بينما يفتك الجوع بالفلسطينيين في غزة جراء شح المساعدات بسبب الحصار الإسرائيلي. يستهدف الإحتلال من خلال ألية توزيع المساعدات في القطاع تهجير أصحاب الأرض.
أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان. أن الآلية الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة. والمزمع تشغيلها الأسبوع الجاري. تشكل انتهاكا للقانون الدولي.
وقال إن "الآلية صممت في جوهرها لاضطهاد السكان الفلسطينيين وتهجيرهم قسرا من أجزاء واسعة من القطاع. وترسيخ السيطرة العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي عليه. فضلا عن كونها محاولة لتضليل الرأي العام العالمي الذي بدأ يلتفت أخيرًا إلي الواقع الإنساني الكارثي في غزة".
وأشار إلي أن المعلومات المتوفرة حول الآلية الإسرائيلية. تشير بوضوح إلي أنها صُمّمت كأداة سيطرة قسرية علي السكان المدنيين. تقوم علي تقديم طرد مساعدات واحد فقط أسبوعيا لكل عائلة. بكمية محدودة. وبشروط أمنية تقييدية. في انتهاك صريح لمبدأ عدم التمييز. ولمعيار الكفاية والاستمرارية في المساعدات الإنسانية. مؤكدًا أنّ هذه الآلية لا تفي بأي من شروط الإغاثة المحايدة والفعّالة. بل تُستخدم وسيلة لإخضاع المجتمع الفلسطيني عبر التحكم في مقومات بقائه.
وأوضح أن هذه الآلية وُضعت لدفع سكان محافظة شمالي غزة ومحافظة غزة. اللتين تضمان قرابة نصف عدد سكان القطاع إلي النزوح القسري نحو مناطق الوسط والجنوب. إلي جانب إخضاع جميع أرباب الأسر لفحص أمني دقيق. بما يعرّضهم لخطر الإخفاء القسري أو الاعتقال التعسفي.
والجدير بالذكر أن الأمم المتحدة أعلنت عن رفض هذه الآلية التي ستدار من قبل "مؤسسة غزة الإنسانية" التي أنشأتها دولة الاحتلال بالشراكة مع الإدارة الأمريكية. وأعلن الأمين العام عن خطة كاملة للمنظمات الإنسانية لإدخال المساعدات. تقوم علي خمس مراحل. تضمن وصول المساعدات للسكان المحتاجين.
وأوضح المرصد أن الآلية الإسرائيلية تفتقر من حيث الأساس إلي أي شرعية قانونية أو إنسانية. إذ تنتهك قواعد القانون الدولي وأبسط معايير العمل الإغاثي. وتستغل المساعدات كأداة للسيطرة والتهجير. وأكد أن هذا التوزيع المحدود لا يعبر عن أي استجابة إنسانية. بل يمثل سياسة متعمدة لإدارة الجوع دون إنهائه. عبر التحكم المنهجي في تدفق الغذاء المحدود لإبقاء السكان في حالة عوز دائم. واستغلال حاجتهم للغذاء كوسيلة للضغط والسيطرة والتهجير القسري.
وأشار إلي أنه بالإضافة إلي مشقة الطريق. يُجبر السكان علي اجتياز مسافات تحت خطر القصف والاستهداف المباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. ما يحول المساعدات إلي عبء ثقيل بدلًا من وسيلة للبقاء. مشهد يُفرغ الفعل الإنساني من مضمونه. ويكشف الطابع الإبادي للآلية الإسرائيلية التي تتجاهل عمدًا شروط الوصول الآمن والسلامة والكرامة الإنسانية.
وأكد أن هذه المراكز لا يمكن أن تلبي احتياجات السكان بأي شكل آمن أو فعال. ونقل عن المواطن أحمد سمير "30 عاما" وهو معيل لخمسة أفراد القول "عندما سمعت عن آلية المساعدات الجديدة أصبت بالغضب والإحباط. فأنا أسكن في شمالي مدينة غزة. ولا أستطيع علي الإطلاق الذهاب أسبوعيا إلي وسط أو جنوبي قطاع غزة للحصول علي مساعدة قد لا تسد جوع عائلتي. هذا أشبه بمغامرة غير مضمونة العواقب".
وفي إفادة أخري. قال نازح في دير البلح وسط القطاع. إنه لم يستفد شيئا من المساعدات القليلة التي دخلت خلال الأيام الماضية. وأضاف "أتابع بقلق المعلومات عن الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في نقاط محددة تحت حراسة شركة أمنية أمريكية في منطقة تتواجد فيها قوات الاحتلال. لا أعتقد أنني سأكون قادرا علي الذهاب هناك والمخاطرة بحياتي".
