قال تعالي: وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَان رَّجِيم إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَاب مُّبِين "سورة الحجر:17 18" لِنتأمل هذا التّصوير البلِيغ والتّعبير الموحي. حيث قال تعالي "إِلّا مَن استَرق السّمعَ" ولَم يَقُل "إِلّا مَن استَمَعَ أو أَنصَتَ أو أَصغَي" وذلك لِلدلالة علي إِحكامِ السّماءِ مِن اطّلاعِ الشّياطينُ علي ما لَم يُرِدِ اللهُ اطِّلاعِهِم عليه. فالاستِماع والإنصات والإصغاء يَدُلُّ علي تَمَكُّنِ المُستَمِع مِن الحدِيث مع هدوء واستقرار يَسمَحانِ لَه فَهمُ ما يُقال. لَكِن استراق السَّمع يَدُلّ علي التَّكَلُّفِ وعَدم استِقرار حالةِ المُستمِعِ جَسَدِيّاً وَنَفسياً مِمّا يَجعَله في تَوَتّري لا يَسمَحُ بِحُسنِ الاستِماع وإِدراكِ الفَهمِ والفائِدة.
* ويقول الله تعالي وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ "الحجر 87".. تأمل كيف آثر ربنا الفعل "آتيناك" علي غيره من الأفعال فلم يقل أوحينا أو أنزلنا أو غير ذلك لأن الفعل "آتيناك" فيه من الملاصقة والقرب ما يشهد بعظيم منزلته صلي الله عليه وسلم وشرف قدره عند ربه تبارك وتعالي ولأنه أدلّ علي الإكرام والمنة التي خصّه الله بها.
* نزعنا وليس أخرجنا
يقولُ اللهُ عزَّ وجلّ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلّي "الحج: 47" لِننظُر كَيفَ قالَ اللهُ تباركَ وتعالي {ونَزَعنَا} ولم يقُل "أَخرَجنَا" أو "سَلَبنَا" وذلك لِلدلالة بِأَنّ "الغِلَّ" قد استَحكَمَ في قُلُوبِهِم حتي صَارَ بحاجةي إلي قُوةي لاستِخرَاجُه وهذا ما دَلَّ عليه الفعل "نَزَعَ" مِن تَكَلُّفِ الجَهدِ والمَشَقّةِ .
من فصيح العامي
يقولون فلان: نتش اللحمة» أي انتزعها بسرعة وخفة.
والفعل من: نتشَ: “ نتش الجرادُ الأرضَ: أكل نباتها. ونتش "الرجلُ" لأهله ينتشُ نتشاً اكتسب لهم واحتال.
قال: والنَّتْش جذبُ اللحم ونحوه "لسان العرب لابن منظور".
لغويات
في تَقْسِيمِ الشَّهَوَاتِ:
- فُلاَن جَائِعى إِلي الخُبْزِ. وقَرِم إلي اللَحْمِ. وعَطْشَانُ إلي المَاءِ.
عَيْمانُ إلي اللَّبَنِ. وبَرِد إلي التَّمْرِ. وجَعِمى إلي الفَاكِهَةِ. شَبِقى إلي النِّكَاحِ.
"من كتاب فقه اللغة وسر العربية للثعالبي"
اترك تعليق