أكد سفير الصين بالقاهرة، لياو ليتشيانج، أن منظمة شنغهاي للتعاون أصبحت أكبر منظمة إقليمية في العالم من حيث عدد السكان والمساحة والإمكانات الكامنة، إذ تغطي المنظمة ثلاث قارات، آسيا وأوروبا وإفريقيا، وتبلغ المساحة الإجمالية للدول الأعضاء 36 مليون كيلومتر مربع، ما سيشكل أكثر من 65% من قارة أوراسيا، ويتجاوز عدد السكان 3.3 مليار نسمة، أي حوالي 42% من سكان العالم، ويتجاوز الناتج المحلي الإجمالي 25 تريليون دولار، أي ربع الاقتصاد العالمي.
فلسفة التنمية القائمة على الانفتاح والشمول
وأضاف السفير خلال ندوة بعنوان "تطور منظمة شنغهاي للتعاون"، أنه منذ تأسيس المنظمة، طرحت في ميثاقها "روح شنغهاي" المتمثلة في الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتشاور واحترام التنوع الحضاري والسعي وراء التنمية المشتركة.
وتابع: تدعو المنظمة إلى الحوار بين الحضارات، واحترام المصالح الأساسية لكل دولة، والطريق التنموي الذي تختاره، ومراعاة مصالح كافة الأطراف عند التعامل مع الشؤون الدولية، واللجوء إلى التشاور لحل المشاكل، كما تؤكد الرفض القاطع لتشكيل التكتلات السياسية الإقصائية والمواجهة الأيديولوجية والهيمنة والتنمر وقانون الغابات الذي تعتدي فيه الدول الكبيرة على الدول الصغيرة والضعيفة.
وأشار إلى أنه بفضل "روح شنغهاي"، اجتمعت دول ذات مختلف نظم وثقافات ومراحل التنمية في "أسرة منظمة شنغهاي للتعاون"، وظلت ملتزمة بالتضامن والتعاون، وتعمل على بناء مجتمع المستقبل المشترك القائم على المساواة والتآزر ومشاركة السراء والضراء وتحمل المسؤولية المشتركة، ووجدت طريق التعاون الإقليمي الذي يتماشى مع تيار العصر وحاجات مختلف الأطراف، وأصبحت نموذجا يحتذى به للعلاقات الدولية من نوع جديد، وتزداد قوة الجذب والتأثير للمنظمة باستمرار.
وتابع: في قمة آستانا في العام الماضي، طرح الرئيس شي جين بينغ مبادرة "البيوت المشتركة الخمسة" التي يسودها التضامن والثقة المتبادلة، والسلم والأمن، الازدهار والتنمية، حسن الجوار، العدالة والإنصاف، الأمر الذي يساهم في إثراء المقومات العصرية لـ"روح شنغهاي"، وحدد اتجاه تطور للمنظمة في ظل الوضع الجديد.
النتائج العملية للتعاون المشترك
وواصل السفير: خلال 24 عاما منذ تأسيسها، تتطور منظمة شنغهاي للتعاون بشكل سليم ويتوسع مجالات التعاون بشكل مستمر، مما عاد بمنافع حقيقية على شعوب الدول الأعضاء، الأمر الذي يشكل ركيزة موثوقة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي والتنمية المشتركة للدول الأعضاء. كما تعد المنظمة "عنصر الاستقرار" للأمن الإقليمي، حيث أقرت الدول الأعضاء "اتفاقية تعزيز الثقة في المجال العسكري في المناطق الحدودية" وغيرها من الوثائق المتكاملة للتعاون الأمني، مما أقام آلية طويلة الأمد للحفاظ على الأمن والاستقرار في المناطق الحدودية، وضمن التعايش السلمي بين دول المنطقة. وتمكنت الدول الأعضاء، من خلال تبادل المعلومات وتنفيذ العمليات المشتركة، من التصدي للإرهاب والقوى الانفصالية والمتطرفة، ونجحت في خلق بيئة آمنة ومستقرة وخالية من العمليات الإرهابية الكبيرة. ويمكن لهذه التجارب والممارسات أن تساعد مصر في تعزيز قدراتها الأمنية والتعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، وتلبية تطلعات شعبها لحياة سلمية وآمنة بشكل أفضل.
واستطرد: تعد المنظمة "المحرك" للتنمية الاقتصادية الإقليمية. في عام 2024، تجاوز حجم التجارة الخارجية للدول الأعضاء 8 تريليونات دولار، ما يشكل ربع التجارة العالمية، بزيادة 100 ضعف بالمقارنة مع ما كان عليه عند تأسيس المنظمة. وبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول الأعضاء والدول المراقبة وشركاء الحوار 890 مليار دولار، مما سجل رقما قياسيا جديدا، وذلك يعكس الحيوية الهائلة للتعاون الاقتصادي الإقليمي. ويمكن لهذه الممارسات والخبرات أن تعود على مصر بفوائد اقتصادية وفرص تجارية هائلة، وتدفع عملية التحديث، وتُلبي تطلعات الشعب المصري للحياة الكريمة والمزدهرة.