وكشفت صحيفة "هآرتس" العبرية. أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية اختار الجهة التي ستوزع المساعدات في غزة من وراء ظهر المؤسسة الأمنية من دون مناقصة أو إجراء قانوني سليم.
وبحسب الصحيفة. فقد شكل طاقم برئاسة السكرتير العسكري لرئيس الحكومة شركة غامضة عديمة الخبرة لتتولي تنسيق العمليات الإنسانية في قطاع غزة. رغم أن الشركة قدّمت نفسها علي أنها أمريكية. يقف وراءها أيضا أطراف إسرائيليون. واتضح أنها تثير العديد من علامات الاستفهام.
وأوضحت الصحيفة أنه تم اختيار شركة SRS في إجراء سري. بدون مناقصة أو إعفاء من مناقصة. وفعليا دون المرور عبر القنوات الرسمية. مثل منسق أعمال الحكومة في المناطق "الإدارة المدنية" وهو الجهة التي كانت مسؤولة عن إدخال المساعدات حتي الآن.
وبشكل عام. كما تبين. فقد تم تهميش الجيش الإسرائيلي ووزارة الأمن بالكامل من عملية اختيار الشركة. التي تمت بواسطة اللواء رومان غوفمان. السكرتير العسكري لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
ولفتت الصحيفة إلي أن رجال أعمال تم استدعاؤهم للخدمة الاحتياطية إلي جانب ضباط احتياط أصبحوا يشكلون ما يسمي "طاقم غوفمان" الذي دفع باتجاه اختيار هذه الشركة المجهولة.
ومنعت إسرائيل دخول المواد الغذائية والوقود والأدوية وجميع الإمدادات الأخري إلي غزة علي مدي يقترب من 3 أشهر. ما أدي إلي تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المدمر.
وأكد مدير المستشفيات الميدانية في صحة غزة مروان الهمص. ارتفاع معدلات سوء التغذية في غزة. محذرا من وقوع كارثة إنسانية مع ارتفاع معدلات الجوع والعطش جراء نفاد الإمدادات والمستلزمات الغذائية الأساسية المنقذة للحياة.
وقال مدير المستشفيات الميدانية. إن الجوع يضرب جميع المراحل العمرية. لاسيما بين الأطفال والرضع والنساء الحوامل والمرضعات والأمهات. حيث إن نسبة فقر الدم تتخطي 60% بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني في غزة.
يأتي هذا في الوقت الذي أفادت فيه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بأن قطاع غزة يحتاج 500 إلي 600 شاحنة مساعدات كل يوم.
جدير بالذكر أن تداعيات العدوان الإسرائيلي المستمر علي قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. والحصار الذي ضربه الاحتلال علي القطاع ومنعه دخول المساعدات الإنسانية إلي القطاع. تلقي بظلالها علي الفلسطينيين داخل القطاع وبخاصة الأطفال.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية علي قطاع غزة. منذ أن استأنفتها قبل 69 يوما. وبعد 597 يوما علي بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023. مخلفة 53901 شهيد. و122593 مصابا.
وحذرت منظمة الصحة العالمية. من أن تصاعد الأعمال العدائية وإصدار أوامر الإخلاء الجديدة في شمال وجنوب غزة خلال اليومين الماضيين هدد بإخراج مزيد من المرافق الصحية عن الخدمة.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة. ذكرت "الصحة العالمية" أن أربعة مستشفيات رئيسية في غزة وهي: "مستشفي كمال عدوان. المستشفي الإندونيسي. مستشفي حمد للتأهيل والأطراف الاصطناعية. مستشفي غزة الأوروبي". اضطرت إلي تعليق خدماتها الطبية خلال الأسبوع الماضي» بسبب قربها من مناطق الاشتباكات أو مناطق الإخلاء. إضافة إلي تعرضها للهجمات.
وسجلت المنظمة 28 هجوما علي الرعاية الصحية في غزة خلال الآونة الأخيرة» ليصل إجمالي عدد الهجمات منذ أكتوبر 2023 إلي 697 هجوما.
ومن أصل 36 مستشفي في قطاع غزة. فإن 19 مستشفي فقط لا تزال عاملة. ومنها مستشفي واحد يقدم الرعاية الأساسية للمرضي الذين لا يزالون داخله. وحتي هذه المستشفيات تعاني نقصا حادا في الإمدادات. وعجزا في أعداد العاملين الصحيين. وانعداما ممتدا للأمن. وارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات.
اترك تعليق