هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

"معهد أورام الزقازيق".. حلم يلامس الحياة.. ينتظر النور منذ 2003

صرح طبي يخدم  36 مليون مواطن.. ونداء لاستكمال مشروع الأمل

قرية هرية رزنة مركز الزقازيق  بمحافظة الشرقية  مسقط رأس الزعيم أحمد عرابي ينتصب بها مبنى ضخم تحاصره الأعشاب الجافة، تحطّ عليه الطيور وتتناثر حوله النفايات.. لا يصدق من يراه أن هذا الهيكل المهجور كان من المفترض أن يكون "معهد لعلاج السرطان" يخدم آلاف المرضى من أبناء محافظة الشرقية والمحافظات المجاورة.


مرت أكثر من 25 عامًا على وضع حجر الأساس، وتوقفت الأعمال بسبب نزاع قضائي مع المقاول، وتحول الحلم إلى كابوس، والصرح إلى أطلال.

النائب حاتم عبد العزيز، عضو مجلس النواب قال : تقدمت بعدة طلبات إحاطة تحت قبة البرلمان لإنقاذ هذا المشروع الإنساني الذي لو اكتمل لأنقذ الآلاف من مرضى السرطان، وقلل العبء عن مستشفيات المحافظات الأخري لكنه للأسف لا حياة لمن تنادي، الملف حبيس الأدراج، والصرح يموت بالبطيء.

وأضاف: هناك تقارير تؤكد صلاحية جزء كبير من المبنى، ويمكن ترميمه وتشغيله على مراحل، لكن الإرادة مفقودة.

مأوى للأشباح لا للمرضى

المبنى الذي كان من المفترض أن ينبض بالحياة، أصبح مسكونًا بالأشباح بحسب وصف سكان المنطقة.

يقول علي عبد السلام، أحد سكان المنطقة: منذ عشرين عامًا ونحن نمر يوميًا أمام هذا المبنى، نراه كما هو، لا يتغير، سوى أنه يتهالك يومًا بعد يوم.. تمنينا لو تم تشغيله لعلاج المرضى، لكن يبدو أن أحلامنا لا تجد من يسمعها.

مرضى السرطان.. بين الألم والبعد

في ظل ندرة مستشفيات علاج الأورام بالمحافظات، يضطر مرضى الشرقية للسفر إلى مستشفيات القصر العيني، ومعهد الأورام بالقاهرة، أو مستشفى 57357.

تقول منى عبد الله، أرملة من الزقازيق تعالج ابنتها من ورم في العظام: كل مرة نذهب فيها للقاهرة للعلاج نُرهق نفسيًا وماديًا.. لماذا لا يتم تشغيل هذا الصرح الطبي ؟ هل نحن لا نستحق أن نجد العلاج في محافظتنا؟

أموال مهدرة.. ومصير غامض

تفيد معلومات بأن الملايين أُنفقت على أعمال التأسيس والبنية الإنشائية، قبل أن تتوقف بسبب نزاع قضائي مع أحد المقاولين لم يُحل حتى اليوم.

ولا تزال الجهات المعنية  تتقاذف المسؤولية، بينما المبنى يتآكل، والمرضى ينتظرون.

الأسئلة التي تنتظر الإجابة: من يتحمل مسؤولية هذا النزيف المالي؟ ولماذا تصمت الحكومة أمام ضياع حلم إنساني من شأنه تخفيف آلام آلاف المرضى؟ وهل نشهد قريبًا فتح هذا الملف مجددًا قبل أن يتحول الصرح بالكامل إلى ركام؟

أشار الأهالي إلى سابقة  قيام الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بزيارة  المبنى المهجور وجاءت الزيارة ضمن جولة موسعة بمحافظة الشرقية، ورافقه خلالها عدد من الوزراء والمحافظين، حيث توقف أمام المبنى الضخم، واستمع إلى شرح تفصيلي من المسؤولين حول تعثر المشروع منذ أكثر من ربع قرن، بسبب نزاع قضائي مع المقاول وعدم تخصيص ميزانية جديدة.

زيارة رئيس الوزراء لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبقتها جولات محافظين سابقين تعاقبوا على منصابهم،  حيث تعهد كل منهم في حينه بدراسة إعادة إحياء المشروع، وتشكيل لجان فنية لتقييم الوضع الإنشائي للمبنى وإمكانية تشغيله جزئيًا.. إلا أن جميع هذه الوعود لم تتجاوز حدود التصريحات، وتحول الأمر إلى "مسرحية مكررة" من الزيارات والوعود.

