هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

"بحر الرمال الأعظم".. سحر لا يُنسى فى قلب الصحراء

واحة سيوة.. وجهة عشاق المغامرة ورحلات السفارى حول العالم
التزلج على الكثبان الذهبية.. شاي "الزردة"
على نار الحطب.. ومشاهدة الغروب.. تجذب السائحين

في قلب الصحراء الغربية، وبين الكثبان الذهبية المترامية على مد البصر، تنبض واحة سيوة بسحرها الفريد الذي لم تلمسه يد التمدن بعد، وتدعوك إلى واحدة من أروع التجارب التي قد يعيشها الإنسان على أرض مصر: رحلات السفاري إلى بحر الرمال الأعظم.


رحلة لا تشبه سواها، تمتزج فيها روح المغامرة بجمال الطبيعة البكر، وعبق التراث الأصيل. إنها مغامرة تنقلك من صخب الحياة إلى صمت الصحراء، حيث لا تسمع سوى صوت الريح، وأغاني سيوية عتيقة، ورائحة الشاي بالليمون تغلي على نار الحطب.

مغامرة تبدأ من الظهيرة وتنتهي بصورة لا تنسى

يقول محمد جمال نصر الدين، أحد عشاق سيوة، إن رحلة السفاري تبدأ عادة بعد الظهيرة، وتمتد من ثلاث إلى أربع ساعات داخل عمق الصحراء الغربية، وتحديدًا في منطقة بحر الرمال الأعظم، حيث تختلط المشاعر بين الدهشة والبهجة والرهبة، في تجربة يصعب تكرارها في أي مكان آخر.

بمجرد تجهيز سيارات الدفع الرباعي، ينطلق الركب بقيادة مرشدين سيويين محترفين يعرفون تفاصيل الصحراء كما يعرفون وجوههم، تمر المركبات بين جبال رملية شاهقة، تنحدر من بعضها في مغامرات مبهرة، دون أن تشعر بأي خوف، بل فقط متعة خالصة.

الاستراحة الأولى.. عين ماء ساخنة وشاي الزردة

يتوقف الركب في الاستراحة الأولى عند "بئر الواحة"، وهي واحة نخيل ساحرة تتوسطها عين طبيعية من المياه الساخنة، هناك يلتقط الزائرون الصور، ويشربون شاي "الزردة" المغلي بعشبة "لويزا" أو الليمون الجبلي، في جلسة هادئة تمنحك بعض التأمل وسط مشهد خلاب لا يشبه المدن.

رمال للتزلج ومشهد غروب لا يضاهى

ثم تنطلق الرحلة مجددًا، لتصل إلى محطة ثانية على قمة جبل رملي مرتفع، حيث يمكن للزوار من مختلف الأعمار ممارسة رياضة التزحلق على الرمال باستخدام ألواح خشبية، إنها متعة خالصة، خاصة للأطفال والمغامرين.

وحين يقترب الغروب، يتحول المشهد إلى لوحة فنية ربانية، حيث تتداخل درجات البرتقالي مع زرقة السماء فوق تعريجات بحر الرمال الأعظم، في منظر يخطف الأنفاس ويستحق أن يُخلّد في ذاكرة الهاتف والعين والقلب معًا.

ضيافة سيوية في قلب الصحراء

مع حلول المساء، يجلس الدليل السيوي وسط ضيوفه من المصريين والأجانب، ويبدأ في إعداد شاي الزردة على نار الحطب، يقدّمه مع تمر سيوي وفاكهة كتحية كريمة من أبناء الواحة.

يقول ناصر سلامة يوسف، أحد منظمي رحلات السفاري، إن المنطقة أصبحت قبلة رئيسية لعشاق الطبيعة والمغامرة، مشيرًا إلى أن "بحر الرمال الأعظم" يعد من أروع الأماكن الطبيعية في مصر والعالم، نظرًا لما يتمتع به من مشاهد ساحرة وتجربة آمنة تمامًا بفضل مهارة المرشدين وتوافر سيارات مجهزة لهذا النوع من التضاريس.

الصحراء التي تعشقها القلوب
وتُحفر في الذاكرة

المرشد السيوي، كما يقول ناصر، لا يحتاج إلى خرائط أو أجهزة GPS، فهو يعرف طرق وممرات الصحراء كأنها نقش محفور في ذاكرته، وهذا نتيجة سنوات طويلة من الخبرة اليومية التي جعلته خير دليل في رحلة لا تُنسى.

في سيوة، كل شيء مختلف.. الرمل، والشمس، والضيافة، والصمت الذي يهمس إليك بالحكمة القديمة، إنها ليست مجرد رحلة سفاري، بل تجربة وجودية تُعاش بكل الحواس، وتجعلك تفكر في العودة بمجرد انتهائها.

