أثبت القطاع الخاص كفاءته فى إدارة المشروعات وتحقيق أهدافه الموضوعة بكل دقة، فلا يوجد فى قاموسه كلمة «الخسارة» ومن المحظورات فى حساباته "الفشل"، لذلك يحقق النجاح ويجنى المكاسب، وهو ما شجع الدولة مؤخراً على إشراكه فى مشاريع التنمية جنبا إلى جنب مع القطاع الحكومى من أجل المساهمة فى دفع عجلة الاستثمار والتنمية ومن ثم نمو الاقتصاد القومى، وخلال افتتاح واحد من أكبر وأهم مشاريع التنمية فى مصر "مستقبل مصر الزراعي"، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أهمية القطاع الخاص فى تولى وإدارة مثل تلك المشروعات، لما حققه من نجاحات فى هذا المجال.
"الجمهورية أون لاين" ناقشت أساتذة الاقتصاد والمتخصصين فى ملامح الدور المتعاظم للقطاع الخاص فى كل القطاعات، خاصة القطاع الزراعي، حتى تتحول مصر إلى سلة غذاء للعالم.
قال الدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع؛ إن القطاع الخاص له دور مهم جدا فى التنمية، وهو أحد جناحى التنمية التى تقوم على جهود الدولة والقطاع الخاص، لكن خلال السنوات الماضية كان هناك دوراً أكبر للدولة بحكم أنها كانت فى حاجة إلى الكثير من المشروعات القومية والبنية التحتية التى تساعد القطاع الخاص على العمل، كما أنه لم يكن من الممكن تحميل القطاع الخاص مسؤولية كبيرة فى ظل تداعيات أزمة فيروس كورونا وعدم جاهزية البنية التحتية كى تناسب مشروعات القطاع الخاص، وبعد تهيئة الاقتصاد المصرى للانطلاق وتوقيع العديد من الاتفاقيات الدولية والانخراط فى الكثير من التكلات الدولية وما قامت به داخليا من تقديم العديد من المبادرات والتمويل والتحفيز والتفاهم مع القطاع الخاص والتواصل معه والاستجابة لكثير من مطالبه أصبح المناخ هذه الفترة أكثر ملائمة لكى يتفاعل معه القطاع الخاص لاسيما مع إعلان الدولة مرارا أنها سوف تفسح المجال للقطاع الخاص من خلال الكثير من المحاور من ضمنها تنفيذ وثيقة سياسات ملكية الدولة والتى بموجبها ستنسحب الدولة من عدد من القطاعات عبر تمكين القطاع الخاص من خلال الشراكة معه أو طرح عدد من الشركات فى البورصة وطرح نسب من الشركات لمستثمر استراتيجى وغير ذلك من الآليات التى تساعد على تمكين القطاع الخاص.
وتابع: "المناخ مناسب لزيادة نشاط القطاع الخاص الذي هو مدعو لكي يكون أكثر تفاعلا بما تقدمه له الحكومة من حوافز وضمانات، وفي القطاع الزراعي نجد أن القطاع الخاص هو الأساس بطبيعة الحال إذ أن الأراضي الزراعية فى الوادي والدلتا مملوكة لمواطنين ويقومون بزراعتها والأراضى الجديدة فى معظمها ملك المواطنين بمساحات متعددة وبالتالى القطاع الخاص هو الأساس فى المجال الزراعي سواء على مستوى الفلاحين أو المستثمرين الزراعيين في صورة مؤسسات أو شركات بكل أنواعها، والآن الدولة المصرية تنطلق فى مجالات زراعية أكثر رحابة فى الدلتا الجديدة وسيناء وتوشكى وشرق العوينات، والقطاع الخاص مدعو لكى يكون أكثر تفاعلا فى تلك المناطق وأكثر مشاركة فيها".