ورغم أن زيارة المسئولين  زرعت بعض الأمل في نفوس المواطنين، الذين ظنوا أن عجلة الإنقاذ ستتحرك أخيرًا، إلا أن الواقع بقي كما هو، والمبنى لا يزال مغلقًا ومحاصرًا بالإهمال.. تجددت مطالب الأهالي بضرورة التحرك الفوري لتشغيل المستشفى، لكن المشكلة الجوهرية المتمثلة في النزاع القضائي والروتين الإداري لا تزال حجر عثرة أمام حلم تحول إلى ذكرى مؤلمة. 

قال الدكتور السيد خضر مدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية ومدرس الاقتصاد كلية الدراسات الآسيوية العليا جامعة الزقازيق.. على مدار أكثر من 20 عامًا، ظل حلم إنشاء معهد أورام الزقازيق يراود أهالي محافظة الشرقية، باعتباره مشروعًا قوميًا ضخمًا من شأنه أن يغير خارطة الخدمات الصحية في شمال مصر. ومنذ صدور قرار إنشائه عام 2003، والمعهد يتقدم بخطوات بطيئة، حالمًا بأن يفتح أبوابه يومًا ما لعلاج آلاف المرضى من أبناء الشرقية والدلتا والقناة وسيناء بالمجان.

أضاف " خضر "يُعد معهد أورام الزقازيق التابع لجامعة الزقازيق، من أكبر المشروعات القومية الصحية المنتظرة في شمال مصر، حيث يُخطط له أن يخدم أكثر من 36 مليون مواطن، من مختلف الأعمار، دون أي مقابل مادي، ما يجعله أملًا حقيقيًا لمرضى الأورام، في ظل التزايد السنوي لحالات السرطان والبداية كانت عندما خصصت محافظة الشرقية قطعة أرض مساحتها 12 ألف متر مربع بطريق "هرية رزنة" بمدينة الزقازيق، بموجب القرار رقم 286 لسنة 2003، ليقام عليها المعهد. ويتسع المشروع لنحو 500 سرير، تشمل المرحلة الأولى منه 200 سرير فعلي، ومستشفى يوم واحد قادر على استقبال 150 حالة يوميًا ما بين كشف، تحاليل، عمليات، وجلسات علاجية وانطلقت فكرة المشروع بجمع تبرعات وصلت إلى 11 مليون جنيه من أبناء المحافظة، وتم إدراجه ضمن الموازنة العامة للدولة على أن تُمول الدولة ثلث المشروع، بينما يُموّل الثلثان الآخران من التبرعات المجتمعية.. لكن ضعف الدعاية وقلة التمويل عطّل التنفيذ عدة مرات، وهو ما دفع شباب الجامعة لتكوين فريق تطوعي تحت اسم "أصدقاء معهد أورام الشرقية 300300"، لإحياء الأمل وتسويق المشروع إعلاميًا ومجتمعيًا وينقسم المشروع إلى ثلاثة أجزاء المستشفى الرئيسي 

تم الانتهاء من المباني الأساسية بنسبة كبيرة، ويتبقى توريد الأجهزة والتشطيبات النهائية والمعهد التعليمي والإداري: مبنى إداري شامل ومكتبة تعليمية، قارب على الانتهاء من التشطيبات والعيادات الخارجية جاهزة من حيث الإنشاءات، وتنتظر فقط الأجهزة الطبية، ومن المتوقع أن تستقبل 150 حالة يوميًا بالمجان ولا يقتصر دور المعهد على العلاج فقط، بل يشمل أيضًا الدعم النفسي والاجتماعي والتوعية الصحية، والتدريب الطبي لكوادر متخصصة في تشخيص وعلاج الأورام، ما يجعله مركزًا متكاملًا يقدم خدماته وفقًا لأحدث المعايير العالمية.

تشير الإحصاءات إلى أن محافظة الشرقية وحدها يسجل بها أكثر من 90 ألف مريض أورام سنويًا، منهم ما يقارب 10% من الأطفال، إلى جانب ظهور 3000 حالة جديدة كل عام، وهو ما يجعل استكمال المعهد ضرورة عاجلة وليست ترفًا.. ومع تأخر التشخيص، وبعد مراكز العلاج عن غالبية القرى والمراكز، يبقى معهد أورام الزقازيق أملًا حيًّا للأهالي في تلقي العلاج الكريم داخل محافظتهم، وتحت إشراف نخبة من أساتذة الطب المتخصصين.

إن معهد أورام الزقازيق ليس مجرد مبنى من الطوب والحجارة، بل هو مشروع حياة لملايين المرضى وأسرهم.. حلم طال انتظاره، تتشابك فيه أيادي المواطنين والدولة.. اليوم  يحتاج فقط إلى دفعة جديدة من الإرادة والتكاتف ليستكمل طريقه، ويكون كما أراده الجميع صرحًا طبيًا عملاقًا ويدًا تمتد بالشفاء.

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق