تمر الشمس حاليًا بفترة من النشاط العالي، لكن هذا لا يُقارن بحدث شمسي هائل ضرب كوكبنا قبل 14000 عام. وإذا وقع مثل هذا الحدث اليوم، فقد يكون تأثيره مدمرًا.

أقدم الأشجار الموجودة حاليًا على الأرض عمرها 5000 عام، وعايشت جميع الأحداث. ويمكن للأشجار أن تتحجر تحت الأرض، فتنقل لنا أخبار الـ30ألف سنة الماضية. وهذه الحفريات، تسجل نشاط شمسنا في "حلقات" جذع الشجرة. 

تقول شارلوت بيرسون، عالمة حلقات الأشجار بجامعة أريزونا الأمريكية: "إنها يمنحنا أرشيفًا قيمًا لكبسولات الزمن".
درس العلماء حلقات الأشجار لمراقبة التغيير عبر التاريخ. وفي نقاط زمنية معينة، كان التغيير أكثر فجائية وكارثية. هذه التغييرات دليل علي انفجارات شمسية عملاقة تجسد الماضي المضطرب لنجمنا.

ويشير تقرير على موقع بي بي سي إلى أنه في عام 2012، توصلت طالبة الدكتوراه فوسا مياكي، وهي الآن فيزيائية متخصصة في الأشعة الكونية بجامعة ناجويا اليابانية، لاكتشاف مذهل. فخلال دراستها لأشجار الأرز، اكتشفت ارتفاعًا هائلاً في نظير الكربون-14 عام 774م".

توصلت مياكي وزملاؤها إلى أن ارتفاع الكربون-14 المشع ينتج عندما تصطدم الجسيمات عالية الطاقة بالنيتروجين في الغلاف الجوي. ربما كانت الجسيمات ناتجة عن أحداث كونية أخرى، لكن الدراسات اقترحت سببًا محتملًا آخر، وهو انفجار هائل من الجسيمات التي تقذفها الشمس. 

في عام 2023، تبين ارتفاع الكربون 14 في أشجار الصنوبر الاسكتلندية المتحجرة جنوب فرنسا والتي يعود تاريخها إلى 14300 عام. كان الارتفاع أقوى مرتين من أي حدث مماثل.

وإذا حدثت مثل تلك العواصف الهائلة اليوم، يمكن أن تتسبب في تضخم الغلاف الجوي، مما يزيد من اقترابه للأقمار الصناعية (اقترب تلسكوب هابل بمقدار 40-80 مترًا يوميًا أثناء العواصف الجيومغناطيسية في مايو 2024).

أثارت أقوى عاصفة شمسية في التاريخ الحديث، حادث كارينجتون عام 1859، موجات كهربائية قطعت خطوط التلغراف في جميع أنحاء العالم. اليوم، ستكون آثار حدث على مستوى كارينجتون كارثية. قد ينهار نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بسبب دفع الأقمار الصناعية خارج أماكنها أو تلف إلكترونياتها، وتتعطل شبكات الطاقة على الأرض وحتى الإنترنت. 

في عام 2013، قدَّر أحد التقارير الخسارة الاقتصادية بالولايات المتحدة وحدها من حدث كهذا بما يتراوح بين 0.6 تريليون دولار و2.6 تريليون دولار.

ولكن الأحداث الهائلة تختلف، فهي تسبب انفجارات من الجسيمات أكبر بعشر مرات من حادث كارينجتون، الذي اجتاح الأرض قبل 14300 عام ولو وقع الآن فستنتج عنه أضرار واسعة النطاق للتكنولوجيا الحديثة التي تعتمد عليها حياتنا، وهو أمر يصعب تصوره.