عندما نشرت الصحيفة تقريراً مهنياً رفعنا لها "القبعة".. ولكن عندما تتجاوز فى حق مصر نرفع لها "البيادة"
فرق كبير بين قيادة دولة بحجم مصر وإدارة سوبر ماركت
التصرف بذكاء مع حماقة جيش الاحتلال لاتعنى الضعف ولعل الأمر السيادى بالتعامل فورا مع أى مصدر نيران من رفح الفلسطينية يكفى للرد على ادعاءات الصحيفة الحمقاء
قرأت منذ يومين تقريراً نشرته صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، تناول التعامل المصرى مع الاستفزازات الإسرائيلية أثناء توغلها فى رفح الفلسطينية، واستغربت جداً من معدل الحقد والغل والكراهية لمصر الذى كان يقطر من كل كلمة فى هذا التقرير الذى اكتشفت من أسطره الأخيرة سبب كل هذا الحقد والغل والكراهية لمصر وجيشها ورئيسها، وكما يقول المثل "إذا عُرف السبب بطُل العجب".
فى البداية وحتى لا يتهمنا أحد بالازدواجية سواء أكانت النيويورك تايمز أو أتباع خونة الأوطان الذين تبين أن هذه الصحيفة الأمريكية أصبحت المتحدث الرسمى باسمهم فإننى اقول إننى منذ ايام قليلة كتبت مقالاً أشدت فيه بمهنية تقرير نشرته هذه الصحيفة نفسها ورفعت لها القبعة عندما كشفت فى هذا التقرير الجرئ معدل التعذيب الذى يتعرض له المعتقلون الفلسطينيون فى السجون الإسرائيلية، وقلت إن فى ذلك جرأة لم نعهدها فى الصحافة الأمريكية التى تعتبر أن أى أمريكى يهاجم إسرائيل أو أى شئ له علاقة بإسرائيل يعرض نفسه للاعتقال والخطر أكثر مما لو هاجم الحكومة الامريكية أو الرئيس الأمريكى نفسه.
ثلاثة أسماء اشتركت فى كتابة هذا التقرير المسموم هم: "فيفيان يى" مراسلة الصحيفة فى شمال أفريقيا والشرق الاوسط، و"عماد مكى" المصرى المقيم بمحافظة الجيزة ومراسل الصحيفة من مصر الذى لا يخفى توجهاته فى تقاريره السابقة ضد مصر، و"إيزابيل كيرشنر" مراسلة الصحيفة فى القدس المحتلة وتقدم تقارير عن الشئون الاسرائيلية والفلسطينة منذ عام 1990، وأعتقد أن تلاثتهم متفقو الفكر والرؤى والتوجهات المضادة لكل ماهو مصرى ووطنى وداعمين لكل ما من شأنه أن يشوه صورة القوات المسلحة المصرية فى أعين المصريين، وما يكسر صمود المصريين أمام التحديات.
التقرير بدأ بهجوم على مصر ورأى كاتبوه أنه على الرغم من أن إسرائيل وصلت إلى ممر فلادلفيا فى رفح الفلسطينية إلا أن مصر صمتت ولم تحرك ساكناً لأنها اختارت الهدوء والسكون حفاظاً على خيار حماية معاهدة السلام مع إسرائيل مهما كانت الاستفزازات الإسرائيلية، التقرير قال أيضاً إن معاهدة السلام ولدت اتفاقا أمنيا واستخباراتيا ضد المتمردين فى شمال سيناء، (لاحظ أن التقرير سمى الإرهابيين متمردين) وأن مصر حريصة على المصالح المشتركة مع الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر من حرصها على الأمن القومى المصرى، وأن مصر لم تتخذ خطوات جادة لمنع الاستفزازات الاسرائيلية.
كاتبو تقرير النيويورك تايمز مع الاسف لا يفرقون بين قيادة دولة بحجم مصر وبين إدارة سوبر ماركت، ولا يعرفون أن مصر لا تتخذ مواقف عنترية غير محسوبة العواقب تخسر بسببها عشرات الالوف من ابناء شعبها لمجرد نيل صيحات التشجيع والحصول على شعبية زائفة فى أوساط جماعات الظلام التى كانت سببا فى تحويل مصر خلال سنة واحدة من دولة إلى شبه دولة.
ثم ان مصر هى وحدها الاقدر على تحديد ما يهدد امنها القومى وتتعامل معه بالطريقة التى تراها وفى التوقيت الذى تراه ،ولا يملى عليها احد مهما كان كيف تتصرف للحفاظ على امنها القومى.
