الناموس و القمامة والباعة الجائلون.. ثلاثية المعاناة
رغم ما تتمتع به مدينة دمنهور، عاصمة محافظة البحيرة، من تاريخ عريق ومكانة ثقافية متميزة، إلا أن شكاوى الأهالي تتزايد يوماً بعد يوم بشأن تدهور الأوضاع في بعض شوارع المدينة.. ففي الوقت الذي تأمل فيه الجماهير في مدينة منظمة وآمنة ونظيفة تليق باسم دمنهور، تصطدم هذه التطلعات بجملة من التحديات التي أثارت قلق السكان، ودعتهم إلى مناشدة المسؤولين لوضع حلول عاجلة تعيد الانضباط وتحسن من جودة الحياة.
"الجمهورية اون لاين" رصدت من خلال تقرير ميداني أبرز ملامح هذه المعاناة، كما جاءت على لسان الأهالي، في ظل دعوات صادقة إلى الجهات التنفيذية بالتدخل، والعمل المشترك لإعادة الوجه الحضاري للمدينة.
الضوضاء وحوادث الطرق.. همٌّ يومي للمواطنين
يشتكي سكان دمنهور من ارتفاع معدلات الضوضاء في عدد من الشوارع، لا سيما بسبب انتشار الدراجات النارية المعدلة والمركبات التي تطلق أصواتاً مزعجة، تجوب المدينة ليلاً ونهاراً، وتتحول الشوارع أحياناً إلى ساحات لسباقات غير رسمية، كما هو الحال بعد منتصف الليل في بعض المناطق.
ويُعد شارع عبدالسلام الشاذلي نموذجاً صارخاً لهذه المشكلة، حيث تتكرر فيه الحوادث المرورية بصورة دورية، ويشير الأهالي إلى أن السائقين في كثير من الحالات يكونون من صغار السن أو من غير الملتزمين بقواعد المرور، ما يعرّض حياة المواطنين للخطر.
يقول محمد إبراهيم أبو النصر، أحد أبناء المدينة المعروفين بلقب "عمدة دمنهور" شارع عبدالسلام الشاذلي أصبح شارع الحوادث والموت، نحذر ونكتب مراراً وتكراراً لكن لا استجابة و نحتاج إلى مطبات تهدئة وإشراف مروري أكثر جدية.
يطالب كثير من المواطنين بضرورة تكثيف التواجد المروري خاصة خلال الفترات المسائية، لضبط حركة السير والتعامل مع التجاوزات بشكل فوري.
محمد عبدالرسول، أحد القيادات التنفيذية السابقة، يقترح "نشر دوريات مرورية متحركة وليست ثابتة، بحيث تجوب الشوارع الحيوية خلال المساء وحتى الصباح، باستخدام السيارات والدراجات النارية التابعة للإدارة.
الذباب والناموس وانتشار القمامة.. شكوى بيئية مؤرقة
لا يتوقف الأمر عند الضوضاء، بل يشير عدد من سكان المدينة إلى زيادة انتشار القمامة في بعض المناطق، مما أدى إلى تفاقم مشكلات بيئية وصحية كظهور الذباب والناموس، ودخوله إلى المنازل، وهو ما يستدعي جهوداً مضاعفة في أعمال النظافة ومكافحة الحشرات.
يعاني المواطنون أيضاً من احتلال الأرصفة من قِبل المحال التجارية أو الباعة الجائلين، ما يدفع المشاة إلى السير في وسط الشارع وسط المركبات.
يقول عبدالله هيكل، رئيس إحدى الجمعيات الخيرية: الناس لا تجد مكاناً آمناً للسير.. الأرصفة ممتلئة بالبضائع والكراسي، والشوارع تضيق يوماً بعد يوم، وأين الرقابة؟ الناس تريد فقط أن تمشي بأمان.
ورغم كل ما سبق، فإن الأهالي يفرقون بين عرض المشكلة والرغبة في الحل، حيث ناشدوا محافظ البحيرة الدكتورة نهال بلبع عقد لقاء مفتوح مع المواطنين لعرض مطالبهم ومقترحاتهم بعيداً عن أي وساطة، في إطار شفاف من التواصل المجتمعي المباشر.
يقول المهندس أشرف المسارع: نحتاج لمسؤول يسمعنا من أرض الواقع، ليس من خلف المكاتب.. دمنهور تستحق الأفضل، والناس لا تطلب المستحيل بل فقط حياة كريمة ونظاماً يحمي حقوقهم.
إن ما تعانيه بعض مناطق دمنهور من تحديات لا يُنكر، لكنه أيضاً ليس أمراً ميؤوساً منه.. فالأصوات التي ارتفعت تنبع من حب حقيقي للمدينة، وحرص أهلها على الحفاظ على صورتها الحضارية. وبينما تبقى مسؤولية الحل مشتركَة بين المواطن والدولة، فإن خطوة واحدة نحو الإنصات يمكن أن تفتح أبواب الأمل وتعيد الهدوء والنظام إلى هذه المدينة العريقة.
دمنهور تستحق أن يصغي المسئولين لصوت أبنائها.. وتستحق أن تكون في الصدارة دائماً.
اترك تعليق