هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

من القصص الإسلامي

سعيد بن عامر.. القائد الزاهد

سعيد بن عامر رضي الله عنه من خيرة أصحاب النبي. كان من العبّاد والزهّاد. ومن القادة العسكريين والسياسيين. أسلم قبل غزوة خيبر وكان فتي شابا في ريعان شبابه. وبلغ مكانة رفيعة بين صحابة رسول الله. فاختاره عمر بن الخطاب رضي الله عنه لولاية حمص في الشام. فقال له سعيد: نشدتكَ بالله ألا تفتنني. فغضب عمر وقال: ويحكُم. وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخلّيتم عني. والله لا أدعك.


ولي سعيد بن عامر رضي الله عنه "حمص". ذات يوم قام الفاروق عمر بزيارة حمص. فسأل أهلها عن حال واليهم سعيد فيهم» فذكره أهل حمص بخير ثم شكوا فيه أربعة أمور: أنه لا يخرج إليهم حتي يتعالي النهار.. وأنه لا يرد عليهم بليل.. وأنه لا يخرج إليهم يوما من الشهر.. وأنه يصيبه من حين لآخر غشية فيغيب عمن في مجلسه.

فدعا عمر الله قائلًا: "اللهم إنّي أعرفه من خير عبادك. اللهم لا تخيبّ فيه فراستي". ثم أرسل إلي سعيد يدعوه للدفاع عن نفسه. فلما جاء ذكر له شكوي الناس. فأجاب قائلًا: أما قولهم أني لا أخرج إليهم حتي يتعالي النهار: فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب. ذلك أنه ليس لأهلي خادم. فأنا أعجن عجيني. ثم أدعه حتي يختمر. ثم أخبز خبز. ثم أتوضأ للضحي. ثم أخرج إليهم. فتهلل وجه عمر وقال: الحمد لله. والثانية؟!

وأما قولهم لا أجيب أحدا بليل: فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب. إني جعلت النهار لهم. والليل لربي.. وأما قولهم إنّ لي يومًا في الشهر لا أخرج فيهم: فليس لي خادم يغسل ثوبي. وليس لي ثياب غير ما ألبس. فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر حتي يجفّ بعد حين.

وفي آخر النهار أخرج إليهم.. وأما قولهم إنّ الغشية تأخذني بين الحين والحين: فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة. وقد بضعت قريش لحمه. وحملوه علي جذعة. وهم يقولون له: أتحبُّ أنّ محمدا -رسول الله- مكانك. وأنت سليم معافي؟ فيجيبهم قائلًا: "والله ما أحبُّ أني في أهلي وولدي. معي عافية الدنيا ونعيمها. ويصاب رسول الله- بشوكة". فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته. وأنا يومئذ من المشركين. ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومه. أرتجف خوفًا من عذاب الله ويغشاني الذي يغشاني.

وانتهت كلمات سعيد رضي الله عنه المبللة بدموعه. فقال عمر: "الحمد لله الذي لم يخيب ظني به". وعانق سعيدًا.

وكان عمر رضي الله عنه يرسل الرسل في البلاد» ليجمعوا له أسماء الفقراء والمحتاجين الذين يستحقّون الزكاة. ولما وصلته قائمة "حمص" وجد فيها اسم "سعيد بن عامر" فسأل الرسول من هذا؟! فأجابه: والي حمص. فتعجّب عمر من حاله. وهو من سياسته أنه كان يغني الولاة حتي لا يحتاجوا الناس. فأرسل لسعيد ألفَ دينار من الذهب ليغنيه.

فلما وصل المال لسعيد دعا زوجته واستشارها فقال: إنّ أمير المؤمنين أعطانا هذه الألف دينار. فإن شئتِ أن نعطيه من يتجر لنا به ونأكل الربح ويبقي لنا رأس مالنا. فوافقت علي ذلك. ولكنّه رضي الله عنه لم يبت حتي جعلها كلها في صرر ووزعها علي الفقراء.

وبعدَ فترة طلبت زوجته منه بعض المال فيتعلل لها. فلمّا ألحّت عليه أخبرها بما كان من أمره. وأنه ادخر ثوابها للآخرة. وأنه يريدها زوجة له في الآخرة لصبرها معه. فصبرت وشاركته الأجر. محتسبين الثواب عند المولي سبحانه وتعالي.

من نعم الله

معرفة الله.. من أعظم النعم علي الإنسان

إنّ معرفة الله سبحانه وتعالي من أعظم النِعم علي الإنسان. فمعرفة الله تمنح المؤمن ثقة في دينه» لأنّ حقيقة العلم بوجوده تمنح العبد القدرة علي تحمّل مصاعب الدنيا» لعلمه بوجود ربّ يملك صفات الكمال والعدل وتنتهي إليه جميع أمور البشر.. وكل قدري من ربّ عادلي رحيم يملأ الروح بالرضي. فيطمئن القلب وترتاح النفس لهذه المعرفة. ومعرفة الله عند المسلم توجب الحب والطاعة. وتوجب الحياء منه عند الذنب. وتوجب السعي لرضاه.

وقد دلت نصوص الكتاب والسنة علي أن خير العلوم هو الذي يدلك علي معرفة الله وخشيته وتقواه والإنابة إليه.. فقد قال ابن رجب: أفضل العلم: العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله. التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه والتوكل عليه والصبر عليه. والرضا عنه والانشغال به دون خلقه.

ومن أعظم ما يساعد علي ذلك التأمل في آيات الله المتلوة والمرئية في النفس وفي الكون. فمن تدبر كتاب الله. وتفهم ما فيه من أسماء الله الحسني. وصفاته العلي. وأفعاله المثلي. وتأمل في مخلوقات الله تعالي وما فيها من الآيات الدالة علي حكمة الله وقدرته سينال قدرا كبيرا من المعرفة بالله تعالي.

فقد قال ابن قيم الجوزية- رحمه الله - في الفوائد: القرآن كلام الله. وقد تجلي الله فيه لعباده بصفاته. فتارة يتجلي في صفات الهيبة والعظمة والجلال. فتخضع الأعناق وتنكسر النفوس وتخشع الأصوات ويذوب الكبر كما يذوب الملح في الماء.. وتارة يتجلي في صفات الجمال والكمال وهو كمال الأسماء وجمال الصفات وجمال الأفعال الدال علي كمال الذات. فيستنفد حبه من قلب العبد قوة الحب كلها بحب ما عرفه من صفات جماله ونعوت كماله. فيصبح فؤاد عبده فارغا إلا من محبته وتبقي المحبة له طبعا لا تكلفا. وإذا تجلي بصفات الرحمة والبر واللطف والإحسان انبعثت قوة الرجاء من العبد وانبسط أمله وقوي طمعه وسار إلي ربه وحادي الرجاء يحدو ركاب سيره. وكلما قوي الرجاء جد في العمل.

وإذا تجلي بصفات العدل والانتقام والغضب والسخط والعقوبة انقمعت النفس الأمارة وبطلت. أو ضعفت قواها من الشهوة والغضب واللهو واللعب والحرص علي المحرمات. وانقبضت أعنة رعوناتها فأحضرت المطية حظها من الخوف والخشية والحذر.

وإذا تجلي بصفات الأمر والنهي والعهد والوصية وإرسال الرسل وإنزال الكتب شرع الشرائع. انبعثت منها قوة الامتثال والتنفيذ لأوامره والتبليغ لها والتواصي بها وذكرها وتذكرها. والتصديق بالخبر والامتثال للطلب والاجتناب للنهي.

وإذا تجلي بصفة السمع والبصر والعلم انبعث من العبد قوة الحياء فيستحي ربه أن يراه علي ما يكره. أو يسمع منه ما يكره. أو يخفي في سريرته ما يمقته عليه فتبقي حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشرع غير مهملة ولا مرسله تحت حكم الطبيعة والهوي.

وإذا تجلي بصفات الكفاية والحسب والقيام بمصالح العباد وسوق أرزاقهم إليهم ودفع المصائب عنهم ونصره لأوليائه وحمايته لهم ومعيته الخاصة لهم انبعثت من العبد قوة التوكل عليه والتفويض إليه والرضا به. وما في كل ما يجريه علي عبده ويقيمه مما يرضي به هو سبحانه والتوكل معني يلتئم من علم العبد بكفاية الله وحسن اختياره لعبده وثقته به ورضاه بما يفعله به ويختاره له.

وإذا تجلي بصفات العز والكبرياء أعطت نفسه المطمئنة ما وصلت إليه من الذل لعظمته والانكسار لعزته والخضوع لكبريائه وخشوع القلب والجوارح له. فتعلوه السكينة والوقار في قلبه ولسانه وجوارحه وسمته ويذهب طيشه وقوته وحدته.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق