في عصر الانغماس في وسائل التواصل الاجتماعي، تحذر عالمة النفس غالينا غوبانوفا من تأثير هذه المنصات على الصحة النفسية، مشيرة إلى أن الاستخدام المفرط لها قد يُمهّد الطريق نحو الاكتئاب الرقمي، خاصة لدى الأشخاص الذين يسعون إلى الكمال ويُقارنون أنفسهم بالصور "المثالية" التي تُعرض على الشاشات يومياً.
تقول غوبانوفا: "الرغبة في أن نكون أفضل قد تنقلب ضدنا عندما نُقيّم أنفسنا بناءً على نجاحات الآخرين. يصبح مقياس النجاح هو عدد الإعجابات والمشاهدات، وليس الإنجاز الحقيقي".
المقارنة القاتلة وتأثير الصور المثالية
تُشير الدراسات إلى أن مقارنة النفس بـ"النسخ المعدّلة رقمياً" لحياة الآخرين تزرع مشاعر الحسد، الألم، والمرارة، ما يعزز الأفكار السلبية ويؤدي إلى انخفاض تقدير الذات. والأسوأ من ذلك، أن بعض المستخدمين يجدون في حياتهم الافتراضية أهمية تفوق حياتهم الواقعية.
كلما زاد الوقت الذي نقضيه في متابعة ردود الفعل والرسائل، قلّ اهتمامنا بتفاصيل الحياة الحقيقية. وهنا، كما تقول العالمة، يتحوّل الدوبامين الناتج عن التفاعل على السوشيال ميديا إلى "مكافأة رخيصة"، لا تمنحنا الرضا الحقيقي.
بين العالم الرقمي والواقع... من ينتصر؟
توضح غوبانوفا أن إدمان السوشيال ميديا يُبعد الشباب عن الأنشطة الحقيقية التي تبني الثقة بالنفس، مثل تعلم مهارات جديدة أو تطوير المواهب. في المقابل، فإن مقاطع الفيديو القصيرة أو الصور اللامعة قد تمنح دفقة مؤقتة من المتعة، لكنها تترك فراغاً عاطفياً عميقاً قد يؤدي إلى الاكتئاب والعزلة النفسية.
القلق من الأخبار السيئة... دوامة لا تنتهي
وليس الأمر مقتصراً على الصور فقط، بل إن القراءة العشوائية والمستمرة للأخبار السلبية تعزز القلق المزمن، خاصة لدى من يعانون أصلاً من اضطرابات القلق، إذ يدخلون في وهم "السيطرة" بينما هم في الواقع يغرقون في مشاعر الخوف والتوتر.
التوازن هو الحل
وتختم غوبانوفا توصياتها بالتأكيد على أهمية تقليص وقت استخدام شبكات التواصل، حتى لو بدا الأمر صعباً في البداية. ومع الممارسة، يصبح من الطبيعي أن نضع الهاتف جانباً ونُعيد الاتصال بعالمنا الواقعي، حيث المشاعر حقيقية والنجاح ملموس.
اترك تعليق