيس الأدراج.
نفس الأمر رفضته الناقدة والمنتجة رشا حسني، التي أكدت أيضاً انه لابد ان يأخذ العمل السينمائي فرصته الكاملة في دور العرض، حيث قالت:" بالتاكيد سيحدث تراجع في إيرادات الأفلام عند نقطة معينة، لان إيرادات الأسبوع الأول مختلفة عن اسبوعه الثاني والثالث، وصولاً لأسابيعه الأخيرة، لذلك فكرة التسرع في عرض الأفلام على المنصة لا أحبذها دون أخذ الفيلم دورته كاملة مع الجمهور في شباك التذاكر ".
أضافت : "خوفي الأكبر ان يستسهل الجمهور وجود الأفلام على المنصات ويتكاسل عن الذهاب للسينما، وهذا هو المضر للصناعة، يجب علينا ان نشجع الجمهور ان يشاهد الأفلام في السينما، ونحافظ على طقس الفرجة السينمائية، لأن هناك أفلام من الممكن ان تحقق مشاهدات في شباك التذاكر، فمثلاً فيلمي "السيد رامبو" كان شرطي الأساسي ان يأخذ دورته كاملة في العروض التجاربة والمهرجانات، وايضاً عروض غير هادفة للربح، والحمد لله هذا هو ما يحدث حالياً، الفيلم استطاع الصمود في دور العرض لـ 11 أسبوع، ولولاً موسم العيد كان سيظل أكثر، ومازال يتجول في المهرجانات الفنية المختلفة.
وعن مشكلة قرصنة الأفلام بعد العرض على المنصة، قالت: "هذا شيئاً كارثياً، لانه سيتم قرصنته بنفس جودة المنصة أو جودة الفيلم الاصلية، وهذا ليس في صالح الصناعة، لأنه بجانب ان العمل الفني إبداعي، بالتأكيد به جزء من التجارة، حتي يستطيع المنتج ان يقدم أفلام أخري.
اختتمت حديثها وقالت : "الجيد في الأمر ان هذه العروض حدثت مع أفلام ليست تحتاج لدورة العرض السينمائية، لانهما استطاعا ان يحققا أرقام كبيرة فمثلاً "سيكو سيكو" وصل لـ 188 مليون جنيه، وكان حالة خاصة، المشكلة الأكبر والاصعب ستكون مع أفلام أخرى ليس لها نفس الطابع التجاري ولا الأكشن، وتفقد فرصتها في العرض السينمائي الكامل.
واتفقت معها الناقدة ناهد صلاح، وقالت :" انا مع نظرية إنه طالما مازال الفيلم يحقق إيرادات في دور العرض، لابد ان يظل في شباك التذاكر، ويكون من المبكر جداً عرضه على أي منصة، وخاصة ان هذا الأمر قد يحدث نوع من الكسل الجماهيري، لان بطيعية الحال سيعرض على المنصة في أقرب وقت من طرحه".
أضافت:" نحن في مصر جمهورنا سينمائي بامتياز، ولدينا التهيئ النفسي للخروج للسينما، ولدينا طقوس سينمائية، فنحن عايشنا السينما في تطوراتها المختلفة، بداية من قاعة عرض واحدة بالشارع، حتى أصبحت أكثر من قاعة، وهذا هو التطور الطبيعى في الصناعة والترويج لها، ليكون لدينا فرص لصناعة أفلام مهمة".
حل القرصنة
في المقابل، أوضح المخرج أمير رمسيس ان فكرة انصراف الجمهور من مشاهدة العروض في السينما صعبة للغاية، لان جمهور السينما سيظل يذهب إليها، ولكن هناك معادلة واضحة في العالم بأكمله، ان الأفلام بعد طرحها بأسابيع في السينما يتم عرضها فوراً على أي منصة، حيث انها تتيج نافذة إنتاجية إضافية للأفلام.
أضاف:" جمهور المنصات هم جمهور شاشة التليفزيون، وبالتالي عرض فيلمين مثل "سيكو سيكو" و "ريستارت" حققا إيرادات كبيرة جداً في شباك التذاكر، ومن بعدها يتم العرض على المنصة كإنك تذهب بالفيلم للبيت، وهذا نجاح أكثر لان جمهور السينما مختلف عن جمهور المنصات".
