بينما تتحدث وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قرب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وصفقة لإعادة المحتجزين في القطاع، يواصل جيش الإحتلال " حرب الإبادة" على سكان غزة، بقصف خيام النازحين، واستهداف مناطق توزيع المساعدات، فضلا عن الوفيات جراء الجوع الذي يفتك بالنازحين.
أفادت مصادر طبية في قطاع غزة، بارتفاع عدد ضحايا ما بات يعرف بـ"مصائد الموت" – وهي مناطق توزيع المساعدات التي تستهدفها قوات الاحتلال الإسرائيلي – إلى995 شهيدا، و6,011 إصابة، إضافة إلى 45 مفقودًا، وذلك منذ السابع والعشرين من مايو الماضي وحتى تاريخه.
وأكدت المصادر أن الضحايا جميعهم من المدنيين، ممن حاولوا الوصول إلى المساعدات الغذائية، قبل أن تتحول أماكن توزيعها إلى ساحات قتل وقنص مباشر من قبل قوات الاحتلال، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ومبادئ حقوق الإنسان.
أعلنت مصادر طبية استشهاد 67 مواطنا، ونحو 100 مصابا من طالبي المساعدات الإنسانية في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي شمال غربي مدينة غزة.
وفي سياق متصل، استشهد مواطن، جراء إطلاق النار عليه من طائرة استطلاع إسرائيلية من طراز "كواد كابتر" أثناء تواجده في محطة للغاز في شارع الحكر، جنوب مدينة دير البلح وسط القطاع.
ووفق وزارة الصحة في غزة، ارتفعت الحصيلة الإجمالية للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 58,895 شهيدًا و140,980 مصابًا، وسط استمرار القصف المكثف ومنع فرق الإنقاذ من الوصول إلى الضحايا، حيث ما يزال عدد كبير منهم تحت الأنقاض وفي الطرقات، دون إمكانية إخلائهم بسبب الأوضاع الميدانية الخطيرة.
ويأتي هذا التصعيد في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، وسط تحذيرات أممية من كارثة وشيكة تطال ملايين الفلسطينيين المحاصرين، في ظل استمرار استهداف مناطق الإيواء وتوزيع المساعدات، وإغلاق المعابر، ومنع دخول المواد الإغاثية والطبية.
ارتفع عدد الوفيات جراء الجوع وسوء التغذية في قطاع غزة إلى 18 حالة خلال 24 ساعة، في مؤشر خطير على تفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها السكان نتيجة الحصار والعدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
وأفادت مصادر طبية بأن المستشفيات في غزة تستقبل يوميا مئات الحالات التي تعاني من إجهاد حاد وأعراض خطيرة نتيجة الجوع، تشمل فقدان الذاكرة ونقص الطاقة الحاد، في ظل عجز شبه كامل في الأسرّة والمستلزمات الطبية.
وأشارت المصادر إلى أن إجمالي الوفيات جراء الجوع بلغ حتى الآن 86 شخصا، بينهم 76 طفلا، معظمهم في شمال القطاع، حيث يعاني نحو 17 ألف طفل من سوء تغذية حاد، وما لا يقل عن 800 طفل مصابون بسوء تغذية حاد وخطير يهدد حياتهم.
وأكد مدير مجمع الشفاء الطبي أن الطواقم الطبية تعمل دون طعام منذ أكثر من 24 ساعة، محذرا من تصاعد أعداد الوفيات خلال الساعات المقبلة نتيجة غياب الغذاء والعلاج، وقال: "نحن أمام عملية إبادة جماعية منظمة بالتجويع".
وكانت وكالة "الأونروا" حذرت من تضاعف معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة، مشيرة إلى أنها أجرت ما يقرب من 74 ألف فحص بين مارس ويونيو، كشفت عن آلاف الحالات من سوء التغذية الحاد الشامل، وتعاني المستشفيات من عجز تام في تلبية الاحتياجات الصحية، في ظل استمرار الاحتلال في منع دخول الغذاء والدواء والوقود، ما يهدد بانهيار النظام الصحي بالكامل وتزايد الوفيات خلال الأيام المقبلة.
كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، أن اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى أصبح جاهزا وينتظر الاعلان عنه، ونقلت الصحيفة عن مسؤول فلسطيني بوجود تقدم حقيقي نحو التوصل إلى اتفاق، وأضاف أن نقاط الخلاف قد تقلصت بشكل كبير، وأضاف أن هناك أرضية خصبة للتوصل إلى اتفاق.
وقال بشأن مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلي: "نحن نتحدث بالفعل عن خلافات على بُعد بضعة كيلومترات على الحدود العازلة شرق قطاع غزة وهذا لم يعد يشكل عقبة كبيرة."
فيما يتعلق بنطاق المساعدات الإنسانية التي ستدخل قطاع غزة بموجب الاتفاق، أفاد المصدر الفلسطيني بأن "الضغط الأمريكي يؤثر على هذه النقطة أيضًا" كما تطرق إلى مسألة "مفاتيح الأسرى"، أي عدد الإسرى الفلسطينيين الذين سيُطلق سراحهم مقابل كل اسير اسرائيلي، وأوضح ان الصيغة مُتفق عليها في محادثات سابقة – 50 أسيرا مقابل كل رهينة".
وأضاف أن الجانبين يدركان أن مسألة الانسحاب لم تعد عائقا رئيسيً، وأن إسرائيل أوضحت أنه في حال حدوث أي طارئ خلال وقف إطلاق النار، ستستأنف قواتها عملياتها في قطاع غزة.
ووفقا لخطوط الاتفاق الجزئي المطروحة، يذكر أنه خلال وقف إطلاق نار يستمر 60 يوما، سيتم إطلاق سراح نصف المحتجزين الأحياء والأموات، عشرة أسرى أحياء، ثمانية منهم مقرر إطلاق سراحهم في اليوم الأول واثنان في اليوم الخمسين، إلى جانب 18 محتجزين متوفين سيتم إطلاق سراحهم على ثلاث مراحل إضافية.
وفي إطار الاتفاق، من المفترض أن تُجرى مفاوضات لإنهاء الحرب بشكل كامل وإطلاق سراح المحتجزين المتبقين، وتطالب حماس بضمانات لاستمرار وقف إطلاق النار المؤقت بعد 60 يوما، حتى يتم التوصل إلى اتفاق، في الوقت الحالي، ليس من الواضح تماما ماهية هذه الضمانات.
نقلت هيئة البث الإسرائيليةعن مصدر أمني رفيع، إن "هناك أملا بالتوصل إلى صفقة تبادل خلال هذا الأسبوع"، مشيرا إلى "وجود رغبة لدى الجانبين لإتمام الاتفاق".
وأضاف المصدر أن "الجيش الإسرائيلي أوصى المستوى السياسي بالسعي إلى التوصل لاتفاق، مؤكدا استعداد الجيش لإبداء المرونة في انتشاره بهدف إنجاز الصفقة".
وفي سياق متصل، قلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن مصدر السياسي، الذي لم تكشف عن اسمه، قوله إن "المحادثات الجارية في الدوحة مختلفة جذريا عن سابقاتها، وهي تتناول هذه المرة إمكانية إنهاء الحرب، وليس فقط إطلاق سراح الأسرى".
ولفت إلى أن "الصفقات السابقة ركزت على تحرير الأسرى مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، لكن هذه الصفقة تتعامل مع مسألة إنهاء الحرب بشكل أوسع، ما يجعل كل شيء مترابطا ومعقدا".
وأضاف المصدر أن الاتفاق المقترح حاليا يشمل فترة هدنة تمتد لـ60 يومًا، يتم خلالها إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين أحياء، وبدء مفاوضات مكثفة حول إنهاء الحرب.
وقال إنّ الاتفاق "يحتوي على العديد من البنود الحساسة التي تعكس حجم التحديات والطموحات الكامنة في هذه الفرصة السياسية". وادعى المصدر أن "الوفد الإسرائيلي يمتلك هامش مناورة واسعً ومرونة كافية تسمح بإمكانية التوصل إلى اتفاق من دون التنازل عن احتياجات إسرائيل الأمنية" على حد تعبيره.
اترك تعليق