تمر اليوم ذكرى رحيل ثلاثة من أعلام الكوميديا في الوطن العربي، الذين أضاءوا حياتنا بضحكاتهم وإبداعاتهم. في الخامس من يوليو، فقدنا ثلاثة من نجوم الكوميديا: محمود فرج، عبد السلام النابلسي، ومحمد نجم.
ورغم اختلافهم في الأسلوب والشخصيات التي قدموها، إلا أنهم اجتمعوا في حب الفن وإسعاد الجماهير.
محمود فرج: "عفركوش" السينما المصرية
ولد محمود فرج في 22 يناير 1933، وبدأ حياته كرياضي قبل أن تكتشف السينما المصرية موهبته الجسدية وتستغله في أدوار رجل العصابات.
كانت نقطة التحول في مسيرته الفنية هي دوره الشهير "عفركوش" في فيلم "الفانوس السحري"، الذي أثبت فيه قدرته على تقديم الكوميديا بجانب أدوار الشر التي تميز فيها. قدم فرج العديد من الأفلام مثل "شاطئ الأسرار"، "إسماعيل يس طرزان"، و"صراع في النيل". رغم الأدوار الشريرة التي أجاد تقديمها، إلا أن خفة دمه وابتسامته العفوية جعلته محبوبًا لدى الجماهير. عانى فرج طويلاً من مرض السكري، الذي أدى إلى بتر إحدى قدميه، وتوفي في 5 يوليو 2009 عن عمر يناهز 76 عامًا.
عبد السلام النابلسي: الكونت الذي أضحك الجميع
عبد السلام النابلسي، المولود في 23 أغسطس 1899 في طرابلس بلبنان، انتقل إلى القاهرة في العشرينيات حيث بدأ مسيرته الفنية في الصحافة قبل أن يتحول إلى التمثيل. لُقب بـ"الكونت" في الأوساط الفنية، واشتهر بأدوار الشاب المستهتر والمضحك. كان أول ظهور له في فيلم "غادة الصحراء" عام 1929، ومن ثم تألق في العديد من الأفلام مثل "العزيمة"، "ليلى بنت الريف"، و"إنت حبيبي". رغم أدواره الكوميدية، إلا أنه قدم أيضًا أدوارًا ذات طابع إنساني عميق كما في فيلم "أرض السلام". عانى النابلسي من مشاكل مالية في سنواته الأخيرة بسبب إفلاس بنك "أنترا" في بيروت، وتوفي في 5 يوليو 1968 جراء أزمة قلبية حادة.
محمد نجم
الساخر
محمد نجم، المولود في 6 مارس 1944، بدأ مسيرته الفنية في أوائل السبعينيات بأدوار صغيرة في السينما والتلفزيون. سرعان ما أسس مسرحه الخاص واتجه إلى الكوميديا المسرحية، حيث أصبح علامة بارزة بفضل أدائه الساخر وحركاته الكوميدية الفريدة. من أشهر مسرحياته "عش المجانين"، التي اشتهر فيها بمقولته الشهيرة "شفيق يا راجل!"، والتي حققت نجاحاً كبيراً في الوطن العربي.
توفي نجم في 5 يونيو 2019 عن عمر يناهز 75 عامًا بعد دخوله في غيبوبة استمرت يومين.
رغم رحيل هؤلاء النجوم، إلا أن أعمالهم تظل خالدة في ذاكرة محبي الفن.
لقد أثبتوا أن الكوميديا ليست مجرد ترفيه، بل هي وسيلة للتعبير عن قضايا المجتمع ومشاكله. من خلال أعمالهم، نقلوا لنا الفرح والابتسامة، وأكدوا أن الضحك هو أجمل هدية يمكن أن نقدمها للإنسانية.
إن ذكرى هؤلاء العمالقة الثلاثة تذكرنا بأن الفن لا يموت، وأن الضحك هو اللغة التي يفهمها الجميع، مهما اختلفت الثقافات واللغات. فرحيلهم كان خسارة كبيرة، لكن إرثهم الفني سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة.
اترك تعليق