إن هدوء مصر وتعاملها بذكاء وحكمة مع ملف القضية الفلسطينية لايعنى الضعف، والدليل على ذلك أن التعليمات صدرت من اعلى مستوى سيادى فى مصر بعد واقعة استشهاد فرد الامن المصرى برفح بالرد الفورى على اى مصدر نيران من الجانب الآخر من معبر رفح، وهذا وحده جعل قوات الاحتلال تتراجع عن استفزازاتها وحماقاتها وتوقف التفكير فى اختبار صبر الجيش المصرى الذى هو الآن على أهبة الاستعداد لتنفيذ أية مهمة يكلف بها فى أى مكان وفى اى وقت وبالشكل المناسب.
ثم ما هى تلك الخطوات الجادة التى يريدون لمصر أن تتخذها حتى يرضوا عنها؟ هل يسعدهم أن تدخل فى مواجهة عسكرية مع إسرائيل؟!.. إنه اسلوب اللف والدوران تماما كما يفعل أنصار واتباع جماعات الظلام الذين يتمنون ان يروا مصر فى مواجهة عسكرية مع إسرائيل باى ثمن حتى تضيع جهود سنوات من التنمية والبناء وحتى يستمتعوا بمشاهد الخراب والدمار فى كل مكان بمصر ولا يعلمون أن الله هو حافظ أرض الكنانة من أى شرور، وسيرد كيدهم فى نحورهم.
زاد كاتبو التقرير من حقدهم على مصر عندما ادعوا إن مصر تصمت حتى لا تخسر 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية أمريكية كل عام، ونسوا ثلاثتهم ان مصر سبق أن طالبت بنفسها مرات عديدة بوقف هذه المساعدات لأنها تأتينا فى شكل قطع غيار للمعدات العسكرية الأمريكية لدى مصر وتستفيد منها فى المقام الأول المصانع العسكرية الامريكية، وعندما هدد أعضاء فى الكونجرس الامريكى منذ سنوات بوقف إعطاء مصر مبلغ الـ 1.3 مليار دولار اسرعت المصانع العسكرية هناك برفض هذه الدعوى لأنها ـ أى هذه المصانع ـ ستكون هى الخاسر الأول والأخير من وقف هذه المساعدات.
وأخيرا يظهر السبب الداعى للعجب .. فقد استخدم التقرير عبارات مثل "المتمردين" بدلا من "الإرهابيين" فى سيناء، وقال "جماعة الاخوان المسلمين وهى جماعة الاسلام السياسى" وليس جماعة الاخوان التى تعتبرها مصر والمصريين جماعة إرهابية وقال "مرسى اول رئيس منتخب فى مصر"!!.. وقال أيضاً "إن الرئيس السيسى استولى على الحكم بانقلاب عسكرى" وليس بتفويض شعبى وثورة شعبية هزت العالم كله فى الثلاثين من يونيو، كل هذه العبارات كشفت بدون شك أن صحيفة النيويورك تايمز هى المتحدث الرسمى باسم خونة الوطن، وانها عندما نشرت تقريرا يكشف تعذيب المعتقلين الفلسطينيين فى السجون الاسرائيلية رفعنا لها القبعة ، ولكن عندما تنشر تقريرا كهذا الذى نتحدث عنه يهاجم مصر ويسئ إلى رئيسها الوطنى فإننا نرفع "بيادة" أى فرد من القوات المسلحة المصرية فى وجه الصحيفة التى حاولت بشتى الطرق تشويه صورة القوات المسلحة ووحدة المصريين ورئيسهم.
مثل هذه التحليلات من بعض موتورى الفكر مثل كتاب تقارير النيويورك تايمز لا تهز شعرة عند المصريين الذين يثقون فى قيادتهم ثقة عمياء، ويؤيدون كل تحرك من الرئيس السيسى فى سبيل الحفاظ على الأمن القومى المصرى والتعامل مع ملف القضية الفلسطينية بحكمة وحنكة وهدوء، وأن ثقتهم فى قواتهم المسلحة أكبر مما يتخيلون، فلولا تعامل القيادة السياسية بحكمة ورؤية بعيدة المدى للمستقبل القريب والبعيد لكانت مصر مثل دول اخرى كثيرة من حولنا لا تنعم بأى هدوء ولا امن ولا استقرار سياسى واقتصادى واجتماعى.
سيظل الإخوان الإرهابيون يحاولون ولن يملوا من المحاولة لاسقاط مصر وبث الفتنة بين الشعب وقائده والقوات المسلحة، ولكن الله دائما يرد كيدهم فى نحورهم لأنهم ببساطة خونة لا يعرفون للوطن معنى ولا للانتماء قيمة ولا للشرف سبيلاً، وتساعدهم فى ذلك بعض وسائل الإعلام الأمريكية ومنها النيويورك تايمز.
[email protected]
اترك تعليق