من أهم تداعيات او نتائج هجمة طوفان الاقصي ماظهر من ان يهود العالم ليسوا جميعا تابعين لاسرائيل يأتمرون بامرها ويتحركون وفق ارادتها .. هناك بينهم اصحاب ضمائر حية يرفضون جرائمها ويرون انها لاتمثلهم بل هي مجموعة مجموعة من العصابات تتستر وراء الدين اليهودي لتغتصب ارض شعب مسالم وتشرد ابناءه.
وكان الطلبة اليهود الذين شاركوا في مظاهرات دعم غزة واتباع بعض الطوائف اليهودية والطيار اليهودي الذي اضرم النار في نفسه مجرد امثلة علي ذلك .. وقبل ايام كنا علي موعد مع مثال اخر وهو "ليلي جرينبرج كول" المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية التي استقالت احتجاجاً علي العدوان الغاشم لاهالي غزة لتصبح اول مسئول يهودي امريكي كبير يستقيل لهذا السبب.
وفي محضر تبريرها للاستقالة قالت انها ترفض الدعم الكارثي والمستمر الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل في الإبادة الجماعية التي ترتكتبها في قطاع غزة.. واتهمت جرينبيرج الرئيس الامريكي بايدن "باستغلال النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة لزيادة شعبيته مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي علي حساب شعب يتعرض للابادة.
وترجع اهمية هذا الموقف الي ان كول شاركت في الحملة الانتخابية لبايدن وكانت من الناشطين والمدافعين عن إسرائيل لفترة طويلة في واشنطن وأماكن أخري قبل انضمامها إلي الحكومة .. وها هي تنشر خطاب استقالتها بشكل علني احتجاجاً علي الدعم العسكري والدبلوماسي الذي تقدمه إدارة بايدن للعدوان الاسرائيلي الذي يمر بشهرها الثامن وجاء في الخطاب" لم يعد بإمكاني بضمير مستريح الاستمرار في تمثيل هذه الإدارة وسط دعم الرئيس بايدن الكارثي والمستمر للإبادة الجماعية لاهالي غزة ".
واعربت عن رفضها لتصريحات بايدن خلال احتفال نظمه البيت الابيض بعيد الحانوكا اليهودي عندما قال "لو لم تكن هناك اسرائيل فلن يكون هناك يهودي آمن في العالم".. وقالت ان اليهود ينتشرون في العالم بلامشاكل ولايحتاجون اسرائيل لحمايتهم ورفضت ايضا تصريحات بايدن التي قال فيها ان حركة "حماس" في 7 أكتوبر كانت مدفوعة "برغبة قديمة في إبادة الشعب اليهودي".. مضيفة أن أجدادها لقوا حتفهم بسبب "عنف ترعاه الدولة" كما تفعل اسرائيل.
ونأتي الي مثال اخر من اسرائيل نفسها هذه المرة .. وهذا المثال ليس جديدا لكنه برز مع العدوان الاسرائيلي علي غزة .. انه المؤرخ الاسرائيلي "إيلان بابي" الذي ارتكب "جريمة لاتغتفر" عندما أعاد النظر في التاريخ المزيف الذي تدعيه اسرائيل لنفسها.
وهو في الحقيقة ليس حالة منفردة.. فهو فقط ابرز اعضاء تيار "المؤرخون الجدد" في اسرائيل وهذا الاسم يطلق علي الذين أعادوا النظر بشكل نقدي في تاريخ إسرائيل والصهيونية .. فهو يرفض مزاعم اسرائيل بان ارض فلسطين من حق اليهود ولايوجد مايسمونه وعد الهي بان تكون هذه الارض لهم .
وقد بدأت المؤسسة الحاكمة في اسرائيل التضييق عليه بعد نشر كتابه " التطهير العرقي في فلسطين عام 1948 وفي هذا الكتاب اكد ان 800 الف فلسطيني وقتها تم تهجيرهم قصرا ولم يهاجروا طواعية كما تزعم اسرائيل.
وله كتاب اخر هو " فلسطين..أكبر سجن علي وجه الأرض" يروي فيه معاناة الشعب الفلسطيني .. ولامجال للطعن في اراء بابي لانه أكاديمي إسرائيلي لايهمه سوي الحقيقة ومعترف بريادته العلمية واعتماده علي المعلومة الموثقة بدلا من السرديات الشائعة وكانت الوثائق الحكومية السرية مصدره الرئيسي وسبق له ان حاضر في عدد من الجامعات الاوروبية المرموقة.
اترك تعليق