السياح:
كأننا في كوكب آخر.. وسيوة وجهة نعود إليها مرارًا

في كل رحلة سفاري إلى بحر الرمال الأعظم، يحتفظ الزوار بشهادات مليئة بالدهشة والامتنان. تقول ناتالي بيري، سائحة إنجليزية في الثلاثين من عمرها:"زرت أكثر من 40 دولة حول العالم، لكن سيوة تأسر قلبي في كل مرة، لا يوجد مكان يمنحك هذا الصفاء والجمال والبساطة، لحظة غروب الشمس وسط بحر الرمال كانت من أروع مشاهد حياتي، سأعود مجددًا، وربما أبقى أكثر من مجرد زيارة".

أما عمر عبد الرحمن، شاب مصري جاء مع أصدقائه من القاهرة في مغامرة سريعة، فقال:"ما عشتُه هنا لا يمكن وصفه بالكلمات، لحظة تزلجنا على الرمال، وجلسة الشاي الليلي في الصحراء مع أغاني سيوية خافتة.. شعرت وكأن الزمن توقف، سيوة لازم تبقى على خريطة السياحة العالمية".

وتضيف ماريا كوفالسكا من بولندا، وهي مصورة وثائقية: "رحلات السفاري في سيوة منجم صور لا ينضب، التكوينات الرملية، تعرجات الكثبان، وانعكاس الضوء على الرمال خلال الغروب، كل شيء هنا يصرخ بالجمال النادر، سأخصص فصلًا كاملًا عن سيوة في كتابي القادم".

مقومات جذب سياحي لا تُضاهى

الطبيعة وحدها ليست السبب الوحيد في تكرار الزيارات، فبحسب أشرف عبد العليم، مرشد سياحي معتمد في سيوة: "ما يميز سيوة ليس فقط المناظر الطبيعية، بل أيضًا أهلها، البساطة، الكرم، وحسن الضيافة، كل سائح يزور سيوة يترك جزءًا من قلبه هنا، حتى المصريين من مختلف المحافظات أصبحوا يعتبرون سيوة وجهة سنوية ثابتة".

وتابع:"خلال السنوات الأخيرة زاد الإقبال من جنسيات أوروبية كثيرة مثل ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وهناك سياح يزورون سيوة مرتين إلى ثلاث مرات سنويًا، بعضهم يحضر للاسترخاء، وآخرون للمغامرة، والبعض الآخر لتصوير الأفلام الوثائقية أو الترويج عبر منصات التواصل".

دعوات لتعزيز الاستثمار السياحي
في سفاري سيوة

يرى كثير من منظمي الرحلات أن تجربة السفاري يمكن أن تتحول إلى أحد أعمدة السياحة البيئية والترفيهية في مصر، بشرط دعمها بالخدمات اللوجستية المناسبة، والبنية التحتية البسيطة والمستدامة.

ويطالب ناصر سلامة يوسف، أحد رواد تنظيم الرحلات، بزيادة الترويج الرسمي لهذه المنطقة عالميًا، وإنشاء منصات إلكترونية مخصصة لحجز رحلات السفاري، مع توفير تدريبات مستمرة للمرشدين المحليين ودعم عربات الدفع الرباعي.

أكد اللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، أن المحافظة تولي اهتمامًا بالغًا بتطوير وتنشيط السياحة البيئية في واحة سيوة، وفي مقدمتها رحلات السفاري إلى بحر الرمال الأعظم، لما تمثله من عنصر جذب قوي للسياح من مختلف الجنسيات.

وقال المحافظ: "نعمل على تحسين خدمات الطرق المؤدية إلى سيوة، ودعم مستثمري القطاع السياحي بما يحافظ على طابع الواحة البيئي والتراثي. ونشجع برامج الرحلات التي تتماشى مع الهوية السيوية، وتوفر فرص عمل لأبناء المنطقة".

أشارت الدكتورة غادة شلبي، نائب وزير السياحة لشؤون السياحة الدولية، إلى أن الوزارة تعمل على ضم عدد من مناطق الصحراء الغربية، وفي مقدمتها سيوة وبحر الرمال الأعظم، إلى برامج الترويج السياحي الموجهة للأسواق الأوروبية والعربية.

وأضافت شلبي:"واحة سيوة تمثل نموذجًا نادرًا للسياحة المستدامة، نسعى لتكثيف الحملات الترويجية لها ضمن مبادرة "Eco Egypt" التي تروج للمحميات والمواقع الطبيعية الفريدة، مع تشجيع السياحة المسؤولة التي تحترم البيئة والثقافة المحلية."





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق