- جائزة التفوق "طبطبة إلهية" على مشواري في الأدب
- "الصبّاح" أصعب شخصية كتبتها ..لم أحبه ولم أكرهه
- على الكاتب أن يكون" سهما جارحا" وليس رماديا أو محايدا
- أثر " الحشاشين" وصل إيران وروسيا والسويد
- في الدراما لا يوجد شخصية "ثانوية" وكذلك " الحياة"
- أكتب " بإيدي" وأعتبر " ورش الكتابة" إهانة للكاتب
- إذا لم يقع المخرج في غرام " الورق" فتلك مشكلة المؤلف
- الثقافة العالمية تحارب" الفردية" وتسعى لتذويبها أو "تسليعها"
انفلت عبد الرحيم كمال كخيط نور من شمس الصعيد القاسية والواثقة، جاء من أرض الحقائق والأساطير محملا بكبرياء الجنوب وحكاياته مدفوعا بقوة الخيال وحرارة الأمل باحثا عن سيرته الخاصة، وصل القاهرة مثلما وصلها من قبله أمل دنقل والأبنودي ويحيى الطاهر عبد الله وعبد الرحيم منصور.. آمن بنفسه وبحرفه وبالدأب المتواصل .. قص وروى وأنتج أدبا متنوعا، أصدر عددا كبيرا من الأعمال الأدبية على مدار سنوات ، وذلك قبل أن يخترق عالم السينما والدراما .. حتى بدت ملامح مشروعه ذو الأوجه المتعددة تتجلى شيئا فشيئا.. واستطاع عاما بعد عام وعملا بعد آخر أن يعيد للشاشة وللمشاهد المصري والعربي شغفه بالمتابعة ..
وكشفت أعماله عن سيناريست ومبدع صاحب وجهة نظر ترى أن القيمة العليا على هذه الأرض للإنسان فيما لم تجرفه إغراءات الكتابة المجانية ولا الأفكار السهلة المكرورة ولا المعايير الاستهلاكية للوجبات الفنية رخيصة الثمن سريعة التحضير، بل حمل ولا يزال يحمل هم إشعال "شمعة" في لحظات الإظلام وإعادة القيمة والوزن للأدب والفن في مجتمع اختلت معاييره وحرص أن يكون اسمه "كلمة " باقية في دفتر تاريخ الوطن .... لذا وفي سنوات قليلة رفعته قيمة ما يكتب للشاشة إلى صدارة " كتاب السيناريو" ليستعيد الوجدان المصري معه أمجاد عظماء مثل: يسري الجندي، ومحفوظ عبد الرحمن وأسامة أنور عكاشة.. فحصلت معظم أعماله على جوائز رفيعة داخل وخارج مصر، ومؤخرا فازت جائزة الدولة للتفوق في الآداب بوجود اسمه في سجلات نسختها الأخيرة لعام 2024 .. وما الغريب في ذلك؟!! فهكذا هي مصر .. دائما "تجبر بخاطرنا" وتدهشنا وتضخ في عروقنا الأمل من جديد .. لاسيما في لحظات القتامة الشديدة تماما مثل نيلها مهما كان حاله يروينا ويفيض.. وهكذا ليلها مهما كان حالكا يهدينا كل حين نجما يدل على الطريق.. لنجدد إيماننا بأن الأدب والفن الحقيقي والأصيل يرتفع في النهاية ويرفع صاحبه إلى مقام كريم..
وفي السطور القادمة حوارنا مع الأديب والسيناريست على خلفية فوزه مؤخرا بجائزة الدولة للتفوق ونجاح مسلسله الأخير" الحشاشين" ونعترف أن كل الأوقات مناسبة دائما لحوار مع كمال الذي لا يرتوى من عذوبته إنسانيا وإبداعيا.
· دعنا نبدأ من " الآخر" وتحديدا من حصولك على جائزة الدولة للتفوق في الآداب وقيمتها في نظرك؟
- فرحتي بجائزة التفوق طاغية لأنها من الدولة ولأنها في الأدب وليس في السيناريو أو غيره وطبعا الكل يعرف أني بدأت المشوار وما زلت كاتبا للقصة والرواية وهذا يخص نقطة بعيدة في روحي لهذا كان للجائزة طعم وبهجة خاصة بدأت مشواري رسميا 92 بالقصة ومن وقتها وللآن أصدرت ما يقرب من 12 كتاب متنوع بين القصة والرواية وكتب في الحكي الصوفي ومثلهم غير منشور.. كما أني فقدت الكثير من القصص على الورق خلال تنقلي الدائم من مسكن لمسكن كما يفعل كل من يحضر من الصعيد للقاهرة لاسيما قبل عصر الكمبيوتر وقد طيبت الجائزة جروح ذلك الفقد القديم وأشعرتني أن جهد الرحلة الطويلة لم يذهب سدى، وقد بدأت شاعرا كما بدأ معظم الكتاب باعتباره الأكثر إغراء بالكتابة لكل من هم في البداية لكنني اكتشفت مدى صعوبة أن تكون شاعرا.. وواصلت طريقي في السرد
- حصلت على كثير من الجوائز في السيناريو فما الفرق بينها وبين حصولك على التفوق ؟
- بالفعل حصلت معظم كتاباتي للشاشة على جوائز قيمة ومنها مثلا جائزة أفضل سيناريو عربي عن مسلسل شيخ العرب همام في الأردن وكانت المنافسة شديدة مع مسلسل "عمر بن الخطاب" للمخرج السوري حاتم على ولكن جائزة التفوق في الأدب مختلفة جدا لأنها من الدولة " من بلدي" وفي الكتابة الأدبية التي وهبتها عمري.. و ارتباط الجائزة ببلدك أمر يدعو للفخر وتذكرني بما رسخ في ذهني من صورة قديمة لتكريم الدولة لرموزها فيما كان يسمى يوم العلم وقد كان هذا مما شكل وعيي قديما بقيمة النبوغ والتفوق.
• تجرنا الجائزة للحديث عن مدى متابعتك للجديد في المنتج الأدبي أم أن الكتابة للشاشة أخذت من وقت المتابعة لكل جديد؟
بالفعل من أول الاحتراف الحقيقي في الكتابة للسينما وتحديدا بعد "الرحايا " وعلى جنب يا أسطى" انشغلت لفترة ما عن متابعة المشهد الأدبي وإنتاجه الجديد بشكل كاف معتمدا على مكتبتي وقراءتي السابقة ولكن لأن انتمائي وحبي للأدب أصيل عدت لاسترجاع المتابعة التي فاجأتني بكم ما صدر من أعمال أدبية متنوعة وحقيقي مصر "مدهشة" لأن هذا يحدث في وقت تتراجع فيه مستويات القراءة وانصراف الشباب عن الثقافة
(نجاح الحشاشين)
· مازالت أصداء آخر عمل لك " الحشاشين" الذي عرض في رمضان تتردد ونجاحه كان لافتا فهل تراه أنجح أعمالك؟
بالفعل نجاح "الحشاشين" تجاوز محيطها إلى التأثير الإقليمي والدولي فاهتمت بها دوائر وميديا في إيران حتى حظرت عرضها وتناولتها كذلك وسائل إعلام في روسيا وفي السويد تعرضوا له في أحد برامحهم الشهيرة
· وما سر هذا النجاح في نظرك؟
أعتقد أن فكرة المسلسل وموضوعه مس وتر حساس في العقل المصري والعربي والدولي أو الإنساني بشكل عام حيث يتصدى لفكرة انحراف العقل الإنساني ( أو ما نراه نحن انحرافا) لأن يقود الناس للموت باسم الله وهى فكرة عانى منها الغرب والشرق وهى ليست حكرا على الإسلام ولا على مذهب دون غيره فهذه الشخصيات والأفكار موجوده طوال الوقت وفي كل الأديان وفي كل مراحل التاريخ
· وكيف تصديت لكتابة شخصية مركبة مثل " الصباح" وما العقبات التي واجهتك في نقل دواخلها للمشاهد ؟
هي أصعب شخصية كتبتها في حياتي فعلا، وقد أخذت وقتا طويلا في كتابتها وحتى قبل أن أبدأ في كتابتها، قضيت وقتا طويلا في حيرة من ومع هذه الشخصية التاريخية وكيفية التعامل معها وكشف أبعادها للمشاهد حتى وصلت إلى مفتاح مريح في كتابتها وهو قراري بألا أكره "الصباح" ولا أحبه؛ مؤمنا بأنه ليس دوري هذا وإنما دوري هو عرض الشخصية فنيا بشكل واف وبموضوعية للجمهور بعيوبها ومزاياها وموضوعيتها ورماديتها ، ومن ثم أترك له الحكم النفسي على الشخصية التي يراها
· وماذا عما وجدته تاريخيا ومعلوماتيا في الكتب عن تلك الأسطورة؟
معظم كتب السنة تراه شيطانا وفي المقابل كتب الشيعة تراه ملاكا وقد جمعت عنه كل ما توفر وضفرت في كتابته بين خيال الأدب ومعلومات التاريخ وعن نفسي أستوحي التاريخ ولا ألتزم بمعلوماته.
لكن المؤكد أنه من العقول البشرية الكبيرة حتى لو كان منحرفا ومثل هذه العقول تكون دائما محملة بأسئلة وارتباكات وهموم كبرى وتأتي نهاياتها كذلك مربكة
(الفصحى والعامية)
· ألم يكن غريبا كتابة موضوع مثل هذا بأبعاده التاريخية باللهجة العامية المصرية؟
كنت أنوى كتابته بالفصحى لكننى آمنت بفكرة أن العمل كلما كان معقدا وتاريخه متشابك فالأفضل تبسيطه، ثانيا العامية المصرية فصيحة بدرجة كبيرة وتاريخها ممتد وهى مفهومة في كل الأقطار العربية.. وفي المقابل نجد أن لغة هذا العصر الذي تصدى له العمل وخاصة في الكتب لغة صعبة ومليئة بالمبالغات وفي زمانه وقتها كان أثر الفلسفة والمتكلمين واضح علي المؤلفات لذا اخترت أن تكون لغة العوام داخل العمل عامية بسيطة أما لغة الصباح وسيحون والخيام ومثلهم من العقول المؤثرة أعلى درجة مما يناسب عقولهم وتأثيرهم.
· وهل شاركت المخرج في اختيار الأبطال ؟
اختيار الأبطال حق أصيل للمخرج ويستشار فيه المؤلف استشارة مهمة وكبيرة ، لأنه صاحب ذاكرة بصرية أقوى وعينه في الكاميرا، أما أنا ككاتب ومؤلف فمندمج في الكتابة معظم الوقت ، وحتى عند الاختلاف في اختيار الشخصيات أغلّب رأي المخرج ، لأنها في النهاية مسئوليته هو.
· وكيف رأيت اختيار بيتر ميمي للنجم كريم عبد العزيز بطلا لتلك المعركة الدرامية الكبرى؟
كريم عبد العزيز بذل جهدا كبيرا وأعتقد أنه لم يظهر بهذه الحالة من قبل، رغم كل ما قدمه من أعمال سابقة، وهو التعامل الأول معه ووجدته شديد الأدب والاحترام للدراما وأسئلته دقيقة وحقيقية فيما يخص الشخصية التي يجسدها، ولم يتعامل مع الشخصية باعتباره نجم بل كان مشغولا بها وقلقا منها. وكذلك كل نجوم العمل فتحي عبد الوهاب وأحمد عيد ونيكولا معوض وجميع الأبطال كانوا في أفضل ظهور فعلا.
· هل تهتم بملامح الشخصيات الثانوية في الكتابة مثلما تهتم بالأبطال؟
ليس هناك في الدراما ولا في الحياة " شخصية ثانوية" وهو ما أقوله دائما وأؤكده لطلابي في " معهد السينما" حيث أدرس لهم " مادة فن الكتابة" فالله لم يخلق شخصية ثانوية في الوجود وليس هناك مخلوق مجاني ليس له قيمة في الحياة وكذلك في الدراما.. ربما يكون قليل الظهور أو يظهر بشكل عابر لكن حجم تأثيره يكون كبيرا وهذا الفهم ما يجعلني أهتم بجميع الناس وبالإنسان بشكل عام لكونه إنسانا قبل أى اعتبار..
· يتردد أن لك طريقة خاصة في الكتابة وفي التعامل مع المخرجين فما هي طريقة عبد الرحيم كمال الكاتب في تنفيذ سيناريوهاته؟
أنا أعشق الكتابة لكنها ليست كتابا مقدسا وفكرة الناس عن الكاتب وما يكتب تحتاج لمراجعة، فالرواية والقصة تختلف عن " السيناريو" الذي هو نص وسيط بين الأدب والشاشة وفيه تصنيع وتشاور وتفاهم مع فريق العمل وعلى رأسهم المخرج.. وجميع من عملت معهم من المخرجين كانوا رائعين ولم يحدث بيننا مطبات من أى نوع،
(أرفض الورشة)
· هل معنى ذلك أنك تعمل وفق ورشة عمل وهى موضة هذه السنوات؟
بالطبع لا، فمعنى الورشة ومفهومها المنتشر هذه الفترة في كتابة السيناريو " مهين" بالنسبة لى لأنني أكتب بيدي ويحدث تشاور وتفاهم مع المخرج ونتبادل وجهات النظر بناء على المنطق وليس " الشخصنة" لكن لا يمد أحد يده في الورق أنا أكتب وأعدّل وأضيف وأحذف بالتشاور لصالح العمل ودوري ينتهى مع نهاية آخر حلقة تعرض ولست ممكن يكتبون ويسلمون الورق للمخرج و"يمشوا" فليس هناك كاتبا " محترما" يسلّم " ورقه" للمخرج ويمشى فهذا لا يحترم مهنته
· معنى ذلك أن تظل رهن إشارة العمل حتى آخر ثانية عرض؟
أنا في حالة عمل مستمر من أول اختيار العمل واسمه وأول حرف فيه إلى آخر ثانية فمثلا إلى يوم 27 رمضان كنت بكتب الـ " narration " الخاص بالحلقة الأخيرة للحشاشين ، وقبل ذلك بيومين كنت مع المخرج في المونتاج للتدخل في حالة حذف جملة أو شيء ما غير متسق لتظبيطه قبل العرض.
· ما الذي تفضله كمنهج في التعاون مع المخرج هل وجود فريق عمل دائم لا يتغير أم تفضل التنوع والاحتكاك بأكثر من مدرسة في الإخراج؟
هناك مدرستان في النظر لهذا الأمر الأولى تنادي بالحفاظ على "تيم وورك" ثابت بدعوى التفاهم والانسجام الذي يحقق أفضل نتيجة والثانية هى التنوع والتعدد والاحتكاك بمدارس ووجهات نظر مختلفة وأنا أفضل الأخيرة حتى لو لم يكن المخرج رائعا لكن التنوع أجمل وأكثر ثراء
فتجربة كتابة السيناريو ليس كتابة فقط وإنما تواصل وفهم وكيميا بينك وبين المخرج وليس كونه منفذ فقط للورق الذي تكتبه، وفي نظري أن المخرج لابد أن يقع في غرام الورق الذي بين يديه بعيدا عن علاقته بالسيناريست وإذا لم يحدث هذا فالمشكلة تكون في الكاتب.. وليس مهما أن يحبك أنت كمؤلف وإنما يحب الورق وإذا كان هناك معنى حقيقي للورشة فهى تلك التي تحدث بين السيناريست وبين المخرج منذ إعلانه بالفكرة وقبل البدء فيها وذلك المزيج العضوي بينهما حتى يشعر المخرج أنه هو الذي كتب وليس المؤلف
(معيار واضح)
· وكيف تختار موضوعك الجديد الذي تقرر كتابته هل بالإلهام على طريقة الشعراء أم لك جدول مرتب للأفكار تنهى فكرة لتبدأ أخرى ؟
ليس لدى معيار واضح لطريقة اختياري للموضوعات التي أكتبها وهو ميكانيزم صعب وصفه والقبض على ملامحه فلا هو إلهام ولا هو قرار أو بحث، بل هو مزيج من كل ذلك وهناك شواغل وهواجس وأسئلة مؤرقة في الكتابة والعقل لأنه مركب.. يخزنه ويخرجه بطريقة ما وفي وقته فمثلا " الخواجة عبد القادر" ظل يشغلني حتى قبل "الرحايا" وقبل "على جنب يا أسطى" وكتبته قصة وحاولت كتابته رواية ولم تكتمل حتى ظهر بالصورة المرضية في الدراما، وأقرب تصوير لهذه العملية هى أن العقل البشري مثل الرحم والأفكار تبدأ مثل النطفة التي تأخذ مراحل الجنين حتى تكتمل وتخرج للنور.
· وهل تشعرك بعد كل هذه الإصدارات والأعمال على الشاشة أنك قلت ما تريد ؟
بالعكس أشعر رغم كل هذه الأعمال وكل ما سجلت فيها من آراء وأفكار أنني لم أكتب سطرا واحدا مما يشغلني وأن لدى الكثير مما أريد أن أقوله أو أكتبه، طول الوقت اسأل نفسي هل قلت ما أريد وهل وصل فعلا للناس،
· مر على مصر والعالم كتاب وفنانون أصحاب مشاريع كبرى وإنتاج ثرى كما وكيفا و متعدد الوجوه ويبدو أن عبد الرحيم كمال أحد هؤلاء الكبار في تاريخ الكتابة فما تسعى لإنجاز مشروع ما في حياتك فعلا؟
أظن أن زمن المشارع الكبرى انتهى من العالم كله فقديما كنا نرى مثلا " فيليني" في السينما في إيطاليا وفي الأدب " كواباتا" الياباني صاحب نوبل ، والألماني العالمي "هيرمان هيسه" و الروسي "تولوستوي" وطبعا " نجيب محفوظ " في مصر أما الآن في العالم كله فنرى أفرادا وليس مشاريع ، فالعالم بعد الحداثة والعولمة سجن المبدعون في فرديتهم وهذا مقصود في المسار العالمي أن يتحول الشخص أو الإنسان في مكانه إلى سجين موبايله المضيء الذي يقضي معه الساعات منقطعا عن العالم الحقيقي غير مكترث منحني الرأس متوفر لديه نسخة من كل ما يحلم به من بيت أو ملابس أو تابلت حتى لو كانت "كوبي" المهم أن ينصهر في دائرة الاستهلاك السرمدية وهذا بدوره يتجلى في الأدب فظهر الكاتب الفرد المشغول بهمه الذاتي جدا رغم أن بلادنا وثقافتنا ما زالت محملة بما يسمح بظهور هذه الأنواع من المشاريع التي تدافع عن ثقاتنا وهويتنا وملامحها الاصيلة
· لكن منتجك الأدبي المتنوع وكذلك أفكارك في السينما والشاشة تؤكد على انشغالك بأفكار وهم ما تحاول البوح به في كل عمل بطريقة ما؟
عن نفسي في البداية وحين كنت صغيرا لم أكن منتبها لهمي أو لفكرة ملامح مشروعي في الكتابة بشكل عام ومع الوقت بدأ الشعور بالهم الضاغط من أجل ترسيخ أفكار وقيم معينة وربما بدأت تتشكل ملامح هذا المشروع الذي تشير إليه تدريجيا وربما لهذا السبب لا أفضل فكرة " الورشة" في الكتابة وأفضل أن أكتب " بإيدي" رغم أنها فكرة جيدة أنتجت أعمالا ناجحة لكنها تفتقد البصمة الخاصة ووجهة النظر النابعة من عقل الكاتب وإيمانه بها وانشغاله بالتأكيد عليها..
( الثقافة العالمية)
· وما قيمة الكاتب في نظرك وما الذي يمكن أن يضيفه للعالم؟
أنا ككاتب حامل ملامح الماضي وأصالته وفي الوقت ذاته حامل هم التغيير ومفاتيحه وتلك مسئولية كبيرة جدا وتلك الثقافة العالمية لا تريدك هكذا بل تريدك شخصا ما تعيش أيامك على الأرض تأكل وتلبس وتستهلك وتموت بلا أثر أما صاحب وجهة النظر " السهم الجارح" الذي يحمل أصالة الماضي والنظرة للمستقبل سواء في الكتابة أو الإخراج أو الشعر فصار مرفوضا في المسار العالمي
· وكيف ترى من موقعك ككاتب مصري مسار الثقافة العالمية وتحدياتها؟
للأسف الثقافة العالمية تتجه كما أشرت لمحاربة فكرة " الفردية" والأصالة" وتسعى لتذويبها كأنها " جلطة" وإن لم تستطع فتتجه لتسليعها وتثمينها بحيث يتحول المبدع هنا لسلعة تباع وتشترى فترى مثلا في كرة القدم " ميسي" ورونالدو" وانسجاما مع هذا ظهرت " الورش" الإبداعية التي تذوب فيها وجهة النظر بينما على الكاتب أن يكون "سهما جارحا " وليس صوتا رماديا ومحايدا..
