للصدقة شأن عظيم في الإسلام. فهي من أوضح الدلالات. وأصدق العلامات علي صدق إيمان المتصدق» وذلك لما جبلت عليه النفوس من حب المال والسعي إلي كنزه. فمن أنفق ماله وخالف ما جُبِل عليه. كان ذلك برهان إيمانه وصحة يقينه هذا إذا نوي بها وجه الله. ولم يقصد بها رياء ولا سمعة.
لأجل هذا جاءت النصوص الكثيرة التي تبين فضائل الصدقة والإنفاق في سبيل الله. وتحث المسلم علي البذل والعطاء ابتغاء الأجر من الله عز وجل.. فقد جعل الله الإنفاق علي السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله المحسنين. ووعد سبحانه - وهو الجواد الكريم الذي لا يخلف الميعاد - بالإخلاف علي من أنفق في سبيله. فقال سبحانه: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين. كما وعد بمضاعفة العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافاً كثيرة. فقال سبحانه: من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة.
والصدقة بالأموال من أنواع الجهاد المتعددة. بل إن الجهاد بالمال ورد مقدماً علي الجهاد بالنفس في جميع الآيات التي ورد فيها ذِكر الجهاد إلا في موضع واحد. وقد قال صلي الله عليه وسلم: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم.
وفي السُنة من الأحاديث المرغبة في الصدقة. والمبينة لثوابها وأجرها. ما تقر به أعين المؤمنين. وتهنأ به نفوس المتصدقين. ومن ذلك أنها من أفضل الأعمال وأحبها إلي الله عز وجل. وأنها ترفع صاحبها. حتي توصله أعلي المنازل.. وتدفع عن صاحبها المصائب والبلايا. وتنجيه من الكروب والشدائد.. كما أن الصدقة تطفئ الخطايا. وتكفر الذنوب والسيئات. وهي من أعظم أسباب بركة المال. وزيادة الرزق. وإخلاف الله علي صاحبها بما هو أحسن.. إلي جانب أنها وقاية من عذاب الله وسبب انشراح الصدر وراحة القلب.. ومطهرة للمال ودواء للأمراض الجسدية والأمراض القلبية وأمان من الخوف وتوصل العبد إلي حقيقة البر ومدعاة لدعاء الملكين لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفاً. ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا".
والصدقة دليل علي صدق الإيمان. وقوة اليقين. وحسن الظن برب العالمين. إلي غير ذلك من الفضائل الكثيرة. التي تجعل المؤمن يتطلع إلي الأجر والثواب من الله. ويستعلي علي نزع الشيطان الذي يخوفه الفقر. ويزين له الشح والبخل.. ويكفي أنه يُدعي لدخول الجنة من باب الصدقة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من أنفق زوجين في سبيل الله. نودي في الجنة يا عبد الله. هذا خير: فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة. ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد. ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة. ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان".
اترك تعليق