يرى الدكتور حسين عيسى رئيس جامعة عين شمس السابق والخبير الاقتصادي؛ رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب السابق، أن شراكة القطاع الخاص فى المشروعات الزراعية القومية لها أهمية كبرى لتمتعه بالكفاءة فى الإدارة والتشغيل، وخلال العشر سنوات الأخيرة كانت الدولة والقطاع الحكومى منهمكين فى مشروعات قومية عملاقة وبنية تحتية ضرورية، وفى ذلك الوقت كان هناك إحجام من القطاع الخاص على الدخول فى مثل هذه المشروعات، لكن الفترة الحالية تشهد اهتماماً كبيراً من القيادة السياسية بمشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المشروعات الجديدة بهدف زيادة الناتج المحلى من 30% إلى 65%، وهذا أول اتجاه، أما الاتجاه الثانى فهو تطبيق وثيقة ملكية الدولة وتخارجها من بعض المشروعات ودخول القطاع الخاص محلها وكذلك طرح عدد من المشروعات القومية العملاقة للتشغيل بمعرفة القطاع الخاص باعتباره أكثر كفاءة من أجل تحقيق أكبر عائد ممكن يفيد الخزانة العامة للدولة ويعود بالنفع على المجتمع والمواطن.
وتابع: "مصر دولة زراعية في المقام الأول، والمزارعون في كل محافظات مصر يتولون زراعة الأرض وبالتالى فالقطاع الخاص مسيطر على القطاع الزراعي وهذا ليس بجديد، لكن لو تحدثنا عن التنمية الزراعية فهذا يعنى إمكانية حدوث شراكة بين الدولة التى تستصلح الأراضي وتجهز لها المرافق ويدخل القطاع الخاص كمستأجر بحق انتفاع أو شراء ليقوم بزراعة الأراضي ويحقق إنتاجاً وفيراً فى المحاصيل يصب فى صالح الناتج المحلى من ناحية وفى صالح التصدير من ناحية أخرى لاسيما أن هناك إقبالا كبيرا على صادرات مصر الزراعية فى آخر خمس سنوات".
قال الدكتور عمرو يوسف أستاذ الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية المساعد؛ إن الدولة تركز جهودها فى ملف التنمية الشاملة خاصة فى المجال الزراعي لعدة أسباب أولها تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض السلع الغذائية الأساسية والضروريات التى تقوم الدولة بزراعتها أو حتى استيرادها من الخارج وبالتالى وجود أزمة فيما يتعلق بتوفير العملات الأجنبية لتحقيق هذا الغرض ولذلك فتشجيع القطاع الخاص على الدخول فى هذا المجال يوفر على الدولة مواجهة تلك التحديات منفردة.
أضاف: "القطاع الخاص يستطيع جذب العديد من الأيادي العاملة فى قطاع الزراعة والمنتجات الغذائية، ما يساعد على حل مشكلة البطالة جزئياً ولذلك ومن منطلق أن تأمين الغذاء ضمن أهم الأهداف الاستراتيجية ومظها من مظاهر قوتها تأتى جهود الدولة مجتمعة ومركزة فى هذا المجال خاصة ضمن مفاهيم الاكتفاء الذاتي بل وتعظيم الاستفادة من فرص فتح أسواق جديدة حول العالم لمنتجاتها الزراعية والغذائية".
وتابع: "يلعب القطاع الخاص دورا مهما فى عجلة الاقتصاد والتنمية، إذ يسهم بنسب عالية فى دفع النشاط الاقتصادي قدما وانعكاسا لذلك يأتى اهتمام الدولة الكبير بقطاعات التصنيع والإنتاج بإشراك القطاع الخاص جنبا إلى جنب مع القطاع الحكومى، فقد قدمت الدولة العديد من المبادرات الخاصة بتهيئة المناخ بل وإفساح المجال رويدا رويدا للقطاع الخاص كى يتولى العديد من المهام الصناعية فكانت هناك مبادرات رئاسية عدة فى هذا المجال وكان آخرها وثيقة سياسات ملكية الدولة والتى تؤصل لفكرة تخارج القطاع الحكومى وترك القطاع الخاص بما له من إمكانات وخبرات متراكمة فى بعض المجالات، ونرى أن القطاع الخاص بمصر هو شريك رئيسى لسبل التنمية الشاملة بل وعامل أساسى لإنجاح خطط الدولة نحو استدامة النشاط الاقتصادى بكل أنواعه سواء كان زراعياً أو صناعياً أو تجارياً أو حتى بشريا.. حيث استطاع القطاع الخاص فى الآونة الأخيرة فتح المجال أمام خلق فرص وظيفية بل وتعليمية وأضحت المؤسسات الخاصة صاحبة كيانات تعليمية وتدريبية ما يساعد الدولة نحو خلق التنمية بمفهومها الشامل".