· على ذكر المواهب ألا تتفق معي أن الأدب والفن وفي ظل انفلات المعايير قد تعرضا لهجوم من المدعين وأنصاف المواهب؟
بالفعل تجرأ كتيرون على الأدب وعلى الفن وعلى الإبداع وعلى جميع المهن الفنية ، لكن ذلك له وجهان بالمعنى الإيجابي مرة والسلبي مرة، فكثير من المواهب الضعيفة والمتوهمين حشروا أنفسهم وسط الموهوبين ولكن من زاوية أخرى فإن الزمن" فراز" فلابد أنه سيصفي هؤلاء ويبقى صاحب الصوت الحقيقي والأصيل، وكلما زادت عدد المحاولات زاد العدد النهائي للمواهب الحقيقية.
· منذ أيام تولى حقيبة الثقافة وزير جديد هو الفنان التشكيلي د. أحمد هنو فما الذي ترجوه منه لمصر أو من أى وزير ثقافة بشكل عام؟
الثقافة المصرية تحتاج عملية إفاقة عاجلة من تراجع مستمر في نواح شتى منذ سنوات طويلة، وعلى وزير ثقافة مصر- أى وزير- أن يكون لديه إحساس بالهوية المصرية الذي يمثل ثقافتها وأهمية تاريخ مصر الثقافي وأن يعلم أنه على رأس وزارة هى الأخطر بالنسبة للمواطن ولشكل وقيمة مصر ووزنها الإقليمي والعالمي.
· كتبت الكثير من المقالات عن حصار غزة ولك رأي في هذه الحرب الغاشمة وتبعاتها فكيف ترى مستقبل هذا الصراع ككاتب وصاحب وجهة نظر وهل يمكن أن تجسدها فنيا على الشاشة في عمل؟
- أتمنى أن يترجم ما يحدث في غزة وأن يكون له مردود على شخصي وذاتي قبل أن يكون له مردود على الشاشة وأرى أن ما حدث منذ 7 أكتوبر حتى الآن على المستوى العالمي والإقليمي أمر جلل وخطير وسيكون له تأثيرات عظيمة في المستقبل وقد بدأت ملامحها فعلا على الصعيد العالمي ورغم أنها تبدو كمأساة وكارثة وخسائرها عظيمة ورغم الدمار الهائل لكن أطفال العرب وأطفال العالم تشربوا من جديد حقيقة هذا المحتل وجوهر هذا العداء وحقيقته بعيدا .
سيرة مختصرة للضيف:
- روائي وأديب وسيناريست من مواليد 30 أكتوبر 1971 بسوهاج بصعيد مصر
- تخرج في المعهد العالي للسينما قسم السيناريو عام 2000.
- كتب وأصدر عددا الأعمال الأدبية المتنوعة منها "رحلة إلى الدنمارك وبلاد أخرى، ظل ممدود، صاحب الوردة، أبناء حورة، قصص بحجم القلب، بوابة الحانة، منطق الظل
- - بدأ مشواره للشاشة بكتابة ﺳﻴﺖ ﻛﻮﻡ "شباب أون لاين" عام 2002.
- كتب للسينما فيلم " كان على جنب يا أسطى بطولة النجم أشرف عبد الباقي عام 2008.
- وانطلق مع الدراما بأول أعماله مع النجم الكبير الراحل نور الشريف في "الرحايا - حجر القلوب" عام 2009.
- توالت بعد ذلك نجاحاته في الدراما في عدة أعمال منها: "شيخ العرب همام (آخر ملوك الصعيد)، الخواجة عبد القادر، دهشة ، ونوس ، نجيب زاهي زركش، فضة، زلزال ، أهو ده اللي صار، وأخيرا " الحشاشين 2024
- قدّم مع المخرج شريف عرفة فيلمه الملحمي "الكنز" في جزأين (الحقيقة والخيال 2017 - الحب والمصير 2019"
- آخر أفلام عبد الرحيم كمال "خيال مآتة" مع أحمد حلمي عام 2019.
- فاز مؤخرا بجائزة الدولة للتفوق في الآداب كما فاز من قبل بعدد كبير من الجوائز عن سيناريوهات أعماله الدرامية في مصر والوطن العربي.
اترك تعليق