أشار إلى ان المشكلة هنا ليست في العرض على منصة، إنما في قرصنة الأفلام الذي سيصبح متاحاً، فلابد من معاقبة المقرصنين كما يحدث في الخارج، فهناك معاقبة قانونية تصل للغرامة او قطع الانترنت وأحياناً تصل للسجن في حالة قرصنة أي عمل فنى ووضعه على الانترنت.
جماهيرية سريعة
عبر الناقد أندرو محسن عن استغرابه بقرار استعجال العرض على المنصة، مشيراً إلى ان حالة عرض "سيكو سيكو" و" ريستارت" مختلفين، فالأول كان محققاً إيرادات كبيرة، ولم تكن هناك أفلام منافسة قوية أخرى أمامه، وبالتالي كان من الممكن القفز بالايرادات أكثر، ولكن في "ريستارت" كانت إيراداته ليست نفس إيرادات أفلام المتوقعة دائما، لذلك حالة الفيلمين مختلفة.
قال أندرو: "فكرة العرض على المنصات فوراً نموذجاً أمريكانياً، لان هناك لديهم غزارة في الإنتاج، وأفلام يتم صنعها من أجل العرض على المنصة، ولكننا لم نصل لهذه المرحلة بعد، لذلك تطبيق هذا النموذج في مصر ليس الأمثل لنا وللصناعة، حيث يجب ان يأخذ الفيلم فرصته الكاملة ولا يتم الاستعجال في طرحه على المنصة سواء ان كان متوسط الإنتاج أو ذو ميزانية ضخمة.
أضاف:" بالتأكيد هناك اتفاقيات بين المنتجين والمنصات، وبالتاكيد ايضاً ان "يانجو بلاي" قدمت عروضاً مغرية، وخاصة إنها تريد تحقيق جماهيرية سريعة، لذلك هذا استثناء لتحقيق نجاح للمنصة، ومن ثم سيعود الأمر للظروف العادية كما اعتادنا .
مكسب للصناعة
أكد الناقد أحمد شوقي ان العرض على المنصة ليس اختراعاً جديداً، لان الفيلمين سواء "سيكو سيكو" او "ريستارت" هم نظرياً في السينما، ولكن عملياً لم يحققوا الإيرادات الأسبوعية التي كانوا عليها في بداية نزولهم، لذلك فكرة عرضهم على المنصة مكسب أكثر من استكمال العرض بالسينما، لانها أفلام ظللت بدور العرض لشهرين وثلاثة، ليس أسبوع مثلاً.
واستشهد شوقي ان ما يحدث حالياً متشابه لما كان يحدث مع قنوات" اية أر تي سينما" التي كانت منذ سنوات طويلة باشتراكات، حيث كانت تعتبر نافذة إضافية مشفرة، يتم عرض عليها الأفلام اولاً ومن بعدها يتم العرض على القنوات المفتوجة بالتليفزيون، وهذا الأمر يزود من عمر الفيلم ويفتح له نوافذ أكثر، وبالتالي هو مكسب للصناعة.
اختتمت حديثه مؤكداً ان الجمهور لن يتأثر وينصرف عن السينما، لانهم بالفعل عدد كبير من الجمهور شاهد الفيلم في السينما، بدليل تحقيق الأفلام أرقام كبيرة في دور العرض.
نفس الأمر أكده الكاتب والمخرج والمنتج أحمد عامر، ان هذه الأفكار بدأت في السينما الأوروبية والأمريكية، ومن بعدها ارتبطت بنا وفقاً لأزمات في السينما وأهمها "كورونا"، حيث قال:" المنتجون وجدوا ان الجمهور بدأ يشاهد أفلام على المنصات بأعداد كبيرة، كما أكدت بعض الدراسات ان جمهور السينما محتلف عن جمهور المنصات، وبالتالي من يشاهد في السينما مختلف عن من يشاهد في البيت، وهذا هو المكسب".
أضاف:" بالتأكيد هناك جزء مشترك بين الاثنين، ومن الممكن ان يحدث تأثير، ولكن بالاخير جمهور السينما لا يخرج من بيته من أجل الفيلم فقط، ولكن من أجل ان يعيش التجربة كاملة كخروجة عائلية أو مع الأصدقاء.
أشار إلى إنه ليس ضد فكرة العرض على المنصة، لأن جمهور السينما سيظل يذهب للسينما، ولن يؤثر عليه أي أفكار أخرى، لانه أصبح هناك طرق جديدة لتوزيع الأفلام.
اترك تعليق