قال الدكتور حامد عبد الدايم الأستاذ بمركز البحوث الزراعية؛ القطاع الخاص شريك أساسى فى عملية التنمية ولا توجد أى دولة فى العالم تقوم بنهضة حقيقة فى جميع المجالات إلا بمشاركة القطاع الخاص، فى حين يكون دور الدولة إرشادياً وتوعوياً وتخطيطياً وتشريعاً فقط، أما التنمية فى شتى المجالات فيقوم بها القطاع الخاص لأنه بعيد عن البيروقراطية والروتين فهو حريص على وضع الأهداف وضرورة تحقيقها والإصرار دوما على النجاح فى المشاريع ولا مجال لديه للحديث عن الفشل، ولا رفاهية فى الوقت وإهداره، ولذلك وجب إعطاء فرص كبيرة وكثيرة للقطاع الخاص.
وتابع: "تأتى أهمية إشراك القطاع الخاص فى تنمية القطاع الزراعي فى قدرته على إنتاج زراعي وفير سواء محاصيل خضر أو فاكهة كذلك فى زيادة الصادرات الزراعية للخارج، لأن القطاع الخاص يمتلك مزارع تتبع الأساليب العلمية والمعايير السليمة فى الزراعة لأنه في النهاية يسعى إلى التصدير ولذلك يهتم بإخراج منتج زراعي متفوق عن مثيله في كل العالم".
وأضاف: "لعلنا نعلم أن معظم المشاريع الزراعية الاستثمارية الناجحة؛ جاءت من رحم القطاع الخاص وليس الحكومى وهو أمر لا بد من التحدث فيه والإشارة إليه بمنتهى القوة، ففى أى مشروع الدولة تخطط وتدعم وتجهز لكن الشركات الخاصة الكبرى هى من يتولى العمل، لذلك مزيد من الفرص ومبادرات التشجيع تقدمها الدولة هذه الفترة للقطاع الخاص لأجل زيادة المشروعات الاستثمارية العملاقة".
أشار إلى أن أهمية إشراك القطاع الخاص فى الاستثمار فى المشروعات الزراعية تتمثل فى توفير العملة الصعبة، وزيادة الإنتاج والربحية، خاصة أنه يمتلك القدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة والمعدات والآلات المتطورة، لأن الزراعة الآن صناعة بمعنى أنها ليست عملية زرع وحصاد تقليدية كما كانت من قبل فى زمن الأجداد فالزراعة الآن تعتمد على التكنولوجيا الحديثة ومن يملك توفيرها هو القطاع الخاص ودليل ذلك أن جميع المشروعات الزراعية الحديثة فى مصر يمتلكها القطاع الخاص لاعتماده على أحدث تكنولوجيا بالعالم بداية من الأرض والتسوية وانتقاء البذور والشتلات والغرس والزراعة والمعدات والمعاملات وحتى جنى المحصول وجمعه وتعبئته ومعظمها يقوم على الميكنة".
قال الدكتور إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات؛ إنه يجب تحسين مناخ الاستثمار أمام القطاع الخاص، فدوره قائم منذ زمن ولكن تهدف الدولة فى الفترة الحالية إلى زيادة استثماراته فى مختلف القطاعات فى مقابل تقليل دور القطاع العام، لذلك أعلنت الدولة عن برنامج التخارج والخصخصة وما شجع على ذلك "المنافسة" التى هى أهم ما يتميز به القطاع الخاص.
وتابع: لا شك أن القطاع الخاص فى الأصل هو المسؤول الأول عن الإنتاج سواء السلعى أو الخدمى وذلك لأن النظام الاقتصادى المصرى هو نظام حر أو رأسمالى قائم على أكتاف القطاع الخاص ويكون فيه الدور الحكومى تنظيمى ورقابى والمتابعة وعندما يقصر القطاع الخاص هنا تتدخل الحكومة فى المشروعات، ولمزيد من التشجيع للقطاع الخاص على الدخول فى المشروعات القومية سواء الزراعية أو الصناعية يجب وضع مزيد من التشريعات القانونية التى من شأنها تيسير الإجرءات على القطاع الخاص وكذلك تقديم التسهيلات كأن تعلن عن توفير الأراضي للراغبين من القطاع الخاص لإقامة المشروعات المختلفة بأسعار فى المتناول وأن تقوم بعمل المجمعات الصناعية والمشروعات الزراعية ويتولى القطاع الخاص إدارتها بشروط انتفاع معلنة ومجزية لجميع الأطراف.
اترك تعليق