وأضاف: عملت الأطراف على توسيع قنوات التبادل بين الأقاليم والشباب والمرأة ومراكز الفكر ووسائل الإعلام وغيرها، مما أطلق العنان لنشاط التعاون الودي بين الدول، وقرب المسافات بين قلوب شعوبها، وعزز التفاهم والثقة المتبادلين داخل "أسرة منظمة شنغهاي". إن هذه الممارسات والخبرات الرامية إلى تعزيز التبادل الإنساني تتيح آفاقا رحبة للحوار بين الحضارة المصرية والحضارات الأخرى، ويمكنها أن تلبي بشكل أفضل تطلعات الشعب المصري إلى إثراء حياته الروحية.
وشدد السفير على أن الصين كدولة مؤسِّسة لمنظمة شنغهاي للتعاون، تعطي أولوية دبلوماسية كبيرة لشؤون المنظمة. وتعمل بصفتها الرئيسة الدورية للمنظمة خلال الفترة 2024-2025، تحت شعار "عام التنمية المستدامة لمنظمة شنغهاي للتعاون"، على تعزيز التضامن والتعاون داخل "أسرة المنظمة" لإطلاق سلسلة من المشاريع والتحركات. وقبل أيام فقط، عُقد اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء للمنظمة في الصين، حيث التقى الرئيس شي جين بينغ بشكل جماعي بوزراء خارجية الدول الأعضاء والمسؤولين عن الأجهزة الدائمة للمنظمة، مؤكدا على ضرورة التمسك بالهدف الأصلي للمنظمة، والاستجابة لتطلعات الشعوب، وتحمل رسالة العصر، وتجميع القوى الهائلة لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. وهذا يعكس الأهمية البالغة التي توليها الجانب الصيني لتطوير المنظمة وأعمال الرئاسة الدورية.
واختتم السفير: أود أن ألخص مجهودات الصين خلال فترة رئاستها بثلاث كلمات رئيسة:
1- التضامن: سيعقد قمة المنظمة في مدينة تيانجين خلال الفترة من 31 أغسطس إلى 1 سبتمبر، وهذا يمثل المهمة الأولى في عمل الرئاسة الصينية. ستكون قمة تيانجين أكبر قمة في تاريخ المنظمة، حيث ستشهد حضور أكثر من 20 قادة الدول و10 من مسؤولي المنظمات الدولية لفعالياتها. نعتقد أنه بجهود مشتركة من جميع الأطراف، ستتحول قمة تيانجين إلى محفل تضامني وودي ومثمر، وستدخل المنظمة مرحلة جديدة من التنمية العالية الجودة تتسم بتضامن أوثق وتعاون أعمق وحيوية أكبر وفعالية أعلى.
2- التعاون: سنقوم بشكل أساسي بسلسلة من الأنشطة والإجراءات الملموسة حول خمسة محاور: تعزيز الثقة السياسية، وصيانة الأمن المشترك، وتعزيز الازدهار المشترك، وتكثيف التبادلات الشعبية، ورفع فعالية الآليات؛ لأجل تعزيز مستوى التعاون داخل "أسرة المنظمة". وأود أن أؤكد على محور "رفع كفاءة الآليات"، حيث سيعمل الجانب الصيني مع الأطراف الأخرى على تنفيذ الإجماع الذي تم التوصل إليه في قمة أستانا العام الماضي حول تحسين جودة وفعالية المنظمة والحفاظ على انفتاحها، و تحسين آلية عملها، وتعميق مشاركة الدول المراقبة وشركاء الحوار في تعاون المنظمة. ومصر،بصفتها شريك حوار، ستتاح لها فرصة المشاركة في تعاون المنظمة على نطاق أوسع وأعمق، ونحن نتطلع إلى ذلك ببالغ الترقب.
3- التحرك: لقد كانت الصين المبادر بروح شنغهاي، وهي أكثر من ذلك منفذ لهذه الروح. وشعار الصين خلال فترة رئاستها هو "لإعلاء روح شانغهاي تتحرك المنظمة". ومنذ تولي الرئاسة، قمنا بتصميم أكثر من 110 فعالية، ونفذنا منها أكثر من 90 فعالية، تشمل مختلف المجالات، بما في ذلك استضافة اجتماع وزراء دفاع المنظمة والتدريبات المشتركة لمكافحة الإرهاب، مما عزز التعاون الأمني والثقة المتبادلة؛ وتم عقد منتدى الاقتصاد الرقمي ومسابقات المهارات للعمال لدفع التعاون العملي نحو العمق والواقعية؛ وتنظيم منتدى التعاون الإعلامي ومهرجانات السينما والفنون لتعزيز التقارب بين شعوب الدول الأعضاء. وقد أسهمت هذه الأنشطة في تعزيز كفاءة التعاون الأمني للمنظمة ، وزخم التنمية، وبناء الآليات، وعززت بشكل كبير "الربط المادي" و"الربط المؤسسي" و"ربط القلوب" داخل "أسرة المنظمة". وقد شارك الجانب المصري في العديد من هذه الأنشطة، مثل منتدى الاقتصاد الرقمي ومنتدى التعاون الإعلامي، وأنا سعيد بذلك.
اترك تعليق